محمد نبيل محمد يكتب : معرض كتاب السويس وبناء الإنسان(٢/٢) .. الأمن الثقافى (١٤)
من دلالات قوة الثقافة ان يكون الجميع تحت علم الوطن سواء.
ونستكمل الحديث معا عن معرض كتاب السويس الذى كانت ندواته الأدبية والفكرية فارقة فيما قبلها من معارض؛ فإلى جانب ندوات تتناول أدب المقاومة الذى اشتهر به شعراء وقصاصو السويس على مدار تاريخ هذه المدينة التى رفضت الحصار -دائمًا- كان هناك أيضًا اهتمام من إدارة الهيئة المصرية العامة للكتاب بتنوع الندوات؛ فجاءت بندوة عن أهم قضايا التنمية المستدامة التى تحوز على الحظ الأكبر من اهتمام العالم المتقدم -الآن- وهى قضية الذكاء الاصطناعي وآلياته التى تحقق للوطن الفائدة المستهدفة، وتجاذب أهالى السويس مع مفكريها وضيوف الندوة ذات العنوان الجديد حوارات دالة على عمق وتفهم السوايسة لمتطلبات بناء الإنسان، كانت حوارات مفعمة بالعلم والثقافة والوطنية.
والمشهد الأكثر ألقًا فى معرض كتاب السويس هو اهتمام التنفيذيين بقدرات الثقافة الحاكمة فى بناء الإنسان؛ فقد حرص محافظ السويس الجديد اللواء طارق الشاذلى على تفقد طرقات المعرض وأركانه، ليس فى موكب المحافظ إنما منفردًا تارة، وأخرى مصطحبًا أسرته لاقتناء الكتب، وكذلك كان نائبه الشاب -الكبير- الدكتور عبدالله رمضان، الذى كان يزج بنفسه وراء كل صغيرة وكبيرة لإنجاح المعرض، وكذلك كان الدؤوب المتفانى الدكتور أحمد بهى الدين، ومن خلفه رجال الهيئة المصرية العامة للكتاب كخلية نحل يسعد مَن يراهم فى إخلاصهم لرسالة الثقافة وحرصهم على تمام أدائها بإتقان، ويطمئن مَن يراقب عن كثب، هم من جنود القوة الناعمة الذين أخلصوا فى معركة بناء الإنسان فانتصروا.
ولا يفوتنى أن أقدم للدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة المهتم بصناع الثقافة والقائمين عليها من معرض كتاب
السويس جانبًا مضيئًا فى زاوية الصورة كان بطله الزميل ياسر لطفى، أحد جنود الظل غير المنسيين بل والمقدرين،
هو ذاك الشاب ورجاله الذين نفذوا بناء المعرض، حتى أننى عندما قلت له إن المحافظ ونائبه أرادا أن يشكروك على
إخلاصك قال لى: “… لكن ملابسى غارقة فى العرق وأتحرج من مقابلة المحافظ فى هيئتى هذه”، فتركته فى
ظهيرة السويس ويعلم أهل السويس وقت الظهر فى مدينتهم وحال شمسها ولهيب أرضها وقيظ سمائها، وهذا
الشاب -ياسر لطفى- غارق فى عمله، يسقى بأطهر ماء، ماء العرق المخلص، أرض معرض كتاب السويس الذى يقيم
خيامه وينشئ قاعاته، كما سقى آباؤه فى أكتوبر ٧٣ وأبناؤهم فى ٢٠١٣ حتى الآن بدمائهم ذات الأرض، أرض
السويس، فانتصر أصحاب البارود وسينتصر أصحاب الكلمة.