عبد الناصر البنا يكتب : السلامة أولا .. تطبيقا لا قولا !!

عبد الناصر البنا

الأسبوع المنقضى حدث فى مصر أمرين لاينبغى أن نمر عليهما مرور الكرام ، ولابد أن يكون هناك وقفة وحساب ؛ فى مشهد مهيب تابعنا إفتتاح الرئيس محطة قطارات صعيد مصر ، المعروفة باسم محطة قطارات بشتيل الجديدة ، بوصفها أحد أعظم وأكبر مشروعات النقل في مصر والمنطقة العربية ، ولتكون واحدة من أعظم المحطات الذكية على مستوى الشرق الأوسط ،

المحطة التى بلغت تكلفة إنشاءها 3.5 مليار جنيه سوف تكون بداية ونهاية قطارات وجه قبلي من وإلى القاهرة ،

وبكده يودع الصعايدة محطة قطارات رمسيس لأول مرة بعد 168 عامًا من الذكريات مع باب الحديد .. ولاعزاء لـ ” قناوى

وهنومة ” !!

القريق كامل الوزير فى كلمته قدم أرقاما مهمة عن مشروعات النقل فى مصر ، وأكد أنه كان لابد من وضع خطة

لتحديث وتطوير منظومة النقل .. إلخ .

والحقيقة أن كل ما قيل عن المحطة كونها أيقونة جديدة للنقل فى مصر وما تحويه من إمكانات ومواصفات وموقع

وطراز ومرافق وخدمات ذكية لا غبار عليه !!

لكن الشىء المحير أنه فى اليوم التالى مباشرة لإفتتاح المحطة يحدث ما يعكر صفو المصريين ويضع العديد من

علامات الإستفهام عما إذا كان حادث تصام القطار الذى وقع فى المنيا كان مدبرا لإطفاء فرحة المصريين ، أم أنه واقع

أصبحنا تعيش فيه وهو الإهتمام بالمظهر أكثر من الجوهر ،

أنا ليس لدى إجابة لما حدث لقطار المنيا ، ولكن بالتأكيد نحن ننتظر نتائج التحقيق الذى سوف تجرية اللجنة

المشكلة من المتخصصين للوقوف على أسبابه الفنية .

السؤال الذى يحيرنى أن هذا الحادث لن يكون الأخير فى سلسلة حوادث الطرق والقطارات فى مصر ، ومازاد الطين

بله الحادث الذى أودى بحياة عدد من طلاب جامعة الجلالة والذى إنفطرت عليه قلوب المصريين والدعاء لأولياء أمور

الطلبة المتوفين والمصابين أن يربط الله على قلوبهم ،

وتأتى الأخبار تباعا أن سائق الحافلة يتعاطى المواد المخدرة ، ولأن الطريق به منحدر شديد لم يتمكن من السيطرة

على المركبة .. إلخ

الحقيقة .. إحنا أحسن ناس فى العالم نرفع شعار ” السلامة .. أولا ” كل مؤسسات الدولة بلا إستثناء ترفع هذا

الشعار ، لكن هل هذا الشعار موجود فعلا ومطبق على أرض الواقع ؟

أنا لا أعتقد ؛ لان المسألة أصبحت تستيف أوراق ويمكن أنا بعد كل حادث دايما أسأل نفس السؤال ، والنهاردة سألت

نفسى : هل حادث الجلالة هو خطأ فردى يتحمله السائق وحده ؟ وهل الطريق الذى وقع عليه الحادث تم مراعاه كل

قواعد السلامة عند تنفيذه ؟ والأهم هل هناك ما يردع كل قائد مركبة متهور أو بتعبير أدق هل على الطريق ما يجبر

كل سائق متهور على التهدئة الإجبارية فى المنحتيات الخطيرة بديلا عن أكمنة الرادارات التى لاهم لها سوى الجباية

أكثر من إهتمامها بالأمان ؟ وهل نقوم بدراسة وتحليل كل حادث للخروج بنتائج تجنبنا وقوعه مستقبلا !!

بل أن البعض ذهب إلى ماهو أبعد من ذلك وتساءل : لماذا تقام جامعة أهلية فى الجلالة أصلا والجامعات فى مصر

على قفا من يشيل ؟

وهل الطالب الذى يتكبد مشقة الذهاب لمدة ساعتين ومثلهم فى العودة قادر على إستيعاب دروسة ؟ الحقيقة

الحادث خلف أسئلة كثيرة قد يقف العقل حائرا أمامها أحيانا ، ولكن من لطف ربنا أننا بننسى ، يعنى حادث يعدى

وتقوم الدنيا ولا تقعد وشويه وننسى .. ودا من كرم ربنا علينا أن كل مصيبة بتبقى كبيرة فى الأول وبعدين ربنا

بيهونها

الموضوع يبدو أنه أكثر من حادث هنا وحادث هناك ، وأنا أقصد المشروعات الكبرى التى تقيمها الدولة فى وقت

قياسى ، وأكاد أن أجزم أن هذا الوقت القياسى هو سلاح ذو حدين

الحد الأول الهدف منه تقليل التكلفة ، لكن الحد الصعب الذى يجرح هو أن العجلة فى التنفيذ قد تصيبنا أحيانا بأخطاء

قاتلة ، خاصة إن لم يكن هذا التنفيذ مصحوبا بتخطيط ودراسة جدوى

وهناك أمثلة عديدة لذلك وأبرزها التخبط الشديد فى تطوير المنطقة المحيطة بالمتحف الكبير تمهيدا للإفتتاح

التجريبى ، وقد تم دعوة الإعلام و الـ Media مؤخرا لمشاهدة الافتتاح التجريبى لـ 12 قاعة وكانت شىء مفرح وأبعد

من الخيال !!

تطوير المنطقة المحيطة بالمتحف الكبير تشهد تخبطا شديدا وغير مغهوم ، تجد العمل يتم على قدم وساق لبناء

كوبرى ينتهى بهضبة الهرم قاطعا طريق الفيوم ، وفجأه يتوقف العمل لا لشى إلا لكون المنطقة تراث إنسانى يحتوى

على واحدة من عجائب الدنيا السبع القديمة ولاتسمح ” اليونسكو ” باى حال تغيير الطبيعة الطبوغرافية للأرض . يتم

تطوير طريق الفيوم بدءا من ميدان الرماية الذى لا أعرف حتى الآن سببا منطقيا لهدمه

وبعد الإنتهاء من عملية التطوير ورفع كفاءة الطريق على أعلى مستوى هو وطريق مصر إسكندرية الصحراوى المواجه

للمتحف الكبير ليتم تسليم الموقع لشركة حسن علام لتقوم بتكسيره لتنفيذ مشروع الخط الرابع لمترو الأنفاق –

مترو الهرم – !!

بعد نزيف الدماء على الأسفلت على طريق الفيوم فى المنطقة الواقعة أمام مدينة حدائق الأهرام يتم إقامة عدد 3

كبارى مشاه على الطريق ؛ وللأسف لايستخدمها أحد حتى بعد تركيب السلالم المتحركة التى لاتعمل حتى الآن

وذلك لسوء إختيار أماكنها .

أن يتفتق ذهن المسئولين لإحاطة المنطقة المحيطة بالمتحف جهة مساكن الرماية والتجنيد بسور يأخذ الطراز

الفرعونى وهذا الشىء جيد ، لكن أن يتم تكسية هذا السور بالحجر الهشمى المستخدم فى الواجهات فهذا هو

السفه بعينه ، لأن المنطقة مناخها صحراوى متطرف شديد الحرارة صيفا والبروده شتاءا والنتيجة أن الأحجار تساقطت

قبل إقتتاح المتحف .

ومازاد الطين بله إقامة نصب تذكارى نحاسى من الفن التجريدى على طريق الفيوم أمام مساكن الرماية مواجها

للأهرامات ، وكأن مصر عقمت عن إقامة نموذج لنصب تذكارى يحمل الطابع الفرعونى . هذا والله سفه وكأننا لسنا

من باكورة الدول التى لديها جهاز للتنسيق الحضارى .. والله عيب ، أما هذا الكم المرعب من النخيل المحاط

بكشافات الليد والـ Spot Light فقد عجز تفكيرى عن فهم جدواه ..

كل هذا فى الوقت الذى يتجاهل فيه المسئولين شىء مهم جدا من وجهة نظرى وهو ربط مدينة حدائق الأهرام

التى يقترب عدد سكانها من المليون نسمة ، وهى المدينة التائهة بين محافظة الجيزة والجمعية التعاونية لبناء

المساكن وتعمير صحراء الأهرام ، وربطها بالطريق الدائرى بكوبرى لايتجاوز الـ 500 متر مرورا بالطريق النازل على

المتحف الكبير من ناحية مساكن الرماية ، وبكده نضرب 100 عصفور بحجر واحد ؛ على الأقل تقليل الكثافات المرورية

على منطقة ميدان الرماية

والله العظيم مصر بلد كبير وغالى علينا ويمكن أبلغ ما قيل عنها بعد كل اللى كتبه الشعراء العظام أمثال ” شوقى

وكامل الشناوى وناجى .. وغيرهم ” ماقاله البابا شنوده ” رحمه الله ــ مصر ليست وطنا نعيش فيه بل وطنا يعيش

فينا ــ تحيا مصر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.