عبد الناصر البنا يكتب : كلب الأهرامات .. البطل !!

عبد الناصر البنا

إهتمت الصحافة العالمية وفى مقدمتها شبكة الـ CNN الأمريكية ، بمقطع الفيديو المتداول على الـ Social Media يوم الثلاثاء 15 أكتوبر عندما شاهد احد السياح وهو يطير بطائرته الشراعية أعلى قمة هرم خوفو . كلبا يتجول أعلى قمة الهرم ، وهو يطارد الطيور ، وسرعان ما إنتشر الخبر إنتشار النار فى الهشيم .

وفى اليوم التالى تدافع السياح على منطقة الأهرامات لمعرفة مصير الكلب ومحاولة إنقاذه ، الصحف والمواقع

الأجنبية إهتمت بالكلب بشكل موسع وأفردت له مساحة كبيرة ، موقع fox 9 علق فى تقرير له ووصف كلب

الأهرامات بالبطل ، أما مواقع التواصل الإجتماعى وموقع إنستجرام وغيرها من المواقع الأجنبية فقد حصد الفيديو

المتداول للكلب ملايين المشاهدات خلال ساعات .

المثير للسخرية أنه فى الوقت الذى يموت فيه الآلاف من أطفال غزة يوميا ، تخوف بعض المواطنين فى الدول الأجنبية

على مصير الكلب ، وطالبوا بإنقاذه وفقا لصحيفة indianexpress ، صحيفه Newsweek بدورها علقت على الخبر ،

وغيرها العديد من مواقع التواصل ، ويبدو أن هذا الكلب قد قام بعمل دعاية للسياحة المصرية يضاهى ما قامت به

هيئة تنشيط السياحه فى عام !!

وهذا من عجائب القدر ، وسبحان الله وكأن هذا البلد له ” تعويذه ” فى السماء كلما ضاق به الحال يرسل الله له

بشرى أو أمارة ، أنى معكم ـ لاتقنظوا من رحمة الله ـ ففى الوقت الذى تراجع فيه دخل قطاع السياحة نتيجة

للأحداث التى يمر بها العالم ومنطقة الشرق الأوسط يأتى ” بوكا ” الكلب البلدى ليضع مصر فى صدارة الأضواء من

جديد تزامننا مع الافتتاح التجريبى للمتحف الكبير ــ سبحان الله ــ

أما خفة دم المصريين ففى مثل هذه المواقف لايمكن أن تمر مرور الكرام ، وقد علق أحد الظرفاء على صورة

للمستشار تركى آل الشيخ رئيس هيئة الترفيه ويبدو فيها أنه مهموما وحال باله يقول : بعد ماصرفت المليارات على

نقل الطيارات الخرده علشان أعمل دعاية للسياحة السعودية ، يقوم كلب بلدى يخطف منى الأضواء فى غمضة عين !!

الناس إللى سألت على مصير الكلب ، أقول لهم إطمئنوا ، هناك مقاطع فيديو متداولة تظهر الكلب يهبط من أعلى

قمة الهرم بمهارة تفوق مهارة صعوده إلى القمة ، ومش عاوز أقول كمان إلتقطت له مقاطع تانيه وهو يمارس الحب

مع عشيقته ، وأكيد دى ضريبة الشهرة . أما عن وفاء الكلاب فحدث ولاحرج ، زمان كان عندنا فى البلد كلب بلدى

إسمه ” سعد ” ، وعيت على الدنيا وسعد يعد أحد أفراد العيلة ، اللى رايح الدكان يروح معاه ، المسافر يوصله لغاية

مايركب ، أخويا الكبير وهو نازل أجازة من الجيش فى فتره السبعينات يلاقيه مستنيه على البحر ، مع العلم انه بعيد

عن بيتنا 3 كم تقريبا ، طيب إيه إللى عرفه بمواعيد أجازته .. الله أعلم ، والغريب أنها ليست مرة ولا إتنين لا والله دول

كتير ، نروح بالليل علشان نسقى الزرع يروج معانا ومره يجرى قدامنا ومره .. ورانا إيه الوفاء دا كله ياعم سعد !!

الكلاب من أذكى الحيوانات التى إستأنسها الإنسان ، ويكفى الكلب فحرا أنه ذكر فى القرآن الكريم يقول الله تعالى

فى سورة الكهف ” سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ .. ” ــ ” وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ .. ” والكلب فى الحضارة

الفرعونية كان رمزا للوفاء والقوة ، وكانت الكلاب ترافق الفراعنة فى رحلات الصيد والقنص وحماية الممتلكات ، وكانوا

يطلقون عليها الكثير من الألقاب مثل “الرفیق المخلص”، و”المھاجم الجسور”، ولقد خلدت لنا الحضارة المصرية

القديمة صورا للكلاب على جدران المعابد ، بل وأقاموا لها المقابر إلى جوار مقابر أصحابها ، وقدسوا الكلاب لدرجة

أنهم رسموا الإله “ أنوبيس” على هيئة كلب !!

هذه المكانة الكبيرة التى حظيت بها الكلاب فى حضارتنا القديمة تجعل من صعود ” بوكا ” لـ أعلى قمة الهرم أمرا

عاديا جدا ، وحال باله يقول : دا أقل ماعندنا ، أما عن أصل وصفات وطباع ومهارات الكلب البلدى فحدث ولاحرج ،

ويكفي الكلب البلدى فخرا أنه كلب شرس وقوى ووفى لأبعد الحدود ، وشديد التعلق بصاحبه ولديه حاسة شم قوية

، ولكى لا أطيل فالكلب البلدى هجين من أنواع عديدة من فصائل الكلاب ، ولذلك تجده متعدد الأشكال والأوصاف تبعا

للأصول التي نشأ منها ،

والجدير بالذكر أن السينما بدورها خلدت الكلاب ولعلنا نتذكر ” روى ” الذى رافق الفنان صالح سليم فى فيلم الشموع

السوداء ، وكان لى صديق من محافظة الشرقية وكان يؤكد لى أن روى هو كلب إبن خالته ، ومين فينا مايتذكرش

الكلبه ” لاسى ” LASSIE التى كنا ننتظرها يوم الجمعة ضمن فقرات برنامج سينما الأطفال ، وبإعتقادى أن الكلبه ”

لاسى ” لاتقل شهرة عن الكلبة ” لايكا ” السوفيتيه التى دخلت التاريخ من أوسع أبوابه بوصفها أو كائن حى أو أول

رائد يصل إلى الفضاء فى نوفمبر 1957 ، إبان الحرب الباردة بين السوفيت والأمريكان ، فى رحلة اللاعوده إلى أعماق

الفضاء .

شكرا .. ” بوكا ” أولا لأنك حليتها بجرة قلم ، وكمان لأنك أعطيت للناس درس فى الوفاء قل أن نجده فى بنى آدمين

اليومين دول ، على الأقل علشان يبطلوا يقولوا عنك ” كلب شوارع ” وأخيرا وليس آخرا .. لأنك غطيت على مرار

إرتفاع أسعار الخضار والفاكهة والتسعيرة الجديدة للبنزين والبوتجاز بعد ما أكدت حكومتنا المتخبطة أن لجنة التسعير

لن تنعقد إلا بعد 6 شهور ، يعنى إهمدوا بأه ، ودا كله بعد التعبان والطماطم وبص العصفورة والصراحة الواحد مش

عارف يفرح ولا يعيط !!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.