الدكتور علاء رزق يكتب : النظرة المستقبلية لدعم بيئة الإستثمار فى مصر
بذلت الدولة المصرية جهوداً دؤوبة من أجل التكيف مع تداعيات الأزمات العالمية المتتالية، وتطويع خططها التنموية من أجل تدعيم عوامل جذب الإستثمارات، فضلاً عن سعيها لتحسين القدرة التنافسية للإقتصاد، وزيادة مرونته، ورفع قدرته على إمتصاص الصدمات الخارجية والداخلية،
وذلك من خلال إعتماد العديد من الإصلاحات وإتخاذ التدابير اللازمة لدعم بيئة الإستثمار، ومن بينها الإصلاحات التشريعية والمؤسسية، وتطوير السياسات المالية والنقدية لتحقيق معدلات نمو متوازنة ومستدامة، وتحقيق التعافي في العديد من القطاعات،
بجانب تعزيز دور القطاع الخاص كإحدى الركائز الرئيسية لبرنامج الإصلاحات الهيكلية، وهو ما يسهم بدوره في التحول إلى اقتصاد إنتاجي، ويجعله وجهة جاذبة للإستثمار، ويعزز وضع مصر كوجهة إستثمارية بين دول العالم.
ورغم أن الدول والحكومات بدأت عقب جائحة كورونا فى إتخاذ بعض الإجراءات للتدخل فى عدد من الأنشطة الإستثمارية لإستعادة إمداد بعض السلع وإنقاذ الوظائف والشركات والتى عانت من التأثير السلبى، إلا أن مصر سعت إلى تعزيز دور المؤسسات التنافسية لمراجعة عمليات التنفيذ لضمان الحياد التنافسى.
لذلك أشارت الكثير من الهيئات الدولية وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، إلى إن التجربة المصرية والخطوات التى نفذتها الدولة لتطبيق الحياد التنافسى وكذلك استراتيجية جهاز حماية المنافسة المصرى تعد مرجعية ليس فقط على المستوى الإقليمى بل أيضاً الدولى.
وهو الأمر الذي أدى إلى ان مصر أصبحت الوجهة الإستثمارية الأولى في أفريقيا خلال 2023 ، للعام الثاني على التوالي ، على الرغم من التداعيات الاقتصادية العالمية، حيث بلغت نسبة الإستثمار الأجنبي المباشر في مصر 18.6% من إجمالي الاستثمارات في أفريقيا والبالغة 52.6 مليار دولار
ولا شك أن بروز مصر كوجهة إستثمارية في أفريقيا كان بسبب دخول العديد من الشركات متعددة الجنسيات في
قطاعات السيارات، والأدوية والإلكترونيات، علاوة على إدخال مصر نظام الشباك الواحد على المشاريع الإستثمارية،
والذي يعد من أبرز التدابير التسهيلية في عام 2023، وقبل ذلك تشكيل المجلس الأعلى للاستثمار ،برئاسة رئيس
الجمهورية عام 2023 ،
بهدف تعزيز التنسيق وفعالية أنشطة الترويج للاستثمار، وتقديم مصر حوافز مالية أخرى تركز بشكل خاص على
الترويج للهيدروجين الأخضر. لذا يمكننا القول أن استراتيجية مصر 2030 ورؤيتها الاقتصادية بمثابة إعادة تذكير المجتمع
الدولي بالنوايا الحقيقية للدولة المصرية في دعم الإقتصاد الحر ،والسوق المفتوح وإتاحة التنافسية وسياسة
ومكافحة الفساد.
كما تسعى مصر الآن فى ظل حكومة تعقد عليها الكثير من الآمال والطموحات إلى خلق اقتصاد تنافسي ومتوازن
ومتنوع ،يدعم الابتكار والمعرفة والعدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والبيئة، مع التطلع إلى تحديد عدد من أهداف
الإقتصاد الكلي في الاستراتيجية ،
بما في ذلك رفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي للدولة إلى 12٪ ، ونصيب الفرد من الناتج المحلي
الإجمالي إلى 10000 دولار أمريكي.وخفض البطالة إلى 5٪ ،ومعدل التضخم إلى ما بين 3٪ و 5٪ ، وخفض الدين العام
كحصة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 75٪.
وبينما توفر هذه الأرقام أهدافا مفيدة للدولة المصرية، فإن المنفعة الرئيسية لرؤية 2030 من منظور الإستثمار هي
كدليل لقطاعات النمو المحتملة.
كاتب المقال رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام