الدكتور علاء رزق يكتب : البريكس بين تحدى الإحتكار وتصدى الإنهيار (٢)
تناولنا فى المقال السابق أن إجتماعات قمة قازان ال 16 لدول تجمع البريكس جاءت لتعزيز التعاون الإقتصادي لمواجهة التحديات الإقتصادية،وكيفية الإنتقال للتمويل الميسر خاصة لدول الجنوب العالمى،
كذلك وضع تصور لكيفية مواجهة إتساع الفجوة الرقمية والمعرفية خاصة لدول الجنوب العالمي.وكيف أن القيادة السياسية تسعى إلى المشاركة فى وضع تصور لعالم أكثر تنوعا وإستقلالا،
وهو ما يتطلب المشاركة فى البحث عن بديل يقلل الإعتماد على الدولار،لذا فإن ما تم إقتراحه في هذه القمة بضرورة إستخدام العملات الوطنية في التجاره الثنائية قد يمثل أحد البدائل لتحقيق عالم أكثر تنوعا وإستقلالا وهو ما سنراه قريباً على المستوى الثنائي بين مصر والهند والصين وروسيا تحديداً،
وبالتالي ستكون لدول المجموعة القدرة على تحدي الإحتكار السياسي والإقتصادي. وبالتالى يمكن القول أن نجاح مصر يأتى عبر المشاركة في هذه القمة، كتعبير حقيقى عن إمكانية الوصول الى تحقيق الطموحات الإقتصادية المتعارف عليها.
لذا فإن التعامل مع بنك التنمية الجديد قد يكون هو بدايه حقيقية للقضاء على إحتكار المؤسسات المالية لدول العالم النامي.والقضاء على نظام إحتكارى تم إنشائه عام 1944،وهو ما أكد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي من أن الأزمات تدفع الدول للإصلاح الحقيقي بتغيير السلوكيات خاصة من السلوك الإستهلاكي إلى الإنتاجي وبالتالي فإن البدايات لابد أن تكون من خلال سياسات إنتاج.
لذلك فإن تبنى مصر لسياسة الاقتصاد الدائري، وهي نطاق عمل شامل يرسم معالم إستراتيجية الدولة لتحقيق الحوكمة المستدامة والاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية من خلال تبني أساليب استهلاكية وإنتاجية تضمن تحسين جودة الحياة للأجيال الحالية والمستقبلية.سيكون هذا من شأنه ترسيخ لنظام اقتصادى مصرية يحقق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة ،
وبالتالى فإن الفرصة ما زالت قائمة أمام تمكين للشركات الناشئة القائمة على التقنيات من عرض إبتكاراتها
وإختراعاتها أمام الشركات الرائدة عالمياً في هذا المجال بهدف اختيار الابتكارات الأكثر تطوراً وإرتباطاً بالتحول نحو
الاقتصاد الدائري.لذلك فإن وجود مصر ضمن مجموعه البركس قد يكون بداية نحو بناء إستراتيجية للصناعة والعلوم
والتكنولوجيا تقوم على تهيئة بيئة الأعمال المناسبة والجاذبة للمستثمرين المحليين والدوليين في القطاع الصناعي،
مع دعم لنمو الصناعات الوطنية وتعزيز تنافسيتها،وتحفيز الابتكار وتبني التكنولوجيا المتقدمة للإرتقاء بالأنظمة والحلول
الصناعية، ورفع مستوى الإنتاج، وخلق ميزات تنافسية في مجالات جديدة،
ما نؤكد عليه أن ثمار عملية الإصلاح الإقتصادي التى بدأت فى نوفمبر 2016 ستؤدى حتماً إلى إرساء أسس متينة
تسهم في تعزيز مكانة الدولة كوجهة عالمية رائدة في صناعات المستقبل، والترسيخ لثقافة الإبتكار في الجمهورية
الجديدة والتى وضعت رؤيتها حتى عام 2030 فى ثلاث مجموعات من مؤشرات الأداء،
الأولى تمثلت في أن يصل معدل النمو الحقيقي إلى 12% عام 2030، ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي
يصل إلى 10000 دولار أمريكي، وحصة الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من إجمالي الناتج العالمي الحقيقي تصل
إلى 1%، ونسبة الفقراء تصل إلى 15%، ونسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي تصل إلى 75%، ونسبة
العجز الكلي إلى الناتج المحلي الإجمالي تصل إلى 2.28%، وعدد شهور الواردات السلعية التي يغطيها صافي
الاحتياطيات الدولية تصل إلى 10 شهور، ومعدل التضخم يتراوح بين 3-5%، ومعدل البطالة يصل إلى 5%، ونسبة
مشاركة المرأة في قوة العمل تصل إلى 35%، ومعدل الخصوبة الكلي يصل إلى 2.4 طفل لكل سيدة، وأن تصل مصر
إلى المرتبة ال30 في مؤشر بيئة الاقتصاد الكلى، وان يبلغ معدل النمو الصناعي 10%.
والمجموعة الثانية وهي المؤشرات الخاصة بالمخرجات وتمثلت مؤشرات الأداء في أن تصل نسبة القيمة المضافة
الصناعية من الناتج المحلي الإجمالي إلى 18%، ونسبة التجارة السلعية والخدمية تصل إلى 65%، ونسبة صافي
الميزان التجاري تصل إلى 1%،ونسبة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي تصل إلى 75%،
كما حددت المؤشرات على مستوى المخرجات أن تصل نسبة الصادرات مرتفعة المكون التكنولوجي من إجمالي
الصادرات الصناعية المصرية إلى 6%، وصافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة تصل إلى 30 مليار دولار،
وجاءت المجموعة الثالثة لتعبر عن مؤشرات الأداء المتعلقة بالمدخلات وحددت أن تصل الضرائب على الدخل إلى
22.5%، وضريبة القيمة المضافة تصل إلى 10%.لذلك فإننا نؤكد على أن تحقيق التنمية الاقتصادية في مصر لابد أن
يكون بالإعتماد على مواردنا الذاتية، سواء من حيث الإستثمار أو الوعي أو تطوير القدرات، وترجمتها إلى سياسات
فعالة، تعود بالفائدة على مصر، وذلك من خلال إعداد استراتيجيات قادرة على تحقيق رؤية مصر 2030 .
كاتب المقال رئيس المنتدى
الإستراتيجى للتنمية والسلام