كتبت منذ فترة ليست بالقصيرة عدة مقالات تحت عنوان ” المتحف الكبير.. الحلم يقترب ” تناولت فيها ضرورة أن يكون الاحتفال بالمتحف المصري الجديد أو الكبير كما هو متعارف عليه إعلاميا على قدر الحدث وبما يتناسب مع أكبر وأهم متحف للآثار فى العالم.
واليوم أعود للحديث عن هذا الصرح الثقافي العملاق بمناسبة قرار وزارة السياحة والآثار بعمل افتتاح تجريبي للمتحف وان كنت أختلف مع هذا الإجراء الذي آراه يفقد الحدث كثيرا من الأهمية ويقلل من شغف الملايين حول العالم ممن ينتظرون الافتتاح الرسمي لأكبر وأهم متحف للآثار من حيث الكم والكيف أيضا.
فإذا كان المتحف المصري بالتحرير أول مبنى في العالم انشىء ليكون متحفا ، فإن المتحف الكبير يعد الاضخم في العالم من حيث المساحة فيقام على ١١٧ فدانا و من حيث الكيف فإنه يحوى قرابة مائة ألف قطعة أثرية تحكي تاريخ الحضارة الفرعونية تضم اهم وأجمل مجموعة أثرية عرفتها البشرية وهي مجموعة آثار الفرعون الذهبي توت عنخ آمون والتي تشمل أكثر من خمسة آلاف قطعة أثرية نادرة في القلب منها القناع الذهبي القطعة الأهم والاشهر في العالم.
ففي موقع استثنائي أعلى هضبة الجيزة، يقع المتحف المصري الكبير في مواجهة الأهرامات الثلاثة، في تكوين
هندسي فريد، واستغرق العمل فى بنائه 20 عاماً، ولا يزال العالم يترقّب افتتاح أجزائه الأخرى، وعرض كنوز
الملك توت عنخ آمون، بعد مرور اكثر من مائة عام على اكتشاف مقبرته.
تبلغ مساحة المتحف 500 ألف متر، تزيّنه الحدائق من الاتجاهات كافة (120 ألف متر)، كما يضمّ 12 صالة عرض،
تغطي الفترات من عصور ما قبل التاريخ، وحتى نهاية العصر الروماني في مصر ، وحصل المشروع مؤخرا، على
الشهادة الدولية “Edge Advance” للمباني الخضراء المعتمدة، من قِبل مؤسسة التمويل الدولي، إحدى مؤسسات
مجموعة البنك الدولي، كأول متحف أخضر في أفريقيا والشرق الأوسط، وذلك بعد تحقيق معايير ترشيد الطاقة،
واستخدام الطاقة النظيفة في أعمال البناء، وتركيب الخلايا الشمسية، وأنظمة الإضاءة والتهوية الطبيعية ، وكذلك
حصل المتحف على 8 شهادات “أيزو”، في مجالات الطاقة والصحة والسلامة المهنية والبيئية والجودة، فضلاً عن
جائزة أفضل مشروع في مجال البناء الأخضر ، علاوة على الشهادة الذهبية للبناء الأخضر والاستدامة، وفقاً لنظام
الهرم الأخضر المصري، من المركز القومي لبحوث الإسكان والبناء.
ووفقا للدكتور زاهي حواس، عالم الآثار الأشهر فإن مبنى المتحف المصري الكبير يتميز بقاعات عرض حديثة، ومعامل
ترميم تعدّ من أكبر المعامل على مستوى العالم، وهو مصمّم لاستقبال آلاف السيّاح يومياً” و أن “اختيار تصميم
المتحف، جاء بعد تنظيم مسابقة كبرى شارك فيها 1583 مشروعاً من مختلف دول العالم، وفاز بها مكتب هندسي
من إيرلندا ” و أن “اختيار هذا التصميم جاء نتيجة ربط المتحف بالأهرامات”.
وتعود فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير إلى الفنان فاروق حسني وزير الثقافة آنذاك ، حيث تبلورت الفكرة في
تسعينيات القرن الماضي، ومطلع عام 2002 تم وضع حجر الأساس للمشروع ، حيث أعلنت الدولة المصرية، و برعاية
(اليونسكو) والاتحاد الدولي للمهندسين المعماريين، عن مسابقة معمارية دولية لأفضل تصميم للمتحف، وقد فاز
التصميم الحالي المُقدم من شركة هينغهان بنغ للمهندسين المعماريين بأيرلندا Heneghan Peng Architects، والذي
اعتمد تصميمه على أن تُمثل أشعة الشمس الممتدة من قمم الأهرامات الثلاثة عند التقائها كتلة مخروطية هي
المتحف المصري الكبير. وقد تم البدء في بناء مشروع المتحف في مايو 2005، حيث تم تمهيد الموقع وتجهيزه، وفي
عام 2006، أُنشئ أكبر مركز لترميم الآثار بالشرق الأوسط، خُصص لترميم وحفظ وصيانة وتأهيل القطع الأثرية المُقرر
عرضها بقاعات المتحف، والذي تم افتتاحه خلال عام 2010.
وقد اكتمل تشييد مبنى المتحف، والذي تبلغ مساحته أكثر من 300 ألف متر مربع، خلال عام 2021، ويُعد أحد أهم
وأعظم إنجازات الجمهورية الجديدة؛ فقد أُنشئ ليكون صرحاً حضارياً وثقافياً وترفيهياً عالمياً متكاملاً، وليكون الوِجهة
الأولى لكل من يهتم بالتراث المصري القديم، كأكبر متحف في العالم يروي قصة تاريخ الحضارة المصرية القديمة،
حيث يحتوي على عدد كبير من القطع الأثرية المميزة والفريدة فإلى جانب كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون
ستعرض مجموعة الملكة حتب حرس أم الملك خوفو مُشيد الهرم الأكبر بالجيزة، وكذلك متحف مراكب الملك خوفو،
فضلاً عن المقتنيات الأثرية المختلفة منذ عصر ما قبل الأسرات وحتى العصرين اليوناني والروماني.
يضم المتحف بين جنباته أماكن خاصة بالأنشطة الثقافية والفعاليات مثل متحف للأطفال، مركز تعليمي، قاعات عرض
مؤقتة، سينما، مركز للمؤتمرات، وكذلك العديد من المناطق التجارية والتي تشمل محال تجارية، كافيتريات ومطاعم،
بالإضافة إلى الحدائق والمتنزهات … وللحديث بقية ان كان في العمر بقية.