الكاتب الصحفي عصام عمران يكتب: حرب تحطيم الأساطير !!
مع حلول شهر أكتوبر من كل عام يتجدد الحديث عن نصر أكتوبر المجيد والإنجاز، بل الإعجاز الذى حققه المقاتل المصري خلال تلك الحرب التى مازالت قيد البحث والدراسة في كبريات المؤسسات والاكاديميات العسكرية الدولية
تناولنا الأسبوع الماضي النتائج العسكرية والاستراتيجية التى خلفتها تلك الحرب العظيمة لتكون عبرة ونبراسا للأجيال الجديدة خاصة فيما يتعلق بدحض وكشف أكذوبة الجيش الذى لا يقهر وباتت دربا من دروب الخيال ووهما عاشه الإسرائيليون ست سنوات وحطمه المصريون فى ست ساعات !! .
ونواصل اليوم الحديث عن هذا النصر العظيم وآثاره المتعددة ليس على المنطقة العربية أو الشرق الأوسط فقط بل و على العالم اجمع وسوف نركز في السطور التالية على الآثار السياسية والدبلوماسية .
فوفقا للخبراء والمحللين فإن نتائج الحرب السياسية كانت لها اهمية بعيدة المدي في فهم تطور دولة اسرائيل بشكل عام وعملية السلام بشكل خاص ، حيث ايقنت اسرائيل حدود القوة وانعدام مقدرتها علي فرض السلام علي جيرانها من وجهة نظرها الخاصة. فالحرب افقدت الاسرائيليين براءتهم وتحطمت كل الاساطير التي نشأوا عليها واتضح ذلك في حصار الدبلوماسية المصرية للنفوذ السياسي الإسرائيلي من خلال كسر جمود الموقف الذي أحدثته سياسة الوفاق بين القطبين العالميين خلال هذه الفترة .
كذلك تسبب الانتصار المصري في تحريك قضايا المنطقة والاتجاه بها نحو الحل السلمي رغم البداية العسكرية لها. وقد وضح ذلك منذ اللحظات الأولى للحرب، إذ قرر مجلس الأمن البدء فوراً في التفاوض بين الأطراف المتقاتلة.
فى الوقت الذي كانت تجربة التضامن العربي من اهم نتائج الحرب علي المستوي السياسي كتجربة رائدة يمكن الاقتداء بها في المستقبل مع التأكيد علي ان العمل السياسي التفاوضي الذي بحث التعقيدات في الموقف العسكري خلال مراحل الحرب المختلفة والذي شاركت به الامم المتحدة واطراف عربية ودولية متعددة كان نقطة فاصلة اجبرت الاطراف المتصارعة للتطلع الحقيقي إلى السلام الدائم في المنطقة ونبذ الحروب .
من جهة أخرى مثل نصر أكتوبر 1973 نقطة تحول حاسمة فى تاريخ العلاقات الدولية، بل مثل أعظم درس تاريخى على إمتداد القرن الماضى، فلقد أثبتت معركة النفط وإستخدامه كسلاح إستراتيجى ، أن النظام الدولي انعكاس لواقع موازين القوى الحقيقية، فقد أعتبر رفع أسعار النفط في عام ” 73/ 1974 “، بمثابة إنتصار جماعى للعالم الثالث !! .
وأخيرا وليس آخرا كان للانتصار دوره البالغ في إعادة العلاقات بين مصر، والولايات المتحدة الأمريكية، والتي قطعت في أعقاب حرب يونيه 1967، وإن استمرت في شكل تشاور، من خلال القنوات الغير رسمية، وتطورات العلاقات خلال الاربعين سنة الأخيرة بحيث أصبحت مصر الشريك الاستراتيجي الاول للولايات المتحدة الامريكية في منطقة الشرق الاوسط والمحرك الاول لقضايا المنطقة وخاصة القضية الفلسطينية … وللحديث بقية ان كان في العمر بقية.