” حروف لا تنام ” .. خواطر للشاعر محمد الشرقاوي
( ١ )
لا طعمَ للعيدِ والأوطانُ تنهارُ
في كلِّ ثانيةٍ تشتدُّ أخطارُ
مِنْ كُلِّ ناحيةٍ ذئبٌ يُداهِمُنا
والناسُ في لهوِهِم مَوتَى وأصفارُ
( ٢ )
وإليكَ وحدكَ ربَّنا وجبَ الرجوع
أرضُ النبوةِ تشتكي عطشًا وجوع
ماذا يقولُ الحرفُ عن مأساتنا :
كفرٌ يصولُ وشمسُنا تأبى السطوع
( ٣ )
وقرأت في العينين آلاف المحن
الله يعلم بالخفاء وبالعلن
يأجوج يقتحم المدينة هادما
أسوار ذي القرنين في القدس الوطن
يا أيها الأمراء ما أقوالكم
يوما ستدنو الشمس يحترق البدن
لا تطلبوا عفوا هناك فإنني
خاصمت من خذل الجياع ومن طعن
( ٤ )
واعلمْ بأنَّكَ يا أخاهُ خذلتني
ونقضتَ عهدَ اللهِ حين تركتني
لا تَدَّعِ الإسلامَ إنَّكَ كاذبٌ
ما الدينُ إلَّا إنْ أشَرتُ أجبتني
( ٥ )
يا مَنْ تَشهدُ أنَّ اللهَ إلهٌ واحد
يا مَنْ تقضي كلَّ الليلِ بقلبٍ ساجدْ
يا من تبدو في نظراتِ العالمِ عابدْ
صِفْ لي كيفَ لَبِستَ العارَ وأنتَ تُشاهِدْ
( ٦ )
انظُر بقلبٍ غاضِبٍ في كُلِّ حينْ
واصرخْ هُنالك أينَ صوتُ المسلمينْ
ركنُ الجهادِ الآنَ فرضٌ واجبٌ
قبلَ الصلاةِ ، على جميعِ القادرينْ
أرضِي وعِرضِي في أصابعِ كافِرٍ
وشعوبُنا تجري وراءَ المطربينْ
فاغضبْ لربِّكَ إنْ أردتَ شفاعةً
من رحمةِ الرحمنِ نحو العالمينْ
( ٧ )
وتبقى الكرامةُ لن تنجرفْ
وعن صوتِ غزةَ لن تنصرفْ
ومرت عقودٌ وراءَ عقودٍ
وشعبُ العروبةِ لم يعترفْ
( ٨ )
وأسمعُ صوتَ سوداني
غباءُ القومِ أرداني
وهبتُ الخيرَ أزمنةً
وصار الجوعُ عنواني
( ٩ )
يكفي العروبةَ قسوةُ الإذلالِ
ماتَ الحياءُ وغابَ صوتُ رجالِ
كنتم أعزَّ الناسِ عصرَ المصطفى
صِرتُمْ أذلَ الخلقِ دونَ جدالِ
ماذا يكونُ الردُّ يومَ حسابِكمْ ؟
هذا التخاذلُ فاقَ كلَّ ضلالِ
هَيَّا اهبطوا نحو القبورِ فإنَّها
خيرٌ لكمْ مِن عيشةِ الأنذالِ
( ١٠ )
حرموكَ مِن أجرِ الجهادِ الغالي
فحرمتَ نفسَكَ رِفعةً بمقالِ
مِن أخبثِ الصفَحاتِ صفحةُ صامِتٍ
كالفأرِ يَهربُ مِن خُطى الأبطالِ
لا باركَ الرحمنُ في أعمارِكمْ
يا مَن تركتُم دمعةَ الأطفالِ
سيزولُ هذا الكربُ حتمًا إنَّما
أوزارُكم ستظلُّ مِثلَ جبالِ
( ١١ )
وأميرةٌ قد صانها الإيمانُ
مهما تمادى الظلمُ والعدوانُ
نورٌ مِن الرحمنِ يملأُ قلبَها
لمْ تُلْقِ بالًا إنْ هوى العربانُ
يئستْ مِن البشرِ الذين تزاحموا
في سجنِ خوفٍ صاغهُ الشيطانُ
لكنَّها لبستَ ثيابَ كرامةٍ
هي للبطولةِ والفِدا عنوانُ
( ١٢ )
وتحيطُ بالبُلدانِ ريحٌ عاتيةْ
وبِلا صمودٍ سوفَ تغدو أُضحيةْ
حان انطلاقُ الفكرِ دونَ مخافةٍ
لن يُنقِذَ الأوطانَ مسحُ الأحذيةْ
( ١٣ )
وإذا خرجتَ مِن القطيعِ
فأنتَ في
مرمى السهامْ
مِن كُلِّ شيطانٍ رجيمٍ
ساق أقوامًا نيامْ
لبسوا رداءَ الذلِّ
ثم الصمتِ خوفًا
من تلاشي الأمنِ
أو نقصِ الطعامْ
فاصعد بعقلِك
في سماءِ الفكرِ
واكتبْ صفحةً
تنجيكَ يومَ الحشرِ
مِن قاعِ الظلامْ
( ١٤ )
وأشدُّ ما يُلقيكَ في بحرِ الجنونْ
أنْ يحصدَ التكريمَ مِنَّا الساقطونْ
أنْ يسكنَ الليلُ المخيفُ مدائني
والناسُ في نومٍ عميقٍ سابحونْ
( ١٥ )
وإذا رأيتَ اللصَّ يَحظَى باحترامْ
فابصقْ على كلِّ السُّكارَى والنيامْ
وارفع إلى ملكِ الملوكِ خُصومَتَكْ
واهجر بِلا ندمٍ معاملةَ اللئامْ
هُمْ في عيونِ اللصِّ طيفٌ زائلٌ
ما زارَهُمْ مِن نَخوةٍ يومًا جرامْ
هُمْ أصلُ كُلِّ هزيمةٍ لَحقتْ بِنا
هُمْ حاربوا التوحيدَ مِن أجلِ الظلامْ