الكاتب الصحفي عصام عمران يكتب : كلام فى السد !!

الكاتب الصحفي عصام عمران

بين الحين والآخر يخرج علينا من يحاول المزايدة على ثورة ٢٣ يوليو وفترة حكم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر والتقليل منها ومنه، بل والتطاول عليهما خاصة عندما تحل الذكرى السنوية للثورة المجيدة ، ناسين أو متناسين ما قدمته الثورة وزعيمها لمصر والمصريين وفى القلب منهم هؤلاء المزايدين والمتطاولين ممن يطلق عليهم النخبة وللأسف هم وراء كل نكبة تحل بهذا البلد .

وسبحان الله سرعان ما يأتى الرد سريعا على أمثال هؤلاء وهذه المرة جاء الرد متزامنا مع الاحتفال بالذكرى الثانية والسبعين لثورة يوليو، التي احلت علينا منذ أيام وعلى أرض الواقع، حيث اثبت السد العالى أنه بحق مشروع القرن العشرين ولن أبالغ إذا قلت مشروع كل القرون ، ولم لا وقد حمى مصر من اخطار الفيضانات مرات عديدة طوال نصف قرن من الزمان ولعل آخرها ما حدث مؤخرا من زيادة فى كمية الأمطار التى سقطت على السودان الشقيق واثيوبيا مما تسبب فى فيضانات وانهيارات فى كلتا البلدين ، وكان السد العالي حاضرا كعادته فى الزود عن مصر و حمايتها من هذه المخاطر ، علاوة على دوره التنموي الكبير طوال تلك السنوات .

وحول أهمية السد العالى هندسيا وتنمويا تحضرني دراسة مهمة قرأتها مؤخرا للباحث والاكاديمى المتخصص الدكتور عباس شراقي استاذ الجيولوجيا والمياه بجامعة القاهرة والتى أشار فيها الى أن  السد العالى حمى مصر من ٧ سنوات جفاف خلال الفترة من عام ١٩٨١ إلى عام ١٩٨٧ ، و هى الاشد فى العصر الحديث ، وكذلك حمى مصر من اكبر فيضان أيضا فى العصر الحديث عام ١٩٨٨، وكأن الله جاء بالسبع سنوات العجاف قبله لنسحب كل المخزون حتى وصلنا الى منسوب ١٥٠ متر فوق سطح البحر اى قبل أن يتوقف السد عند ١٤٧ متر.، فاستطاع ان يستوعب جميع مياه الفيضان دون أى مشاكل، كما حمى مصر من فيضانات ١٩٩٨، ١٩٩٩، ٢٠٠٠، والثلاث سنوات الأخيرة كانت حماية مصر من أخطار الفيضانات فيها  لاتقدر بمال .

كشفت الدراسة أيضا أن السد العالى أنار جميع محافظات مصر لأول مرة بكهرباء ٢١٠٠ ميجاوات كانت تشكل حوالى

٨٠% من كهرباء مصر بقيمة ١٠٠ مليون جنيه فى السنة الأولى، وحاليا حوالى ٥% ، علاوة على أنه زاد من الرقعة

الزراعية ١.٥ مليون فدان فى العام التالى مباشرة من تشغيله بعائد انتاج زراعى حوالى ٣٠٠ مليون جنيه .. حيث

جعلنا نزرع طوال العام بعد ان كانت معظم الزراعات موسمية صيفية، وتوسعنا فى الزراعة حتى وصلنا حاليا ل ١١

مليون فدان، بعضها يعتمد على مياه جوفية .

اوضحت الدراسة أن السد العالى كان أساس الصناعة فى مصر بتوفير الكهرباء لمصانع حلوان للحديد والصلب ونجع

حمادى للألمونيوم ومصانع الغزل والنسيج وغيرها من الصناعات الحيوية ، بالإضافة إلى أنه حمى العديد من مواقع

الآثار المصرية وفى مقدمتها معبدي الاقصر والكرنك من الفيضانات المدمرة التى كانت السبب الرئيسى فى تدمير

الأسقف والأعمدة ، وكذلك  جعلنا نستغل كورنيش النيل وأكثر من ٣٠٠ جزيرة نيلية وأصبحت أغلى الأراضى بعد أن

كانت اخطرها وأرخصها .

واخيرا وليس آخرا فإن السد العالى ساهم بشكل كبير فى إقامة نشاط السياحة النيلية بأكثر من ٣٠٠ فندق عائم

وآلاف الأندية والعمارات والأبراج على ضفاف النيل ، والأهم أنه حمى مصر من التخزين الاول والثانى والثالث وأى

تخزين قادم فى سد النهضة إن شاء الله، ولولا السد العالى لكان سد النهضة كارثة محققة.

بقي القول أن السد العالى غطى تكاليفه ٥٠٠ مليون جنيه مصرى (١.٥ مليار دولار فى ذلك الوقت) فى أقل من عام

ونصف ، وتسبب فى تكوين  أكبر البحيرات الصناعية فى العالم ” بحيرة السد أو بحيرة ناصر ” على مساحة ٥٠٠٠

كم٢ يمكن استغلالها لتكوين ثروة سمكية تكفى مصر، وتكوين حوالى ٩٠٠٠ كم شواطئ على بحيرة ناصر وخيرانها

يمكن ان تستغل لانشاء قرى على شواطئها ومدن خلفها، تخيلوا التعمير على ضفاف البحيرة بهذا الطول الكبير،

يعنى ممكن إنشاء محافظات جديدة على شواطئ البحيرة.

كل ذلك وغيره الكثير والكثير من الأسباب والفوائد أهلت السد العالى ليكون أحد أعظم ١٠ مشروعات فى العالم

خلال القرن الماضى أفادت البشرية وتتميز باستخدام أعلى تكنولوجيا ، وهو قليل من كثير قدمته ثورة يوليو وزعيمها

لمصر والمصريين، ولا عزاء للمزايدين والمتطاولين .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.