الدكتور محمود فوزي بدوي يكتب : أبناؤنا بين ثانوية النجاح ، والثانوية العامة
لا يمكننا أن نتوجه لمن نحب ، الا بما نحب ، ولا يمكننا أن نستهدي من نفوسنا ، الا بما نقره في صدق النوايا …، ولا تغيب عنا ونحن نفكر حقيقة مؤداها أن هذا النسيج الجمعي الذي يشملنا تتحدد ركائزه في الاعتمادية المتبادلة بين عناصره على اختلافها ، وفي تقدير أدوارها الفردية في سياق اجتماعها لتحقق أهدافها بتكاملية واقتدار ..
ولا يخفى علينا جميعا أن المجتمع المصري يعيش لحظات رائعة وعظيمة بعد ظهور نتائج الثانوية العامة بعد فترات كبيرة ومعقدة شملت آلام ومعاناة مصحوبين باصرار وعزم على تحقيق الاهداف في الاجتياز والتفوق …، ولا يخفى علينا كذلك حجم التوقعات والأماني والتطلعات المقرونة بنتائج هذا الجهد العظيم ، وتلعب أفكارنا وموروثنا الثقافي دورا رهيبا في توجيه الأبناء نحو تعليم قد يحقق الوجاهة الاجتماعية من وجهة نظر البعض على حساب ميول ورغبات واحتياجات أصحاب الشأن والمصلحة الحقيقية في تحقيق التفوق الحقيقي الذي ينبغي أن نلتزم به ونرعاه ، وهو تفوق الاختيار ، والقدرة على الاصرار لبلوغه …
ندرك جميعا عظم الثانوية العامة وخطورتها في تقرير المصير الدراسي ، وفي توجيه المستقبل ، أو على الأقل رسم ملامحه ، هذا جيد ، ولكن لماذا نصر على أن يكون نجاح أبنائنا ثانويا لا يعبر بصدق عن مدلولات حقيقية في قلب الاختيار وتقرير المصير بحرية وارادة هم الركائز المؤسسة لابداع ، واصلاح المجتمع بشكل حقيقي ؟! ،
ولماذا الاصرار على أن تكون الثانوية العامة معبرا لتدمير القدرات والرغبات الحقيقية لأبنائنا ، ولماذا الاصرار على تصنيفهم الى متفوقين وغير متفوقين ، ان الأمر من وجهة نظري لا يرتبط بالتفوق بقدر ارتباطه بالاجتياز الموجه الذي يحدده الطالب نفسه بنفسه ، وهذا من وجهة نظري ادراك لقيمة الثانوية العامة كخطوة للتعليم العالي الذي يجب أن يشمل اصحاب القرار وهم الطلاب بدوافع حقيقية وميول صادقة ورغبات تصف أصالة الاجتياز الدراسي للارتقاء المجتمعي بتوجيه طاقاته …لتصبح بحق ثانوية عامة لمستقبل حقيقي منصف وأعم …
أتركوا أبناءكم يقررون مصائرهم بأنفسهم وفقا لميولهم ورغباتهم ودوافعهم ، وارفعوا أيديكم هو عنهم ، لأن ذلك سيمنحهم القدرة على الابداع والشعور بالسعادة …وحاولوا جاهدين أن تتركوا الفرصة لكل فرد يلتحق بالكلية التي تتوافق مع قدراته واستعداده ..، فذلك أقرب للتميز والارتقاء ..وفقنا الله جميعا لما يحبه ويرضاه …
كاتب المقال أستاذ أصول التربية ، ووكيل كلية التربية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة
– جامعة المنوفية