الكاتب الصحفي عصام عمران يكتب : الموت ..فرحا !!
يقول المولى عز وجل فى كتابه الكريم ” وإذا جاء أجلهم لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون ” صدق الله العظيم ، فالموت علينا حق وهو الحقيقية الوحيدة فى دنيانا الفانية ولا يرتبط الموت بسن او بمرض ، فكم من شاب قوى رحل فجأة دون سابق إنذار ، ولعل ذلك من علامات الساعة كما أخبرنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الأمر الذى يدعونا جميعا إلى عدم الاغترار بالصحة والشباب أو حتى بالمال والجاه والسلطان، فكلنا راحلون لا محالة .
ورغم ذلك لا بد من خضوع مسألة ولن أبالغ إذا قلت ظاهرة الموت المفاجئ التى انتشرت خلال الفترة الأخيرة بشكل كبير لاسيما الناجمة عن الأزمات القلبية المفاجئة للفحص والدراسة من قبل الجهات المعنية لتحديد الأسباب والوصول إلى حلول عاجلة لتجنبها أو على الأقل الحد منها، خاصة بعد ما حدث مع العديد من لاعبى ونجوم الرياضة وفى مقدمتهم النجم الراحل احمد رفعت ومن بعده ضابط الحرس الجمهوري وأخيرًا وليس آخرا عريس الشرقية أو ” عريس الجنة ” كما أطلق عليه بعدما توفى في حضن عروسه وهما في الطريق إلى عش الزوجية عقب انتهاء حفل زفافهما بدقائق !! .
وقصة «عريس الشرقية» محزنة ومؤثرة لشاب في عقده الثالث عانى من تحولات الحياة وصعوباتها وسنوات الغربة، ووجد الأمل في تحقيق حلمه بالعودة إلى الوطن والاحتفال بزفافه، حتى جاءت النهاية المؤلمة التي حولت يوم زفافه إلى مأساة ومأتم، وتعكس تلك القصة مدى الصعوبات التي يمكن أن يواجهها الإنسان، فقد رحل الشاب ” إسماعيل محمد” ابن قرية سنهوا التابعة لمركز منيا القمح بمحافظة الشرقية، أثناء توجهه رفقة عروسة فى سيارة الزفاف إلى عش الزوجية حيث شعر بحالة إعياء ووخزة فى الصدر وحاول كتم آلامه خشية من ملاحظة عروسه لكن عندما اشتد عليه الألم أخبر صديقه بالسيارة، محاولا تهدئة عروسه أنه قد أصيب بشد عضلي وإرهاق نتيجة الرقص مع أصدقائه فى حفل الزفاف، ليقوم صديقه قائد السيارة بالتوجه مباشرة إلى معهد ناصر ويحاول الأطباء إسعافه ليفارق الحياة إثر أزمة قلبية حادة.
والعريس والعروس كانا في قمة الفرح لم يتوقفا عن الرقص طول الليل ، وفقًا لما ذكره أهالي القرية فإن رحيل إسماعيل أو ” سمعه ” كما كانوا يلقبونه صدمة يعيشها جميع أبناء القرية بل والقرى المجاورة ، الذين كانوا في فرح سمعه ذى الأخلاق الطيبة والسمعة الحسنة، للاحتفال بـالزفاف الأسطوري، بعد وفاة العريس وهو متوجه لعش الزوجية.
ووفقا لما ذكره محمد نجل عم العريس، فإن إسماعيل (30 سنة)، شاب رياضي ومكافح كان يعمل بإحدى الدول العربية منذ 5 سنوات، لتجهيز نفسه للفوز بحب عمره بنت قريته “علا ” ، لتصبح شريكة حياته وبالفعل عاد قبل 10 أيام لإتمام الزفاف، حيث أقام حفل أسطوري في القاهرة، احتفل الجميع وتعالت الزغاريد، والعريس لم يتوقف عن الرقص والتقاط الصور التذكارية مع الجميع كأنه يودعهم وشعر بوخزة بالصدر، واستكمل الزفاف حتى لا يشعر أحد بتعبه، خاصة والدته، وبعد انتهاء الحفل، تحرك الموكب من القاهرة إلى القرية،و أثناء ذلك زاد الألم وتم نقله إلى المستشفى حيث توفى بعد دقائق معدودة على الرغم من أنه كان رياضيا ويلعب كرة القدم فى أحد الأندية، وسافر للعمل بالخارج، وكان طيبا وودودا مع كل الناس.
واقعة وفاة عريس الشرقية تطرح عدة تساؤلات لعل أهمها هل يموت الإنسان من شدة الفرح ؟! حيث أكد الدكتور
وليد هندي، استشاري الأمراض النفسية، وجود حالة تعرف بـ «متلازمة القلب السعيد» ، وهى تصيب الرجال بشكل
أكبر، قد تؤدي إلى الوفاة نتيجة السعادة المفرطة، وتشبه كثيرا حالة «القلب المنكسر» التي ترتبط بالحزن الشديد
وتكون أكثر شيوعًا بين النساء.
فالسعادة المفرطة، مثل الحزن الشديد، قد تؤدي إلى تأثيرات جسدية خطيرة، مثل اضطرابات ضربات القلب وارتفاع
مستويات الأدرينالين، هذه التغيرات قد تؤدي في بعض الحالات إلى توقف القلب والوفاة المفاجئة، لذلك، ينصح الأفراد
بالتحكم في مشاعرهم وعدم الانغماس فيها بشكل مفرط، سواء كانت فرحة كبيرة أو حزنًا عميقًا، فالحياة تحتاج إلى
توازن في كل شيء، فالسعادة شعور جميل، ولكن إذا تجاوزت حدها، قد تتحول إلى شيء آخر يصعب التعامل معه،
ويجب ألا نستهين بتأثير المشاعر على صحتنا، فكما يمكن للحزن أن يكون قاتلًا، فإن الفرح الشديد قد يحمل نفس
المخاطر.
وتشير الأبحاث أيضا إلى أن متلازمة القلب السعيد ليست مجرد مفهوم شعري أو كلام إنشاء ، بل هي حالة طبية
حقيقية، وفقًا لدراسات سابقة، فإن ردود فعل القلب عند الفرح الشديد تشبه تلك التي تحدث عند الحزن الشديد،
هذا يعني أن الجسم يتفاعل بشكل مشابه مع كل من المشاعر الإيجابية والسلبية، مما قد يؤدي إلى أزمات قلبية.
من هذا المنطلق فإن هذه الظاهرة تتطلب اهتمامًا خاصًا من الأطباء والمختصين، حيث يجب توعية الأفراد، خاصة كبار
السن وأصحاب الأمراض المزمنة، بأهمية التحكم في مشاعرهم، فالمبالغة في الفرح أو الحزن قد تؤدي إلى أعراض
عضوية مثل ألم شديد في القلب واضطراب في نبضاته وربما توقفه تماما ووفاة صاحبه .