[ القيصر يجلس على عرشه في قاعة فخمة وسط قواده ووزرائه وحوله جنوده يصطفون في جو من الترف والأبهة.. ويبدو في جانب من المسرح قدر نحاسي كبير وعلى الجانب الآخر خشبة كبيرة للتعذيب وتعليق من يعذبه القيصر ]
– القيصر : أدخلوا أسرى المسلمين.
[يقوم الجنود الرومان بإدخال الأسرى المسلمين مربوطين بالسلاسل ولكنهم رافعوا الرؤوس ويبدو عليهم الشموخ والجسارة وفي مقدمتهم عبد الله بن حذافة.. الجنود الرومان ينحنون للقيصر بينما الأسرى المسلمون لا ينحنون له..]
– قائد الحرس: لماذا لا تنحنون؟
– القيصر: لماذا لا تركعون؟
– عبد الله بن حذافة : [في تحدٍ والمسلمون يرددون خلفه]..
لن نحني الظهر ولن نركع .. إلا لله
– القيصر: سأعذبكم ..
– عبد الله بن حذافة : [في إصرار والمسلمون يرددون]
مهما عذبنا لن نخضع
لن تبصر في أعيننا الدمع
– كورس [الجنود الرومان] : المجد للقيصر .
– عبد الله بن حذافة : [ والمسلمون يرددون ].
الله أكبر … الله أكبر
– القيصر : هاتوا قائدهم هذا الغرّ.
[ الجنود الرومان يجرون عبد الله بن حذافة ويقربونه نحو القيصر مكبلًا بالأغلال ]
– القيصر: ما اسمك؟
– عبد الله بن حذافة : أنا ابن حذافة .. عبد الله .
– القيصر: بل عبد القيصر .
– عبد الله بن حذافة : قد كان عظيم الفرس .. كسرى .. مثلك يتجبر
وحملت إليه كتاب رسول الله ..
مزَّقه في وجهي ورماهْ
فإذا بالله .. يمزِّق ملكه
واغتاله .. شيرويه .. ابنهْ
لا تتجبر .. وتذكر
بطش الله .. من بطشك أكبرْ
– القيصر: إني آمرك بأن تتنصرْ
– عبد الله بن حذافة : كلاَ .. لن أتنصر .
– القيصر: إذًا أقتلك
– عبد الله بن حذافة : أنت وذاك .
– القيصر: اصلبوه
يا رماة السهم .. هيا اضربوه
[ يجرُّه الجنود الرومان وهو رابط الجأش مرفوع الرأس ويصلبونه على الخشبة ويأتي الرماة فيضربونه بالقوس متعمدين فقط التصويب حواليه لا عليه وفي كل ضربة يكرر القيصر أمره له بالتنصر وهو يكرر إصراره على المقاومة والرفض ]
– القيصر: إني آمرك بأن تتنصرْ
– عبد الله بن حذافة : كلاَ .. لن أتنصر .
– القيصر: اتركوه .. أنزلوه
[ ينزله الجنود من خشبة التعذيب ]
– القيصر : [ يخاطب قائد الحرس ]
أو لم تمنع عن جند الإسلام .. كل طعام .
– قائد الحرص: ما أكلوا منذ ثلاثة أيام .
– القيصر: [مخاطبًا عبد الله بن حذافة ثم الجنود]
أو لم يأكلك الجوع .. هاتوا بعض الخمر ولحم الخنزير
[الجنود يحضرون منضدة الطعام]
– القيصر : [في خبث وسخرية]
الآن .. تقدمْ .. وتناول ما شئت .. بنهمْ
– عبد الله بن حذافة : [لا يمد يده ولا يأكل] .
– القيصر : ما منعك أن تأكل ؟
– عبد الله بن حذافة : الخمر ولحم الخنزير .
مباح للمضطر .. في مثل محنتي .. ولكن لا أشمتك بي.. كي لا تغتر
– القيصر : [مغتاظًا .. يخاطب جنوده]
عليكم بالقدر وبالزيت المغلي
[يتصاعد من القدر البخار والدخان]
– القيصر : هاتوا أحد الأسرى أتباعه
[يحضر الجنود أسيرًا خلف عبد الله بن حذافة]
– القيصر : [يخاطب الأسير المسلم]
إني آمرك بأن تتنصر
– الأسير المسلم : لن أتنصر
– القيصر: [مخاطبًا جنوده]
ألقوه في قدر الزيت المغلي وماء النار.
[الجنود يرمونه في القدر ثم يخرجون من وراء الستار هيكلًا عظميًا فيهمهم الجميع من الرهبة]
– القيصر: اسمع يا هذا الغرّ .. إما أن تتنصر .. أو ألقي بك في هذا القدر
فإذا بك هيكل عظم يتناثر .. مثل رفيقك.. فتنصر .. خير لك
آمرك بأن تركع لي .. فلتسجد
– عبد الله بن حذافة : لن أركع لن أسجد .. إلا لله الأوحد
– القيصر : خذوه .. ألقوهُ في الزيت المغلي .. وفي ماء النار
[الجنود يجرون عبد الله بن حذافة نحو القدر فيبكي بصوت عالي]
– كورس [الجنود الرومان]: لقد بكى لقد جزع
– القيصر : رُدّوه .. فقد رجع
[الجنود يعودون بعبد الله بن حذافة للقيصر]
– القيصر : [مخاطبًا عبد الله بن حذافة]
ها قد بكيت.. هل رجع العقل إليك .. فتراجعت
– عبد الله بن حذافة : إياك أن تظن
إنني بكيت من شدة الجزع .. وإنما بكيت من شدة الورع
لأنني ما وجدت لي غير نفس واحدة
وكنت أرتجي بأن تكون لي من النفوس
عدد الشعر الذي في الرؤوس
كيما أعذب في الله الأحد .. كيما أنال الثواب ألف مرَّة
كي أضمن الشهادة .. وجنة الخلود
لكنني أدركت وا أسفاه .. بأنه ليس لي غير نفس واحدة
لذا بكيت.. فهل فهمت؟ .. أم أن بالآذان وقرا .. أو على القلوب أغشيهْ
[القيصر في صمت وذهول يعجب منه ثم تتغير نبرة كلامه وتتحول من العنف إلى اللين]
– القيصر: اترك دينك .. وتنصر .. وأزوجك ابنتي الحسناء
ذات الشعر الذهبي الأصفر ..
البيضاء كوجه الصبح الأشقر
والأعين زرقاء كموج البحر ..
أو فاختر .. من كل نساء القصر من شئت .. اختر
– عبد الله بن حذافة : لو كنت تزوجني .. كل نساء الروم .. لن أترك إسلامي
– القيصر : اترك دينك وتنصر .. أجعلك أمير العسكر
– عبد الله بن حذافة : كلا لن أكفر
– القيصر : اترك دينك وتنصر .. واختر أي إماراتي تحكمها
بل أكثر .. أعطي لك نصف كنوزي .. بل مملكتي
فتكون شريكًا لي في عرش القيصر
– عبد الله بن حذافة : لو أنك تمنحني ملك الدنيا .. الآن
ما تملكه العرب وما يملكه الرومان
كي أرجع عن دين محمد طرفة عين .. لن أرجع .. لن أرجع
– القيصر : أقبل بجواري .. قبْل رأسي .. هذا آخر ما عندي
سأفك قيودك.. وتعود إلى أهلك
– عبد الله بن حذافة : وحدي .. دون رفاقي
– القيصر : أجل .. وحدك .
– عبد الله بن حذافة : كلا .. لا أقبل عرضك
– القيصر : بل أطلق معك رفاقك .. وتعود إلى بلدك
– عبد الله بن حذافة : الآن .. أقبل عرضك .
– كورس (المسلمون) : [في فرح يهللون] .. الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر