عبد الناصر البنا يكتب : برلمان مصر .. الواقع والمأمول
عبر أثير الراديو تابعت الجلسة العامة التى عقدها البرلمان المصرى فى مقره الجديد بالعاصمة الإدارية لـ عرض التقرير الذى إنتهت إليه لجنة دراسة برنامج الحكومة الجديدة ، وللتصويت على منح الثقة للحكومة ، ودعونا نتفق م البداية على أن الحكومة الجديدة أمامها تحديات جسام ، ولعل أبرزها التحدى الـ إقتصادى وهو فى حد ذاته بحتاج إلى ” معجزة ” ربانية ، وأأمل أن لايكون تعظيم موارد الدولة على حساب المواطن ، إضافه إلى تحديات أخرى عديدة .. ولا داعى للإطالة فبها .
بعض النواب رأى فى انعقاد اللجنة الخاصة المشكلة لدراسة بيان الحكومة الجديدة ، أنه يعد بمثابة خطوة مهمة فى تكريس دور البرلمان الرقابى ، وقد فاته أنه لم يات بجديد ، وأن هذا هو دور البرلمان ، وأنها التقاليد البرلمانيه التى كانت ولازالت تقف شاهدة على عراقة وتاريخ البرلمان المصرى ، الذى يمتد تاريخه لـ أكثر من 150 عاما منذ أول تمثيل نيابى فى مصر فى عهد الخديو إسماعيل عام 1866 ، وربما أبعد من ذلك منذ عهد محمد علي باشا مؤسس الدولة المصرية الحديثة عام 1824 .
وأن لمصر تاريخ وماضى عريق فى الحياة الحزبية والبرلمانيه ، ولمن يريد أن يستزيد عليه بقراءه تطور الحياة
البرلمانية فى مراحلها المختلفة ، وليعلم القاصى والدانى أن هذا التاريخ العتيد ، يقدم نموذجاً فريداً بين برلمانات
العالم فى ارساء دعائم وأسس الحياة النيابية السليمة ، أيضاً لكونه يعد منارة تنويرية لنشر الثقافة البرلمانية ،
ونبراساً مضيئاً تشع من بين جنباته قيم الممارسة الديمقراطية السليمة التى استلهمت من فيضها الشعوب العربية
والافريقية نموذجاً يحتذى به فى بناء تجربتها البرلمانية .
وأن الرقابة على الحكومة ” السلطة التنفيذيه ” سيادة النائب هى من صميم إختصاص النائب فى البرلمان ، وأن
للنائب فى البرلمان إلى جانب دوره فى التشريع فهو يملك الإقتراح والـ أسئلة والمناقشة والإستجواب ، بل وسحب
الثقة ، وأن البرلمان هو السلطة التشريعية ، ومن إختصاصاته إقرار السياسة العامة للدولة ـ والخطة العامة للتنمية .
الجلسة العامة التى إنعقدت برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس المجلس لـ مناقشة التقرير النهائي
الذى أعدته اللجنة البرلمانية الخاصة المشكلة لمناقشة برنامج الحكومة . أوصت بأغلبية أعضائها بمنح الثقة لـ
حكومة الدكتور مصطفى مدبولي ، على أن تضع توصياتها ضمن أطر تنفيذ البرنامج . وتمنت التوفيق والسداد للحكومة
المكلفة في إنجاز المهام الموكلة إليها ، لـ تحقيق نهضة تنموية شاملة ، وتحقيق أهداف العدالة والحماية الاجتماعية
للمواطن المصري .. إلخ
مما لاشك فيه أنه كانت هناك مهام كبيرة أمام اللجنة الخاصة المشكلة لـ دراسة بيان الحكومة المكون من 300
صفحة تحتوى على خطط تفصيلية تحمل رؤي شاملة للملفات التى تشغل إهتمامات المواطن المصرى وأبرزها ”
الامن القومى ـ وبناء الإنسان ـ والإقتصاد التنافسى الجاذب للإستثمارات ـ الإستقرار السياسى .. إلخ ” ،
وأنها شهدت العديد من الجلسات وإحتمعت مع العديد من الوزراء ـ، لكن الشىء اللافت للنظر أن الـ أغلبية خلال
الجلسة كانت one way مش عارف ليه ؟ هل بيان الحكومة كان 100% منزه عن أى خطأ ، وبالمناسبة ” الإختلاف
فى الرأى لايفسد للود قضية ، ومش عيب لما أقول الحكومة جانبها الصواب هنا أو لم يجانبها هناك وهذا هو الدور
الرقابى للنائب .
أما عن الأخطاء النحوية فحدث ولاحرج ، كلمة ممثل الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن وهو قامة كبيرة خلال
الجلسة العامة على سبيل المثال كانت مليئة بالأخطاء النحوية ، وبالمناسبة إن كان هذا هو واقعنا اليوم ، فلماذا
لايكون هناك فترة تأهيل لـ كل شاغل للوظيفة العامة ومنهم ” النواب ـوالوزراء ـ والمحافظين .. إلخ ” لـ الإلمام بقواعد
اللغة العربية السليمة ، ودراسة القانون الدستورى والإدارى ، وأن يكون له على الأقل مستشارا من أساتذة القانون ،
تماما كما فعل أستاذنا الدكتور عبدالعظيم مرسى وزير محافظ القاهرة الأسبق ” رحمه الله ” عندما إختار أ.د صلاح
الدين فوزى أستاذ القانون الدستورى مستشارا له ، وهذا ليس عيبا ، إنما الـ أخطاء التى نراها من مسئولبين كبار
فى الدولة دائما ماتكون موضع نقد ولوم يجب الـ إنتباه إليه .
أضف إلى ذلك الإنحراف بمقتضيات الوظيفة العامة ، والحماس الزائد عن الحد قد يوقع البعض فى أخطاء فادحة وقد
تابعنا جولات ميدانية لـ بعض المحافظين خلال الأسابيع الماضية ، أراها محموده على أمل أن تستمر ، وأن لاتكون
مجرد شهر عسل سرعان ماينتهي !!
“لابد أن يعلم المسئول أنه ليس وصيا على العباد ، وأن المخالف لابد أن يأخذ جزاءه بكل حسم وحزم وفقا للقانون ،
وليس بطول اللسان ومايندرج تحت مواد السب والقذف ، وأنا لا أعتقد أنه ليس فى كل مرة سوف يطل علينا رئيس
الوزراء لـ يعتذر عما بدر من هذا وذاك ، فإن كان المسئول ليس ملما بمقتضيات وظيفته ليس عيبا أن يتم تأهيله ،
طالما رأت القيادة السياسية أنه أفضل من يتولى هذا المنصب ، العملية ليست فرد عضلات أو صوت عالى ، خاصة
وأن هناك مهام كبرى ملقاه على عاتقهم ، ومن بينها ” محاربة الفساد” الذى إستشرى فى المحليات ، إلى جانب
قضايا أخرى كثيرة تشغل الرأى العام وتتعلق بمستقبل هذا البلد يجب وضعها فى الإعتبار !!
هناك شارع محتقن يحتاج لـ معالجة الكثير من الأمور بطريقه عقلانية أى بشىء من العقل والحكمة ، وليس أدل
على ذلك ماتناقاته منصات التواصل الـ إجتماعى لما حدث فى شارع الملك فيصل ، الذى جاء لقمة سائغة للمتربصين
بهذا الوطن من خونة الداخل والخارج ، وفى رأيى الموضوع يحتاج لـ كثير من الدراسة والتحليل أو مايسمى ” إدارة
الأزمة ” لتلافى تكراره مستقبلا ، والأهم من هذا وذاك : ما الذى أوصل الشارع المصرى إلى هذا التطرف والإحتقان ،
والأمر جد خطير !! .
وأعود إلى المسئول محافظا كان أو وزيرا كل فى موقعه ، نعم هناك تشديد من الحكومة على ضرورة رعاية مصالح
المواطنين وإعمال القانون .. إلخ ، لكن يجب أن تراعى ” الشعرة ” الفاصلة بين آداء عملك وبين حق المواطن فى
المعاملة الكريمة ، وإلى النائب تحت قبه البرلمان أقول : سيادة النائب أنت من يحمل أمانه تمثيل أبناء دائرتك تحت
قبة البرلمان ، وقد أعطى لك الدستور الكثير من الواجبات تحت القبه يجب عليك أن تمارسها على الأقل وفاءا لوعدك
، لأنه هو الذى سوف يبقى بعد أن تزول الحصانة .. حفظ الله مصر