صناعة الشائعات باتت وسيلة لضرب الدول وزعزعة استقرار الأوطان ، حيث شهدت فى الآونة الأخيرة تطورا هائلا ولأن الشائعات تستهدف فى المقام الأول تحقيق أهداف الحرب النفسية ، أنشأت وزارات الدفاع في الكثير من دول العالم إدارات خاصة للحرب النفسية تضم خبراء في صنعها ، وتحديد مواعيد وأساليب ترويجها، واستخداماتها لتدمير معنويات جيوش العدو، وتفكيك الشعوب، وإشعال الحروب الأهلية .
هناك الكثير من الأحداث التي توضح أن الشعوب يمكن أن تتعرض للهزائم العسكرية، لكنها تقوم بإعادة بناء قوتها، والاستمرار في المقاومة حتى تحقق الانتصارات، لكن الشعوب التي تتعرض للهزائم النفسية تفقد ثقتها في نفسها، وتشعر بالإحباط والاكتئاب واليأس، وتفقد الحلم، والقدرة على تحقيق الإنجازات الحضارية.
اقول ذلك بمناسبة ما تردد مؤخرا من شائعات حاولت اتهام مصر وتشويه جيشها والنيل من دورها التاريخي في
نصرة القضية الفلسطينية مدعية استقبال ميناء الإسكندرية السفينة “كاثرين ” الألمانية التي كانت تحمل مواد
عسكرية لصالح إسرائيل،
الأمر الذي نفته القوات المسلحة على لسان المتحدث العسكري ، بشكل قاطع نافيا ما تم تداوله عبر وسائل
التواصل الاجتماعى والحسابات المشبوهة وما يتم ترويجه من مساعدة إسرائيل في عملياتها العسكرية جملة
وتفصيلًا مؤكدا ، أنه لا يوجد أي شكل من أشكال التعاون مع إسرائيل لاسيما فى المجال العسكري .
وعبر التاريخ كانت مصر دائما، ولا تزال، مستهدفة من قبل قوى كثيرة على مر العصور، فيقول د. جمال حمدان في
كتابه الأشهر «شخصية مصر» إن «مصر هي قلب العالم العربي، ومتوسطة العالم الإسلامي، وهي تجمع أطرافا
متعددة، مما يجعلها (سيدة الحلول الوسطى)»، ومن هنا، فإن الأشقاء العرب بدورهم مطالبون دائما بالوقوف مع
مصر، لا من أجل مصر فحسب، إنما من أجل الأمن العربي.
ولسنا بحاجة في هذا السياق للتذكير بدور مصر تجاه قضايا العرب ، وخاصة القضية الفلسطينية، باعتبارها قضية
العرب الأولى، فقد خاض الجيش المصري مع الجيوش العربية العديد من الحروب، لعل أهمها وآخرها حرب السادس
من أكتوبر 1973، من أجل فلسطين، هذه الحرب التي عادت فيها الروح للجسد العربي، و اسقطت أسطورة الجيش
الإسرائيلي الذى لا يُهزم ولا يقهر .
ويدرك الأعداء قبل الأصدقاء دور مصر، وأنه لا أمل للعرب في التماسك والتقدم والقوة من دون مصر، وأنها معين لا
ينضب من العطاء الحضاري في مختلف ميادين المعرفة الإنسانية ،
وإصرار مصر على استمرار جهودها لوقف الغزو الإسرائيلي لغزة يُعدّ في حد ذاته إنجازا دبلوماسيا لها، رغم الظروف
والمخاطر التى تعرضت لها في أعقاب أحداث يناير ٢٠١١ وحتى الآن.
ويعلم القاصى والدانى الدور الذى تقوم به بعض الدول الكبرى بهدف تفتيت الأمة العربية وزرع الوهن بها، و اشتدت
هذه الضغوط على مصر في أعقاب قيام ثورة الثلاثين من يونيو العظيمة لإدراكهم الدور المصري
وهو ما أشارت إليه هيلاري كلينتون في كتابها عن مذكراتها عندما كانت وزيرة للخارجية، الذي طُرح تحت عنوان
«كلمة السر 360»: حيث تقول «دخلنا الحرب العراقية والسورية والليبية وكل شيء كان على ما يرام وجيدا جدا..
وفجأة قامت ثورة مصر (30/ 6) ثم في (3/ 7) كل شيء تغير خلال 72 ساعة في مصر…». لقد جاء في هذا الكتاب
الكثير عن مشروع الشرق الأوسط الكبير، الذي كانت تسعى إليه أمريكا منذ غزوها للعراق، مرورا بما أطلق عليه
الربيع العربى وحتى الآن فى ظل الأحداث والصراعات التى تشهدها منطقتنا العربية هذه الأيام وتحديدا فى أعقاب
انطلاق عملية طوفان الأقصى التى نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس في السابع من اكتوبر
الماضي ضد المحتل الصهيوني وما تلاها من مجازر ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة ومت بعدها فى لبنان.
يأتى ذلك في الوقت الذي تتعرض فيه القوات المسلحة فترة الى هجمات من قبل المعادين للدولة المصرية، بل
يسعون بين الحين والآخر لمحاولة بث الأكاذيب ، من خلال حروب الجيلين الرابع والخامس، عبر وسائل التواصل
الاجتماعي، وبعض المواقع والقنوات المناهضة للدولة المصرية، وذلك حول طبيعة عمل الجيش ،
وذلك من أجل تحقيق الاهداف المرسومة بعناية من قبل أهل الشر و قوى خارجية مغرضة ، وأعوانهم فى الداخل ،
ونحن بدورنا نقول لهم هيهات هيهات لن تفلحوا ابدا في النيل من خير اجناد الأرض الذين كانوا ولا يزالون حائط الصد
والملاذ الامن للمصريين ، بل و للأمتين العربية والإسلامية ضد أى عدوان او خطر يتهددهم ، وسيظل الجيش بالنسبة
لكل أبناء الوطن خطا أحمر ممنوع الاقتراب منه أو التشكيك فى وطنيته أو قدراته.
أخيراً وليس آخرا نؤكد أن وزن مصر وثقلها وموقعها في خارطة الصراع لم ولن يستطيع أحد مهما كان تعويضه أو ملأه،