اعتقد انه لا يوجد وزير أثار اختياره لتولى مهام الوزارة جدلا ولغطا على الأقل في السنوات العشر الأخيرة كما حدث مع محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم الذي واجه منذ اللحظة الأولى لإعلان التشكيل الوزارى الجديد هجوما وانتقادا كبيرا ولن ابالغ إذا قلت تطاولا فى بعض الأحيان ، خاصة فيما يتعلق بمؤهلاته الدراسية والعلمية ولم يمهله منتقدوه الفرصة حتى يقدم ما عنده او ” يلقى بياضه ” كما نقول فى مصرنا الحبيبة !! .
المؤكد أن منصب أو مسؤلية وزارة التربية والتعليم من أهم الحقائب الوزارية ان لم يكن أهمها على الإطلاق، لاسيما فى دولة تحتاج إلى نهضة حقيقية وتطوير ملموس فى التعليم خاصة قبل الجامعى، ومن هذا المنطلق يأتى الإهتمام الكبير باسم من يقع عليه تولى مسؤلية هذا الملف الهام سواء من قبل وسائل الإعلام أو حتى المواطنين ولم لا وهو يشغل بال وخاطر قرابة ٢٠ مليون أسرة مصرية .
ساقتنى المصادفة إلى مشاهدة المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير التربية والتعليم مؤخرا لإعلان تفاصيل هيكلة المناهج الدراسية والتعليمية خاصة فى المرحلة الثانوية، وللحقيقة ودون مجاملة سعدت بالمستوى الذى ظهر عليه الوزير خلال المؤتمر وشرحه المستفيض لعملية الهيكلة، واستطيع القول أن الوزير بدى فاهما وليس حافظا فقط لما يقوله والفارق بينهما كبير وكبير جدا.
وواصل عبد اللطيف مفاجآته خلال الفترة القليلة الماضية ولعل أهمها بل و اخطرها تأكيده العمل على عودة التلاميذ
والطلاب إلى المدرسة وهو أمر لو تعلمون عظيم، وأقول للوزير الهمام ، كلنا معك ونساندك فى هذا الأمر المهم ،
ولكن عودة التلاميذ إلى المدارس لن تكون فقط بالقرارات أو حتى الغرامات والانذارات ، بل يجب أن يشعر التلاميذ
والطلاب أن فى الذهاب الى المدرسة فائدة و ذلك لن يتأتى إلا بوجود معلمين ومدرسين اكفاء قادرون على إقناع
الأبناء وأولياء الأمور أن المدرسة واعنى بها المدارس الحكومية بشتى انواعها ستقدم لهم ما يعينهم على تحصيل
المعلومات العلمية والثقافية على حد السواء وأن تعود ثقة الطالب والتلميذ فى المعلم الذى أراه حجر الزاوية وعمود
الخيمة لإصلاح العملية التعليمية، وهو ما يتطلب إعادة النظر فى مؤهلات وإمكانيات المعلمين، وقبل ذلك كله نظرة
موضوعية لرواتب المدرسين والمعلمين فى مختلف المراحل لا سيما الثانوية حتى نستطيع الحد وليس القضاء على
مافيا الدروس الخصوصية التى أرى الغاءها دربا من دروب الخيال أو حلما بعيد المنال اذا ما بقيت الأمور على ما هي
عليه الآن .
المؤكد أيضا أن هناك امورا أخرى يجب تواجدها مع المعلم حتى يعود التلاميذ والطلاب إلى المدارس، في القلب منها
البنية التحتية والتكنولوجية للمدارس نفسها خاصة فى ظل عصر الرقمنة والتعليم بالتابلت والبابل شيت وغيرها من
الأمور التي تتطلب تجهيزات خاصة للمدارس، ناهيك عن مواجهة أزمة ارتفاع الكثافة الطلابية بالفصول والتى ذكر
الوزير أنها تصل الى ٢٠٠ تلميذ فى بعض المدارس وكذلك العجز الكبير فى أعداد المدرسين بشتىالمراحلالتعليمية !!
وأخيرًا وليس آخرا يأتى دور الأسرة ليكتمل مثلث إصلاح العملية التعليمية، فلن تتطور المنظومة دون دعم حقيقى من
أولياء الأمور واقناع الأبناء بأهمية الانتظام في الدراسة و التواجد في المدرسة باعتبارها النافذة الأولى لتلقي العلوم ،
خاصة فى ظل توحش مافيا الدروس الخصوصية التى باتت تؤرق معظم ان لم يكن كل الأسر المصرية .