عبد الناصر البنا يكتب : الضرائب .. الممول والدولة لعبة القط والفأر !!

عبد الناصر البنا

لما تبص على العلاقة بين الدولة والممول فى موضوع الضرائب تلاقيها ملتبسة جدا ، وهى أشبه مايكون بلعبة القط والفأر ، الدولة ماشية بمبدأ إللى يوقع تحت إيدك إدبحه ، تطبيقا لمقولة ” إضرب المربوط يخاف السايب” والممول يحاول أن يتهرب بكل الطرق الممكنه ، كثيرا مانسمع هذا الحوار بين أحد الممولين ومكتب محاسبه ياباشا ولايهمك يعملوا إللى عاوزينه ، وفى النهايه هطلع لك الشركة خسرانه ، ولاتحط فى بالك ، ودا إللى بيحصل على أرض الواقع !! .

لا الدولة عاوزه تعمل ربط عادل للضريبة علشان تضمن تحصيلها وتقلل التهرب الضريبى ، ولا الممول عاوز يلتزم ويدفع المطلوب منه بدون وجع دماغ ، وهو شايف إن دا نوع من الجباية ، وآلاف بل عشرات الآلاف من القضايا من هذا النوع أمام المحاكم ولجان الطعن الضريبى . والحقيقه .. قد تفرض التحديات المالية على الدولة توسيع نطاق القاعدة الضريبية ، والكلام الأكلشيه المحفوظ لـ ( تعزيز النمو الإقتصادى وتحقيق الإستقرار المالى ) !!

أما مسألة التوازن بين تحقيق الإيرادات اللازمة لتمويل الخدمات العامة قد تكون ملتبسه لدى المواطن ، المواطن شايف أنه بيدفع ضرائب أكثر من الخدمات إللى الدولة بتقدمهاله ، على سبيل المثال وأنا هنا أنقل نبض الشارع تقول له : الدولة بتعمل طرق ، يقول لك : أن بأدفع كارته طريق تعمل بدل الطريق مائه طريق ، تكلمه عن تكلفة المياة والصرف الصحى ، يقول لك : شوف فاتورة المياة وشوف الدولة بتحصل كام صرف صحى على كل فاتورة ، المواطن مش شايف مردود عليه من الضرائب ، وهى معادلة ذات مجهولين ماتقدرش تقنع طرف فيها بوجة النظر ، وكأنها دومينو مقفوله ، وكل واحد شايف أنه هو الصح .

الضحية فى الغالب الموظف البسيط ، لأن الضريبه يتم خصمها من المنبع وأعتقد أنها تعدت الـ 37 % ، أما القطط السمان عينة مقاولى البناء وأصحاب المشاريع الكبرى .. وغيرهم ، دول معلمين تهرب ضريبى ، طبعا الدولة لاتفرض ضريبة تصاعدية رغم أنها قد تكون عادلة ، لان مقدار التضحية عند صاحب دخل الـ ” ألف جنيه ” أشد وطأه من صاحب دخل الـ ” عشرة آلاف ” .. وهكذا .

عام 2011 تعرضت لنوع طريف من التهرب الضريبى عندما اشتريت شقه ، وقوجئت أن المالك كتب العقد بأقل من القيمة المتفق عليه بمبلغ 117 ألف جنيه ، ولما سألته قال : والله الضرايب خاربه بيوتنا ، نظرت له بإستغراب وخاصه أنه فى سياق كلامه قال أنه كسبان من العمارة ” سبعة مليون جنيه فقط ” قلت : طيب إفرض محصلش نصيب وعاوز أسترد فلوسى ؟ قال لى : أنا كاتب شرط جزائى فى حال الرجوع فى البيع يرد المبلغ مضاف إليه 117 ألف جنيه ، إبليس نفسه مايعرفهاش ، المصيبه الكبرى لما رحت مأمورية الضرائب التابع لها العقار أسأل ، لقيت فى إقراره السنوى أنه باع وحدتين فقط من العقار ، وهو بايع 29 وحدة من إجمالى 30 وحده من وحدات العقار !!

رئيس المصلحة طلب منى تقديم شكوى ، ولمدة عام كامل وأنا أتابع الشكوى فى دهاليز المصلحة ، إلى أن تقاعد رئيس المصلحة ، وما كان من الرئيس الجديد وبعد إلحاح ، أن أحضر ملف الممول ومصمص شفتيه وقال : الملف دا ملعوب فيه ، وعندما على صوتى قال : روح إشتكى فى إدارة التهرب الضريبى ، والحمد لله الشكوى تتدوال هناك بقالها 5 سنوات ، قول ” تحيا .. مصر ” !!

مسألة تانية فى غاية الأهمية وهى ” الاقتصاد غير الرسمي ” ودى ناس خارج منظومة الضرائب أصلا ، فى حديث مع أحد أساتذتى قال لى عن الست إللى بتحضر لزوجته مره كل أسبوع تروق لها البيت قال : بتاخد فى الـ 3 ساعات 400 جنيه وبتبقى كأنها ماسكه ” ستوب ووتش ” فى إيدها ، وبتاخد معاها مالذ وطاب من بقايا أكل وهدوم ، وقال أنها بالحجز ، وبمرارة تحدث عن أجر الخدم والصنايعية مقارنة بأستاذ الجامعة ، حلفت له بالله السباك عمل لنا شغلانه فى العمارة إستغرقت يوم ونصف ، وأخذ عليها مبلغ 9500 جنية ، وتساءلت بمرارة : هل الدولة بتاخد منه ضرائب ؟ قال لى : والدوله هتعرف منين أنه أخد الفلوس دى . وهو على رأى المثل قاطع إيده وبيشحت عليها .

والمصيبة أنك لو دخلت أى صنايعى فى بيتك سواء كان بيفهم أو كفتجى ” كهربائى ـ نجار ـ فنى تكييف ـ يصلح ثلاجه غساله بوتجاز .. إلخ ” هياخد منك شى وشويات ، وتلاقيه بياخد معاش تكافل وكرامة ، وعنده بطاقة تموين ، وبيروح يعمل قرار علاج على نفقة الدولة ، وفى الآخر تلاقيه بيسب ويلعن فى الغلاء وفى الدولة ، وضع مالوش مثيل فى العالم والله .

مافيا الكتب الخارجية التى تتعدى المليارات بيدفعوا ضرائب ؟ وبتوع سنتر الدروس الخصوصية والمدرسين أصحاب الفيلل وسيارات الدفع الرباعى ” اللهم لاحسد ” مدرس الألمانى بتاع إبنى فى ثانوى عام لديه 4 سيارات دفع رباعى وعدد 2 فيلا فى أرقى أحياء القاهرة ، ومعاه 3 مساعدين” Assistant ” ينظموا له مواعيده ، إحدى الجارات كتبت على موقع حدائق الأهرام تشكو من إزعاج المحلات التى إنتشرت بعلم وبدون علم من حى الهرم وقطاع الهضبة ، وقد تعدى إيجار المحل الواحد منها الـ 30 ألف جنية فى الشهر ، هل يدفع ملاك هذه المحلات ضرائب ؟ وهل يدفع مستأجروها ، عم قول يارب .

وإلى جانب أصحاب المهن الحرة الفالتين من المنظومه ، عندك التجارة الألكترونية وقد أصبحت تدر دخل بالملايين .. هل يتم تحصيل ضرائب على هذا النوع من الدخل ؟ أوضاع مقلوبة ، وأمور فى غايه الغرابه لاتجدها إلا هنا فى مصر ، وعلشان الصورة ماتبقاش قاتمة هناك مقترح لـ وثيقة السياسات الضريبية لمصر 2024 – 2030 ، وقالوا : إن هدفها هو تحقيق العدالة والكفاءة والكفاية الضريبية وسهولة التطبيق ، وأن هناك إصلاحات سوف يتم التوافق عليها بالحوار المجتمعي ، ومتابعه للجان الطعن الضريبى ، أهو على الأقل لأجل وضوح الرؤية للمستثمرين ، وإن شاء الله مع شويه بخور من خضر العطار ربنا هيجبر بخاطرنا .

وفى النهاية لو أنت موظف زى حالاتنا قول الحمد لله على نعمه الصحة والستر ، وبلاها وجع دماغ ، يخصموا إللى عاوزين يخصموه ، وكمان قول الحمد لله على نعمة الحياة .. دمتم فى أمام الله .

Elnaser66@yaoo.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.