عبد الناصر البنا يكتب : خطوة لبكره .. الثانوية العامة !!

عبد الناصر البنا

عبر أثير الراديو وعلى موجات إذاعة البرنامج العام جاء صوت هاله سالم ينساب رقراقا معلنا عن برنامجها الجديد ” خطوة لبكره ” وهو فى واقع الأمر يعتبر محاولة منها لتغيير سيكولوجية المواطن المصرى وتعديل الصورة النمطية المغلوطة عن التعليم الفنى فى مصر ، وهذا هو ببساطه ما أرادت هاله سالم النعبير عنه ببرنامجها الجديد !!

يأتى هذا البرنامج قبل الإعلان عن نتيجة الثانوية العامة بأسابيع قليلة ، والحقيقة أنه لعقود طويلة ترسخت فى أذهاننا أن التعليم يعنى أن يلتحق إبنك أو بنتك بالثانوى العام وأعيننا على كليات القمة ” الطب والهندسة ” وهو الهدف الذى ينتحر الطالب وولى أمره من أجل الوصول إليه .

ولك أن تتخيل وفقا لما أعلنت عنه وزارة التربية والتعليم ، إنّ عدد الطلاب المتقدمين لأداء امتحان شهادة إتمام

الدراسة الثانوية العامة ، بلغ هذا العام 7 ملايين و450 ألفا و86 طالبا وطالبة ، موزعين على الشُعبتين العلمية

والأدبية ، هذا بخلاف طلاب الثانوية الأزهرية ، يأتى هذا فى الوقت الذى كشف فيه تقرير حكومى صادر عن الجهاز

المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن إرتفاع عدد خريجى الجامعات المصرية لـ أكثر من 738 ألف خريج فى العام

الجامعى 2022 .

هل هناك خطة لإستيعاب هذا العدد من خريجى الجامعات كل عام ، فى الواقع ليس لدى إجابة ، وأعتقد أنه لهذا

السبب دعا الرئيس عبدالفتاح السيسى المصريين ، ضرورة تعليم أبنائهم فنون البرمجة وعلوم البيانات لأهميتها في

مستقبل العالم ، وأن الدراسة في كليات الآداب والتجارة والحقوق غير مجدً الآن وأن المستقبل للبرمجة وعلوم

البيانات .

وهنا تجدر الإشارة إلى أن الدولة المصرية قد بدأت بالفعل فى تنفيذ إستراتيجية وطنية شاملة لإصلاح وتطوير التعليم

الفنى وفق أحدث النظم والبرامج العالمية المتعارف عليها ، بما يضمن تأهيل خريجين مؤهلين على أعلى المستويات

ووفقاً لمتطلبات سوق العمل محلياً ودولياً ، ولا أبالغ أننى رأيت بنفسى المدارس الفنية التى أنشأتها الدولة لتغطي

كافة التخصصات التي يحتاجها سوق العمل والمشروعات القومية ، بالإضافة إلى التعاون مع الشركاء سواء من

القطاع الخاص أو الدوليين لإنشاء مدارس تكنولوجية على أعلى مستوى ، ولاداعى للإطالة ولمن يريد أن يستزيد

المعلومات متوفرة .

وأعود للثانوية العامة مرة أخرى بعد أن وقفت أكثر مليون أسرة مصرية على أطراف أصابعها إنتظارا لنتيجة الثانوية

العامة وما يصاحبها من بروبجندا وزخم يتكرر كل عام . ودعونا نبدأ من الصداع المزمن وهو ” تسريب أسئلة الثانوية

العامة ” والغش فى الإمتحانات سواء بإستحداث وسائل تقنيه حديثه ” سماعات البلوتوث ” أو التسيب فى اللجان أو

صفحات الغش مثل ” شاومينج يغشش” .. وغيرها ، ودائما وأبدا أسأل نفسى سؤال : هل عجزت الدولة المصرية عن

تأمين إمتحانات الثانوية العامة ؟ مرار التسريب والغش مسلسل متكرر ، وفضايح لجان ولاد الأكابر مسلسل متكرر ،

والموضوع لم يعد قاصرا على لجان الصعيد وقد تابعنا العام الماضى وهذا العام لجان بعينها حصل طلابها على 98%

والموضوع قديم والكلام فيه بقى ” بايخ ” ، أو من قبيل النفخ فى قربه مقطوعه ،

أما المضحك المبكى ، أبدأه برسالة طمأنه لكل أب وأم لم ينساق إبنه وراء الغش الجماعى فى لجان الامتحانات ، أنه

لثاني مرة رسوب معظم طلاب كليتي الطب والأسنان الغشاشين فى الجامعات المصرية ، والخبر يقول : بعد رسوب

نسبة كبيرة من طلاب الفرقة الأولى بكلية الطب البشري بجامعة أسيوط ، أعلنت جامعة جنوب الوادي رسوب نسبة

كبيرة من طلاب الفرقة الأولى بكلية الطب البشري والأسنان بالجامعة ، والسؤال : ماذا تنتظر من طالب نجح بالغش

حتى لو تحايل من الباب الخلفى لدخول كليات القمة سواء من ” روسيا أو أوكرانيا أو حتى السودان ” ؟

المضحك المبكى أيضا قصة الطالبه مريم التى لم تفارق دموعها ذاكرتى منذ 6 سنوات والتى ظلت لعام كامل تحارب

طواحين الهواء بعدما حصلت على درجة (صفر) فى إمتحانات الثانوية العامة ؛ وأعادت السنة وحصلت على مجموع

94% لتلتحق بكلية الصيدلة وتتخرج منها بإمتياز مع مرتبة الشرف ، والقصة متكرره ولا داعى للإطاله فيها !!

ضحايا الثانويه العامة حاجة تقطع القلب ، موت وإنتحار وأمراض نفسية وجسديه للطلاب وأولياء أمورهم شىء

لايصدقه عقل ، فى قصص مرعبه لابد لكتاب الدراما أن يسلطوا الأضواء عليها كون الدراما فن تجسيد الواقع ويمكن

الحاجات دى ” Exclusive ” يعنى حصريا وماتلاقيهاش إلا هنا ، يعنى خد عندك على سبيل المثال عمرك شفت فى

أى دولة فى العالم ، مصير الطالب ومستقبله تحدده سنه واحدة هى نتيجة الثانوية العامة ، طيب بلاش دى ، عمرك

شفت دولة فى العالم طالب الصف الثالث الثانوى مايعتبش فيها المدرسة طول السنه ويعتمد على الدروس

الخصوصية ، ويرمى كتب الوزارة اللى بتكلف الدولة شىء وشويات ” أه ممكن يتم تحصيلها من أولياء الأمور ” ؛

علشان يعتمد على الكتب الخارجية وعلى الدروس الخصوصية .

طيب فين دور المدرسة ؟ وهل عجزت الوزارة عن وضع نظام يوقف هذه المهزله ؟ وليه ولى الأمر يتكبد كل هذه

التكلفة ؟ كم مليار تنفق على الدروس الخصوصية كل عام فى مصر ؟ وكم مليار تنفق على الكتب الخارجية ، علما

بأنها المافيا أو اللوبى الذى وقف حجر عثرة أمام نجاح الدكتور طارق شوقى جلال الوزير الأسبق ، وإفشاله فى إطلاح

منظومة التعليم فى مصر .. وهذه وجهه نظر !!

وبعدين أنا شايف تخبط شديد فى منظومة التعليم فى مصر كل وزير يأتى بفكر جديد وإستراتيجية جديدة تهدم كل

ماقبلها ، والمحصلة كأنك يابو زيد ماغزيت ، العام الماضى دار حوار قصير بينى وبين شابين فى مرحلة الإعدادية فى

إحدى زياراتى لمحافظة الفيوم ، وأنا أتقمص دوما شخصية المعلم ، وما أن بدأت فى سؤالهما عن التعليم ، صدمنى

الرد : إحنا مابنعرفش نكتب إسمنا . طيب وصلتو للإعدادية إزاى ؟ ، قالوا فى الإمتحانات بنطلع الكتب ويقولوا إكتبوا

دول هنا ، طيب وبالنسبه للمدرسة ، والله إحنا شغالين فى الزراعة وبنروح على الإمتحانات .. ولا تعليق !!

أنا شايف برنامج ” خطوة لبكره ” فكر جديد وشعاع نور لأولياء الأمور علشان يفيقوا ويصحو من غفوتهم علشان يبطلوا

يلهثوا وراء وهم الثانوى العام ، وعلشان بعد حصول أولادهم على الشهادة الجامعية مايبكوش على اللبن المسكوب

، ويضطر يشتغل ” ديلفرى ” مع إحترامى للكادحين وراء لقمة العيش ، على الأقل خريج هذه المدارس لديه الفرصة

للتعليم الجامعى ، وللدراسات العليا ، وللسفر للخارج ، ويحمل فى يده سلاح متمثل فى حرفة او مهنة تعينه على

متطلبات الحياة فى المستقبل ،

ونحن لانخترع العجلة ، الفكرة قديمة جدا ، وأعتقد أن ألمانيا بدأتها منذ أواخر الستينات ، ووصلت إلى ماوصلت إليه

بفضل هذا النوع من التعليم ، وأكيد كلنا لمسنا من خلال تعاملاتنا مع كل مهنى سواء كان ” ميكانيكى ـ كهربائى ـ

سباك ـ نجار ـ فنى تبريد وتكييف .. إلخ ” ، أن أكثرهم ” فهلوى ” ، وشفنا كم يتقاضى الواحد منهم من أجر فى حاجه

لاتذكر .. دمتم فى أمان الله وحفظه .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.