نبيل محمد نبيل يكتب : الأمن الثقافى (16).. منصات الهجوم على الشخصية المصرية

محمد نبيل محمد

ننطلق من رأى سيجموند فرويد -يهودى الديانة- فى كتابه (موسى واليهود) ص ١٣: “عقدة اليهود الأزلية هى الحضارة المصرية”، وهنا نعود لفضيلة الأخلاق التى أصبحت مثل شاهد الرماية ــ ربما بكافة أنواع أسلحة –

ونتساءل: كيف انتشرت مفردات (اليوتيوبر) و(البلوجر) والتيك توكر وصانعى المحتوى من نجوم العالم الافتراضى؟”

وربما صادف نشر المقال السابق متزامنًا مع انتشار أخبار أفردت لها وسائل الإعلام الكلاسيكى والرقمى مساحات شاسعة عن وقوع “وحش الكون”،

وبعيدًا عن تفنيد الواقعة التى يصون ويحمى تفاصيلها القضاء -الآن- ما دامت تحت تصرف النيابة، لكن الحديث عن

التناص فى مفردة “وحش الكون” ومَن هو المسؤول عنها؟

هل هى الدراما المنزلية -أقصد التليفزيونية- وهى القصة التى يعرفها المعظم والغالبية من جمهور القراء، وهى أيضًا

تشبه ما سوقته الدراما المنزلية أو الشاشة الفضية عندما انتقم الأسطورة من النمر بأن ألبسه قميص نوم! وتناصت

هذه الحدوتة الدرامية مع واقعة فى المنيا بكل تفاصيلها، ومثل ذلك كثير وعديد للغاية،

ومَن نادى من قبل: أنا الحكومة. ورددها من بعده العشرات والمئات من الخارجين على القانون، هى مفردة تعنى

هدم الدولة مباشرة لمن يعى ويدرك سحر القوة الناعمة وتأثيراتها التى تحدث عنها بول كنيدى فى كتابه “انهيار

وصعود الإمبراطوريات العظمى”،

وكذلك السب والقذف العلنى للمرأة المصرية التى نالت وسام الكمال من جمهوريتنا الجديدة، وأطلق عام كامل

منفصل لها تعظيمًا لشأنها وإدراكًا لقدرها، لكن لم تعِ الدراما هذه الرسالة الصريحة والمباشرة، وفى أخف ألفاظ

تدليلها كانت “البجرة”،

ولا حديث عن الباقى غير المسموح بنشره، ولم يكن الحال بالأفضل لأطفال الجمهورية الجديدة فى الدراما التى أبكت

عموم المصريين عندما ألقى العم بابنة أخيه لغيابات الشارع والمجهول، ولم يحرك ساكنًا لأية فضيلة أو مبدأ أو قيمة

من قيم الإنسانية التى صاغها المصرى الحقيقى، بل هو ذاته مَن نعت طفلته بــ”النصابة” على مسرح عيد الأضحى،

ولو تدخل رئيس الجمهورية بخلقه الطيب -المعهود- بعدم موافقته على نعت الطفلة بهذه الصفة ورد لأطفال مصر

اعتبارهم من الدراما ونجومها، ولِمَ لا وهو مَن خص عامًا كاملًا -أيضًا- للطفل،

لكن هذا التوجه الاستراتيجى تجاه بناء الإنسان من امرأة وطفل وأصحاب الاحتياجات الخاصة تأخر فهمه لدى الدراما

التى هى مَن روجت لحملات هدم النسق القيمى ومنظومة الأخلاق وسلم المبادئ التى علمها المصريون

للإنسانية، كما فند وأنصف هنرى جيمس بريستيد فى كتابه “فجر الضمير”.

من هنا كان السبق للدراما فى نحت اصطلاح “وحش الكون” بكل ما تعنيه من معانى المادة والماصدق كما يقول

المناطقة، فوجب محاكمة النصوص “المقروءة والمسموعة والمرئية” المعادية والمهاجمة على الشخصية المصرية.

ونتساءل معًا: كيف هانت قدسية الحياة الخاصة على رجل البيت وسيدته، حتى يقوما بتصوير حياتهما الخاصة

مباشرة على مواقع التواصل الاجتماعى؟

ونعدد من الأسئلة: مَن أقنع طفل ليتمتع بتعذيب آخرين علنًا ومباشرةً على مواقع التواصل؟

وكيف كان التحليل السياسى مستباح لنجوم التيك توكر لتهميش العقل وتغييبه وتضليله بالزائف والسطحى من

المعلومات؟

ومن أين جاء آخرون من مدعى التدين العلم بالغيب وحرفية قراءة المستقبل وتفسير الأحلام والرؤى؟

وكذلك ما كل هذه الأرقام الكاذبة والبيانات الواهية التى يسوقها المحللون الاقتصاديون على جمهور الإعلام التقليدى

والرقمى؟

ولا نتجاهل هؤلاء الناصحون من خبراء العلاقات الأسرية باتباع قواعد التصرف داخل الأسرة لا لبنائها واستمرارها إنما

لهدمها وفنائها، وغير هؤلاء كثيرون، والأعجب هو أن وسائل الإعلام تقدم كل هؤلاء كمصادر موقرة وراسخة فى

علمها، وتفرد لهم المساحات الزمنية على الشاشة الفضية، والمتعارف عنها بأنها هى الضيف المقيم داخل كل أسرة

وكل بيت.

من خلال الإجابة عن تساؤلاتنا السابقة نرى أنه بات جليًّا أن أخلاقنا فى مواجهة تلك المنصات التى هى بأيدى وأفواه

مصريين من بيننا، لتكون كما رأس السهم موجهة إلى نحر الشخصية المصرية، ما أقرب ذلك الواقع لما نصح ونادى به

موشيه يعلون: “ليس من المتعة أو السياسة أن تقتل عدوك بيدك، فعندما يقتل عدوك نفسه بيده، أو بيد أخيه، فإن

المتعة تكون أكبر، وهذه سياستنا الجديدة أن نُشكِّل مليشيات للعدو، فيكون القاتل والمقتول من الأعداء”. وكما بدأنا

الحديث من مقولة سيجموند فرويد عن كراهية العدو للحضارة المصرية، التى درة تاجها “الأخلاق”؛ نصل إلى موشيه

يعلون الذى ينصح بالتمتع بتأليب الأخوة داخل البيت الواحد حتى يعود من جديد قابيل ليقتل هابيل بإيعاز من هذا

العدو -الأزلى السرمدى- بل ويعود يهوذا من جديد ليقتل براءة الأخلاق وجمالها ثمنًا ومقابلًا لقطع من الذهب من يد

هؤلاء الأعداء.. ألا يشبه هذا حفنة الدولارات المعطاة من مواقع التواصل وتطبيقاتها حال انتشار الفيديوهات الهادمة

للشخصية المصرية التى تعود على حساب هؤلاء اليوتيوبر والتيك توكر والبلوجر؟… وغيرهم ممن نستكمل عنهم

الحديث من نجوم المهرجانات، الذين يتغنون بكل تافه وهادم. من هنا انطلقت تلك المنصات المعادية والهجومية على

الأخلاق المصرية؟ ومن باب (اعرف عدوك) وهى قاعدة مهمة نطرحها فى القادم إن شاء الله.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.