الكاتب الصحفى عصام عمران يكتب : الجيش الذى قهر !!
يمكنك عزيزي القارىء نطق كلمة “قهر ” فى العنوان أعلاه بفتح القاف والهاء في إشارة إلى جيشنا العظيم الذي استطاع هزيمة وقهر جيش الاحتلال في حرب السادس من اكتوبر المجيدة، وكذلك يمكنك نطقها بضم القاف وكسر الهاء في إشارة إلى الجيش الإسرائيلي الذي تجرع القهر والهزيمة النكراء على يد أبطال القوات المسلحة المصرية وباتت مقولة أو عبارة الجيش الذى لا يقهر دربا من دروب الخيال واكذوبة ووهما عاشه الإسرائيليون ست سنوات وحطمه المصريون فى ست ساعات !! .
من هذا المنطلق تحتفل مصر في السادس من أكتوبر كل عام بذكري هذا الانتصار العظيم الذي تتناوله العسكرية العالمية، بالفحص والدرس حتى الآن، وربما لأجيال طويلة مقبلة، نتذكر التضحيات التي بذلها رجال هانت أرواحهم، ولم تهن مكانة الوطن في قلوبهم، يجب التأكيد علي أن هذا الانتصار كانت له نتائج عميقة في كثير من المجالات، على الصعيد المحلي لدول الحرب، والإقليمي للمنطقة العربية. كما كانت لها انعكاسات على العلاقات الدولية بين دول المنطقة، والعالم الخارجي، خاصة الدول العظمى والكبرى.
أثبتت الحرب للعالم أجمع قدرة المصريين علي إنجاز عمل جسور، يستند إلي شجاعة القرار، ودقة الإعداد والتخطيط، وبسالة الأداء والتنفيذ، مما أكد للجميع أن الشعب المصري ضرب أروع صور البطولة ووقف إلي جوار قواته المسلحة.
أكدت حرب أكتوبر استحالة سياسة فرض الأمر الواقع، واستحالة إجبار شعوب المنطقة، كما أثبتت أيضا أن الأمن الحقيقي لا يضمنه التوسع الجغرافي علي حساب الآخرين ولذلك تنبه العالم لضرورة إيجاد حل للصراع العربي الإسرائيلي، وكان من أبرز نتائج تلك الحرب رفع شعار المفاوضات وليس السلاح.
أبرز نتائج الانتصار الكبير في أكتوبر
التضامن العربي الذي ظهر بوضوح في حرب أكتوبر دليل قاطع على بداية شعور العرب ولأول مرّة في تاريخهم المعاصر
بالخطر على أمنهم القومي والاستراتيجي ولذلك توج هذا التضامن بنصر عسكري كبير فخر به الجميع.
ومن أبرز نتائج الانتصار الكبير في أكتوبر أيضاً إعادة تعمير سيناء وبدء مشروعات ربطها بوادي النيل والعمل علي تحويلها
إلي منطقة إستراتيجية متكاملة تمثل درع مصر الشرقية .
وكان لحرب اكتوبر المجيدة العديد من الآثار علي كافة المستويات، السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية،
وسوف نركز في السطور التالية على الآثار و النتائج العسكرية والاستراتيجية التى خلفتها تلك الحرب العظيمة
لتكون عبرة ونبراسا للأجيال الجديدة، حيث أهدرت الحرب اسس الاستراتجية العسكرية لإسرائيل من خلال فشلها
في تقديرها لقوة الدول العربية بقيادة مصر ، وإمكاناتها العسكرية، وفشلت أيضا في تحليل المعلومات المتحصل عليها،
بحيث لم تستطع التوصل إلى نوايا المصريين ببدء الحرب ضدها، وهي بذلك فقدت الأساس الأول لاستراتيجيتها العسكرية،
بالاحتفاظ بقوة رادعة. كذلك أهدرت الأساس الثاني لاستراتيجيتها العسكرية، بقدرة استخباراتها العسكرية على اكتشاف نوايا العرب
لشن حرب ضدها، في وقت مبكر .
خط دفاعي يمكن اختراقه
ثبت ايضا أن خط بارليف ما هو إلا خط دفاعي يمكن اختراقه بالتخطيط الجيد والعزم والتدريب العالي المستوى
وقد أضاع ذلك الأساس الثالث للاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية، بالاستناد إلى العائق الطبيعي القوي (قناة السويس)
في خطوط دفاعية محصنة متتالية.
استطاعت القوات المصرية تحقيق عدة أهداف للخطة الهجومية المصرية منها تدمير حجم كبير من القوات الإسرائيلية
وإلحاق خسائر عالية بالأفراد في القوات الإسرائيلية هذه الخسائر العالية في الأفراد أدي إلى تحول نسبي في اتجاهات الرأي العام الإسرائيلي
إذ بدأ الإسرائيليون آنذلك، يميلون إلى تحقيق سلام دائم مع العرب المجاورين لهم، بدلاً من غزوهم، وتوتر العلاقات معهم.
استطاع النظام المتكامل للدفاع الجوي المصري رغم إنشائه تحت ضغط الهجمات الجوية الإسرائيلية خلال حرب الاستنزاف
من تحييد القوة الجوية الإسرائيلية وحققت الخطة المصرية الهجومية مفاجأة استراتيجية ونجحت بذلك في شل وإرباك القيادة الإسرائيلية،
على مختلف المستويات، في المراحل الأولى من الحرب. وقد مكنها ذلك من تحقيق هدف آخر، وهو بناء رؤوس كباري شرقاً، واستقرارها وثباتها.
إهدار نظرية الأمن الإسرائيلي
وكذلك استطاعت العناصر المكلفة بعرقلة تحركات القوات الإسرائيلية من تحقيق اهدافها من خلال إجبار إسرائيل على القتال
في أكثر من جبهة في نفس الوقت، مما شتت جهودها، وأضعفها على الجبهتين.
كما نجحت الاستراتيجية العسكرية المصرية، في إهدار نظرية الأمن الإسرائيلي، في معظم نقاطها، فلم تستطع العوائق الطبيعية القوية
بين القوتين منع المصريين من بدء الهجوم، كما لم يحقق احتلال شرم الشيخ ضماناً للملاحة الإسرائيلية في خليج العقبة،
ولم تحقق القوات الجوية المتفوقة ردعاً للمصريين، واستطاعت مصر أن تدير أعمالا قتالية بالغة العنف ضد إسرائيل فترة طويلة من الزمن نسبياً،
ما أثر على المجتمع الإسرائيلي واقتصاديات الدولة، وأدى التنسيق مع الجبهة السورية، قبل بدء القتال وفي المراحل الأولى،
إلى تشتيت الجهود الإسرائيلية على جبهتين، وتمكنت خطة الخداع الاستراتيجية من تضليل القيادة الإسرائيلية السياسية والعسكرية.
إعداد الدولة للحرب على أسس علمية
فى ذات الوقت نجحت القيادة السياسية والعسكرية، في إعداد الدولة للحرب، على أسس علمية، وساعد ذلك على تنفيذ الحشد والفتح الاستراتيجي للقوات، طبقاً للخطة “بدر ” ، ومن خلال خطة خداع استراتيجي معقدة، دون مشاكل تقريباً، ودون أن تفطن القيادة الإسرائيلية و كان للإعداد الجيد سياسياً، أثره في دعم الموقف العسكري عند بدء القتال بنجاح خطة الإعداد السياسي في عزل إسرائيل عالمياً، كذلك نجحت خطة إعداد الشعب للحرب، إذ تجاوبت الأجهزة الشعبية لتوعية الشعب، ووضح ذلك في الدفاع عن مدن القنال الرئيسية.
اخيرا وليس آخرا استطاعت الاستراتيجية العسكرية المصرية، الاستفادة بالطاقات العربية، بقدر محدود نسبياً، سواء بالدعم المالي، أو شراء الأسلحة اللازمة أحياناً، أو الدعم بالقوات، المحدودة أحياناً أخرى. وقد نجح ذلك في تجنب كثير من المواقف الصعبة، خاصة في الأيام الأخيرة للحرب …. وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.
Omran666@hotmail.com