المستشار عبدالعزيز مكي يكتب : أضاعتها الهموم الثِقَال دون لزوم .. وأعادتها الآمال
احرص بحصافة منيرة وصدر مُنشرِح على قدر ما تستطع بعزيمة الرجال بأن تتسع المسافة بين الفرح عندك وعندي وبين الحزن مَسِيرة أميال ، بموجب إتفاق صُحبة وفِية مدرارة ، دون رهبة ، بين عقلك وقلبك وروحك ، وآفاق رحبة ومهابة ، واستهدي بمنارة وقيثارة وبريق أمل رقيق يطال المُزن ، سائح عائد .. وجَلَد الجبال على شتىَ الشدائد .. حتى ينحسِر الحزن في مُنعَرج الأحراش وتضيق عليه الخناق البتة بكل الحرَج مُنبتة عنك أيا ما تكون الظروف .. لتندمل جروحك …..
وتَهِل نسائم الفرَج السعيد ليطل ذات يوم بطلتِه على كل من صبَر وصدَق وائتمر بمعروف وأخذ بالأسباب كمن أعَدَ لحج واعتمر . وكصوم الصائم الأَبِي للستة من بعد عيد الفطر ..
وكأنها كفارة العمر كله تكتمل للتائب تتحصل فيمن عتَق رقاب الفرح من سجن الحزن الحبيس ومذلته .. وأطلق العنان للآمال ولا يزال يحاول دون حرَج …..
فرِحًُ فرح الرضا والطمأنينة والسكينة ويقين التوحيد في الواحد الأحد كل العون والسند .. فرح العفو والصفو والمسامحة منك ، والحقوق أداء وقضاء بمرونة والثوابت مكنونة والفطرة السَوِية خير شاهد ولله دُر من أيقن ونَضَج وجاهد كيف خَرج من النوائب والمحن فلا إحتَج ولم يزايد ولا زَجَ بنفسه في غياهب اليأس بغير صبر يحتسب ولا حمد ولا شكر بالغي السداد
فلا فِرِحَ فرح إبليس ولهوه بخيريته على آدم في مادة الخلق ينقش بقلم الشكوى على الحجر الأصم ، فيذل أقوام ويظل يلاحق العباد بالغي
ولا في خيلاء فرعون وزهوه بخيريته المُدعَاة على النبي وبالأوتاد ، الذين كم طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد ، فغرقوا في اليم
ولا فرح قارون وكفره بالنعمة دون شكر ، ولا مباهاة أهل العصرٍ بأموال وعيال ومبان وضِياع ..
ولا بأس من حزن قادم من رقة القلب وتدارك لما فات من الخير وكظم الغيظ ، ولا من يشارك الغير في فقد عزيز أو في حق بالظلم قد ضاع بغير تعسف ولا تزاحم ولا تكالب ولا طمع ولا عداء ،
بل أُنذِر من حَزِن حُزن النادم على الدوام القانط المستسلم للهم المُحبط للنفس ، الذي لا يرى في
الغير أي خير ، ولا في الأقدار إلا الصادم ، ولا في القرار إلا أغلال ، ولا في اليوم إلا مجرد ركام الأمس أطلال ، ولا في الغد إلا البقية من الشر والكدر في عمر ضاع كله هَدَر وإن طال ..
فلا الحزن حائل كالرضاء بالقدر ولو فيه إبتلاء وصادق الدعاء ، سيغير قضاء ولا سيرد قدر
ولا التحمل والإقدام والتفاؤل فيه ما يؤلم السائل
ولا الدنيا بكل ما فيها ، جنة الخُلد ، ولا كل البشر ملائكة
ولا كل الأوضاع طوال الوقت شائكة هنا وهناك وقد قدر فيها المزج بين هذا وذاك .. من كسر الخاطر لجبر الخاطر والظلمة للضوء والبرد والحر والقرب من بعد البعد والهدوء يسبق ويلحق العاصفة والخسارة الهادفة للكسب والخطأ الهادي للصواب ..
فمن زرع حصد ، ومن سعىَ وأخلص زاد ، ومن ظَلم وإدعىَ أفلس وإنهزم وفسَد ، ومن أراد وإتصَل وصَل ، ومن يعمل ويجتهِد ويقنَع ويزهَد يجمع ويجِد ، ومن تَعلَم الآن بألا يجذع ويتألم كما كان يفعل من قبل ..
ينعم بالأمان ، وربك الأعلم بالعباد