الإعلامي محمود عبد السلام يكتب : الشتاء

الانسان يشبه فصول السنة ، البعض يذكرك بالصيف ، ساخن ، متقد الفكر ، واضح المبادئ ساطع طوال الوقت مثل شمس الصيف ، وآخر يشبه الربيع ، زاهى الاحساس ، مقبل على الحياة ، يختار من الالوان المبهج والواضح ، مورق كالشجر ، منفتح دائماً على الحب ، اخضر القلب

اما الخريف فهو يمثل الوسطية تقريباً فى كل شئ ، صفات مقبولة .. محايدة .. ملتبسة أحياناً وواضحة فى آن اخر ، كشجرة مورقة لكنها تحمل من الاخضرار أقله ومن الاصفرار أغلبه ، أكسبته الطبيعة الغموض وقدراً من المرونة ، يجمع بين الهدوء والعواصف المفاجئة

أما الشتاء ، وهو بالنسبة للبعض وبالنسبة لى ، المأوى الذى ألوذ به آخر العام ، أختبئ بداخله ، أسكنه ويسكنني ،

أبوح له ويبوح لى ، أمطاره تغسلني وتعيد الطهارة الى قلبى ، سحب الشتاء لوحات تشكلية تثير الشجن والفكر

والخيال ، تدعو فى تجلى الى الطيران بعيداً عن هذه الأرض المتعبة والمورْهَقة ، يخبو ضوء الشمس فيمنح القدرة

على البوح ، ويشف القلب ويرق الاحساس ، وبين الظل والضوء يقيم الحب البيوت والقصور ويهز المستحيل بعنف

ويكسره ،

ليل الشتاء طويل يسمح لى بالقراءة فى هدوء ، وهل هناك أجمل من كتاب ودفئ ونور خافت ، وأفكار تطير بك حد

السماء فتنظر لكوكب الارض من فوق وتكتشف حجم الأرض الطبيعى بالنسبة للكون الفسيح ، وان يمتد بك الليل

فيمتزج صوت المنشاوى وهو يصدح بسورة الرحمن مع أول زقزقة عصفور فى الصباح يسبح باسم الله الواحد الاحد ،

تسجد وتطلب كما شاء لك الطلب فانت تطلب من الذى خزائنه لا تنضب ثم تطل الشمس مبتسمة حانية تدفق

الدفئ وترسل أشعتها معلنة عن يوم جديد

أنتم يا محبى الشتاء أنتم انصارى فى مواجهة الصيف القاسى ، هيا نحتفل معاً بقدوم الشتاء ، ونحلم بكوب شاى

دافئ فى شرفة تطل على بحر الأسكندرية والسماء غائمة والمطر غزير واغنية لفيروز