الكاتب الصحفي عصام عمران يكتب: التصفيق .. و الصفيق  !!

الكاتب الصحفي عصام عمران
معروف للقاصى والدانى ، ومنذ قديم الأزل أن الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني وجهان لعملة قذرة واحدة ، وأن أمريكا خاصة  والغرب بصفةعامة الداعم الأساسي لإسرائيل منذ نشأة هذا النبت الشيطاني قبل قرن من الزمان وتحديدا بعد وعد بلفور  عام  ١٩١٧ ، حيث منح من لا يملك  لمن لا يستحق،  وتوالى الدعم والمساندة لهذا الكيان طوال هذه السنوات وحتى الآن .
أقول ذلك بمناسبة زيارة ” النتن ياهو ” رئيس الوزراء الإسرائيلي لأمريكا مؤخرا وخطابه المستفز أمام الكونجرس والتصفيق الحار من الحضور لهذا ” الصفيق ” في تحد  سافر ، بل وسافل لمشاعر الملايين حول العالم لا سيما العرب والمسلمين الذين يدينون الجرائم الوحشية وحرب الإبادة الجماعية التى يرتكبها جيش الاحتلال الصهيوني بقيادة النتن ياهو ضد الشعب الفلسطيني الاعزل راح ضحيتها اكثر من ٤٠ الف شهيد و قرابة مائة ألف جريح ومفقود منذ اندلاع الصراع فى أعقاب انطلاق عملية طوفان الأقصى التى نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس في السابع من اكتوبر الماضي.
المعروف أيضا أن التشريف الأكبر الذي يحظى به أي زعيم أجنبي في أمريكا هو أن يُدعى إلى إلقاء خطاب أمام الكونجرس بمجلسيه، مجلس الشيوخ ومجلس النواب، وهو ما حظي به نتنياهو في واشنطن الأسبوع الماضي ، و تلك هى المرة الرابعة  التي يُمنح فيها نتنياهو هذه الفرصة، ليكون أكثر زعيم أجنبي في التاريخ يستضيفه الكونجرس بهذه الطريقة.
وكما تضامنت أمريكا واصطفت مع إسرائيل بعد هجوم حركة المقاومة الإسلامية “حماس” عليها في 7 أكتوبر الماضي، اصطف كبار السياسيين الأمريكيين لتحية نتنياهو، ثم قاطعوه بالتصفيق وقوفًا مرات عديدة.
وكانت النقطة الأساسية التي ركز عليها نتنياهو في خطابه هى قوله إن “أعداء أمريكا هم أعداء إسرائيل، وإنه يرى أن المعركة واحدة وإن الدعم الأمريكي لإسرائيل يعني دعم أمريكا لنفسها”.
لكن الأجواء لم تكن كلها ودية ومرحبة برئيس الوزراء الإسرائيلي الذي يقود الحرب في قطاع غزة ،ففى المقابل قبل أن يبدأ نتنياهو حديثه ، بل وقبل أن يصل إلى مبنى الكونجرس، كانت التظاهرات الحاشدة المؤيدة للفلسطينيين تمتد في الشوارع المجاورة، حيث تجمع الآلاف، رافعين شعارات مؤيدة للفلسطينيين وتدين إسرائيل والسياسة الأمريكية الداعمة لها ، متهمين نتنياهو بأنه “مجرم حرب”، بينما اتهمهم هو في خطابه بأنهم “ممولون من إيران” وأنهم يخدمون أجندتها وأجندة حماس.
و كذلك غابت نائبة الرئيس كامالا هاريس، التي تعد بحكم منصبها رئيسة لمجلس الشيوخ، وهي تحضر عادة
الجلسات الكبيرة التي يتحدث فيها الرؤساء، إلا أنها اختارت عدم الحضور من أجل حضور تجمع انتخابي في حملتها
الرئاسية ، لكنها التقته في لقاء منفصل مهم ، خاصة أنه كان مستقلًا عن لقائه بايدن، فقد زار نتنياهو البيت الأبيض
واستقبله بايدن بطريقة تقليدية تجنبت إظهار الاختلافات في وجهات النظر، ثم التقيا مع ممثلين عن أسر الأسرى
في قطاع غزة.
وقضية الأسرى منذ البداية تشكل نقطة خلاف بين أولويات أمريكا وأولويات إسرائيل؛ فقد حاول بايدن دائمًا أن يكون
مبدأ سلامة الأسرى والعمل على إعادتهم أولوية في العمل العسكري والسياسي، إلا أن نتنياهو كان وما زال يعتبر
أن الهدف الأساسي والنهائي هو تدمير حماس وإنهاء خطرها على الاحتلال.
أما لقاء نتنياهو وهاريس، فجاءت  أهميته في كونه أبرز مناسبة تتحدث فيها هاريس في مجال السياسة الخارجية،
منذ أن أصبحت المرشحة الأوفر حظًا في الحصول على ترشيح حزبها للرئاسة، فبينما لم يتحدث بايدن للإعلام سوى
بكلمات ترحيب تقليدية لنتنياهو أثناء لقائه به، فإن هاريس تحدثت بعد اللقاء.
وقفت جنبًا إلى جنب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، وكانت واضحة بل وكادت أن تكون قاطعة في أن وقت الوصول إلى
اتفاق لوقف إطلاق النار قد حان.
ولم تتخل هاريس طبعًا عن المبدأ الأمريكي الأساسي الداعم لإسرائيل، فقد أكدت التزامها بدعم حق الاحتلال في
الدفاع عن نفسه وأدانت بشدة هجوم حماس عليه، لكن مهمة نتنياهو معها قد تكون أصعب من بايدن إذا أصبحت
رئيسة لأمريكا.
فمن الناحية السياسية المباشرة تحتاج هاريس الآن إلى تقديم مبادرات أكثر صرامة مع إسرائيل لترضي الجناح
اليساري لحزبها، وقد تضطر أيضا إلى تقديم وعود إلى الناخبين الأمريكيين من أصول عربية ومسلمة من أجل عدم
خسارة أصواتهم.
و كانت الأجواء مختلفة تماما  فى اللقاء الذى جمع  نتنياهو و ترامب، حيث ظهر أن الخلاف الذى بدأ بينهما   بسبب
غضب ترامب من إقرار نتنياهو بفوز بايدن في الانتخابات على ترامب قد انتهى
و رحب ترامب بنتنياهو وزوجته في مقر إقامته في منتجع مارالاجو في ولاية فلوريدا. ووجد نتنياهو نفسه في قلب
الصراع الانتخابي عندما انتقد ترامب هاريس بشدة واتهمها بعدم احترام إسرائيل و تجنب نتنياهو إعطاء أي وعد
علني باقتراب اتفاق الأسرى، رغم أنه قادم من ضغط شديد مستمر من بايدن وهاريس.
ومن جانبه قسم ترامب الاحتمالات بطريقته القاطعة قائلا أنه “إذا فزت في الانتخابات فسأدعم إسرائيل، وأتوصل إلى
اتفاق مع إيران يرضي الجميع، أما إذا فازت هاريس فإن الشرق الأوسط مقبل على حرب كبيرة قد تكون حربًا عالمية
ثالثة”!
في العموم، نجح نتنياهو في إظهار ما ردده في خطابه أمام الكونجرس، من أن العلاقات بين الاحتلال والولايات
المتحدة قوية وراسخة ومستمرة مهما كانت الظروف والاختلافات في الرؤى.
لكنه أيضًا لم يغير قناعات الأطراف الناقدة له وقد ازدادت وكبرت في أمريكا ،ويبدو أن جزءًا مُهمًا من الحزب الديمقراطي
سيستمر في نقده له وضغطه عليه، بل وحتى دعم فكرة إزاحته من منصبه.
Omran666@hotmail.com
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.