الدكتور علاء رزق يكتب: السيناريوهات المصرية للتوترات الجيوسياسية
مع إطلاق الصين يوم الاثنين الماضي مناورات عسكرية بطائرات وسفن حول تايوان،تؤكد معها تصاعد التوترات الجيوسياسية عالمياً، فالمناورات تهدف إلى توجيه تحذير ضد الأعمال الإنفصالية لقوى إستقلال تايوان، ووفقاً للقانون القائم على مبدأ صين واحدة،الذي بموجبه تعتبر تايوان جزءا من الأراضي الصينية.لذا فإنه يجب أن ننظر إلى التوترات المتزايدة في بحر الصين الجنوبي بإعتبارها واحدة من أكثر القضايا الجيوسياسية حساسية في العالم،
وبالتالى فإن أى تصعيد في هذه المنطقة قد يؤدي إلى تعطيل سلاسل الإمداد العالمية أكثر مما هى عليه الآن،الامر الذى يترتب عليه زيادة تكاليف الشحن وتأخير تسليم البضائع. كما أن التهديدات بإغلاق الممرات البحرية أو فرض قيود على حركة السفن يمكن أن تؤدي إلى تقلبات كبيرة في أسعار السلع والخدمات، مما ينعكس سلباً على الاقتصادات العالمية ومنها مصر،
فهذا الممر البحري ضروري بشكل خاص للسلع الأساسية والمواد الأولية التي تمر عبره للوصول إلى الصين،ومنها إلى العالم.وحتى نبين عمق هذه الأزمة، يتطلب معرفة حجم التجارة التي تمر عبر بحر الصين والتى تقدر بـ 5 تريليون دولار، تشكل 21 % من التجارة العالمية.
لذا ندرك تماماً أن الولايات المتحدة تسعى إلى أن يكون بحر الصين الجنوبي بؤرة للتوتر والنزاعات في ظل الحرب الاقتصادية الشرسة بينها وبين الصين،وأن أي تصعيد في هذه المنطقة سيؤثر بشكل كبير على حركة التجارة العالمية،
كما أن بحر الصين الجنوبي يمثل أهمية كبيرة بالنسبة لدول آسيا وإفريقيا وأوروبا. وإذا تفاقمت التوترات، قد يتأثر
الاقتصاد العالمي بشكل مباشر، مما يؤدي إلى ضغوط تضخمية جديدة في وقت يقترب فيه الدين العالمي من حاجز
315 تريليون دولار.إضافة إلى ذلك، فإن أي تصاعد في النزاع قد يؤدي إلى فرض عقوبات أو قيود اقتصادية على الصين
أو الدول الأخرى المتنازعة، مما سيغير من السياسات التجارية العالمية ويؤثر على تدفق السلع والاستثمارات.
وفي ظل إستمرار الاقتصاد العالمي في معاناته من عدم الاستقرار نتيجة الصدمات المتتالية، يصبح من الضروري
تكثيف الجهود الوطنية لمنع أي تداعيات سلبية قد يؤثر على إستقرار الإقتصاد المصري،وهو ما دعا الحكومة ممثلة
فى رئيس الوزراء إلى تفعيل دور المجلس التنسيقي للسياسات المالية والنقدية في مصر، واستعراض عدد من
السيناريوهات المحتملة للتعامل مع الأحداث الجارية ،سواء عالمياً عبر زيادة التوترات الجيوسياسية في بحر الصين
الجنوبي،
وأيضاً زيادة حده الصراعات في منطقة الشرق الأوسط عبر تصاعد الحرب على غزة ولبنان ،وإحتمالية دخول دول أخرى
فى المنطقة لدائرة الحرب، لذا فإن هذه الأحداث سوف يكون لها تاثيرات سلبية على الإقتصاد المصري، خاصة في
ظل زيادة حالة عدم اليقين،
وهو ما يتطلب منا جميعا ضرورة دراسة وعرض جميع السيناريوهات المحتملة بما يساهم في تعزيز معدلات النمو
الإقتصادي الحقيقى، مع تحديد سقف معين يقترب من التريليون جنية للإستثمارات العامة تساهم بها في زيادة دور
القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي،
وأيضاً في الناتج المحلي الإجمالي حتى يقترب من التريليون دولار ، ونرى أن نجاح مصر في الفترة الماضية في
تحقيق إستقرار فى سعر صرف الدولار كان مرتبطاً بالتنسيق المشترك بين السياستين المالية والنقدية ،
وهو ما إنعكس بالإيجاب على إنتظام تحويلات المصريين العاملين في الخارج بعد وضع عدة مبادرات لتحفيز تحويلاتهم
، مثل مبادرة بيت الوطن التي أدت إلى إستمرار التدفق النقدي بالدولار الى شرايين الإقتصاد المصري والقطاع
المصرفى .
كاتب المقال رئيس المنتدى
الإستراتيجى للتنمية والسلام