الإعلامي محمود عبد السلام يكتب : موت شاعر

عندما يموت شاعر ، ترحل اغنية ، وتبكى سحابة ، وتُسقْط شجرة اوراقها ، عندما تنحنى هامة شاعر أمام جلال الموت ، تنحنى معه مئات القلوب التى ارتوت من معين ابداعه ،
الشاعر ليل من السهد ، وحزن شفيف ، وحب عفيف ، الشاعر وطن ونهر وعلم ، الشاعر ضمير أمة ، وصوت للحق ، الشاعر زرقاء يمامة يدق اجراس الخطر اذا رأه قادم من بعيد ، هو النبوءة ، وهو الحلم فى زمن عز فيه الاحلام ،
عندما يموت شاعر تحزن الأكوان ، الشاعر حياته أرهاق ومعاناه ، يطارد القصيدة المراوغة ، فتفلت منه المرة بعد المرة حتى يتمكن ويأخذها فى أحضانه حتى تستقر وتمنحه نفسها ،
الشاعر هو الشاعر فى كل زمان وكل مكان ، مجموعة من المشاعر ملتهبة الأعصاب تسير فى الدنيا على اشواك ، يبحث عن ضالته فى الحكمة المنشودة فى صدق الكلمات ونحت المعانى وتقديم الأفكار ،
اليوم رحل عنا واحد من أصدق الشعراء ، رحل الطيب الجميل صادق الاحساس محمد ابراهيم ابو سنة ، الشاعر
والاعلامى والناقد ، لم اقابله يوماً فى الإذاعة الا ويعلو وجهه أبتسامة الزاهد ، المدرك لطبيعة رحلة الحياة ومدرك
أيضاً لنهايتها الحتمية ، لم يصارع على الدنيا كبطل يرووم منها الكثير ، لكنه خاضها كبطل اغريقى يعرف نهاية ومصير
كل كائن حى ،
فى بيته بمصر الجديدة جمعنا لقاء ، دار النقاش حول الإبداع ، كنت مهموم برصد لحظة ولادة الفكرة ، وتسجيل اول
بريق لفكرة مبدعة جديدة أيا كان نوع الابداع ، شعر .. قصة .. رواية .. اغنية .. لوحة ،
تختلف الفنون كما شاء لها الأختلاف ، لكنها جميعاً تتفق على بداية واحدة ، وتنطلق من نفس اللحظة ، لحظة الابداع
، امتد بنا الحوار الدافئ طويلاً وعندما قارب اللقاء على الأنتهاء طلبت منه تذكار ، وما أحوجنى ان اضم الى مكتبتى
تذكارات من هؤلاء المبدعين ، حتى الجأ اليها اذا ما امتدت يد القحط ومست مشاعرى ،
فأخذ ورقة وكتب الى الصديق محمود عبد السلام
آن أن نعترف
أن الزمان أختلف
أن الطيب أنتهى
وأن اللبيب أحترف
محمد ابراهيم ابو سنة
القاهرة فى ابريل لعام ٢٠٠٠
أللهم أرحمه وأغفر له وأسكنه الفردوس الأعلى وبارك لنا فى عمرك أخى الغالي وربنا مايحرمنا من مقالاتك المبدعة