الكاتب الصحفي يسري السيد يكتب : لن نعيش فى جلباب من يسرقنا للأبد (3)

الكاتب الصحفي يسري السيد

ويظل السؤال الذى يشغل الجميع هل يمكن للعالم كله ان يتخلص أو يخلع عباءة الدولار للأبد لينجو من المقصله الأمريكيه والسيف المسلط على رقاب الجميع بالمصادره أو بخلق الأزمات العالميه أو بتجميد الاحتياطيات مثلما حدث مؤخرا مع روسيا ومن قبل ايران وليبيا وافغانستان ؟
الاجابه تكمن فى كيفيه التملص والتفلفص من قبضه الدولار دون مواجهة مباشره مع واشنطن أو على الأقل تأجيلها الى ان يشتد عود المواجهين ؟
…وأعتقد ان قيام بعض الدول فى المرحله الاولى بين أعضاء المجموعات الاقتصاديه مثل البريكس بالتبادل التجارى بالعملات المحليه هو البدايه
واذا كان البعض يستصعب هذه الخطوه أو يظنها مستحيله فالرد بسيط بان العالم مر بمراحل متعدده كان من بينها مرحلة المقايضه ،أى مبادلة البضائع ببضائع اخرى وحتى وقت قريب كان التعامل بالعملات المحليه قبل ظهور الدولار وبمئات السنين
و أعتقد ان جامعة الدول العربيه لو ترجمت هذا الاتجاه فى صورة قرار ملزم لجميع الدول العربيه بالتبادل التجاري بينهم بالعملات المحليه خاصه بعد اتفاق بعض الدول على ذلك مثل الامارات ومصر وتسير فى هذا النهج بعض الدول البتروليه
تخيلوا معى بعد انتهاء قيد اتفاقيه البترودولار منذ اسابيع و التى وقعت عام 1974 بين واشنطن واحدى الدول الخليجيه بربط بيع البترول بالدولار .. أقول يمكن الآن ان تتحرر الدول النفطيه فى العديد من دول العالم من هذا القيد.
تخيلوا معى ان الصين صاحبة الاقتصاد والتجاره الضخم و التى تستحوذ على نصيب كبير من التجارة العالميه قد قررت ان يكون تبادلها مع العالم كله بالعملات المحليه بعد ان بدأت مع روسيا وعدد من دول العالم المشوار .
ماذا اذا قرر الاتحاد الاوروبى ان يكون التعامل بين الاعضاء باليورو فقط ، نعم اوروبا تابعه لواشنطن لكن اعتقد تعارض المصالح قد يكون منفذا للباحثين عن الخلاص
طبعا الامر ليس بهذه السهوله و السذاجه و السطحيه لوجود العديد من العراقيل التى يمكن ان تجعل العالم فى مهب الريح … مثلا ستكون أول معضله كبرى من بعض الدول الدائنه لامريكا وقد وصلت المديونيه الامريكيه الى رقم لايصدقه العقل الى اكثر من 36 تريليون دولار ، كيف ستسترد فلوسها بعد ان ينهار الدولار ؟!
ومن جهة ثانيه ماذا ستفعل كل دول العالم التى تحتفظ بالاحتياطى التقدى لها بالدولار ، وكلها ستتحول الى مجرد ورق أرخص من الحبر الذى طبع بها .. ومن جهة اخرى كيف ستسترد دول اخرى الايداعات أو الاستثمارات بالدولار فى الأسواق الأمريكيه وغيرها ؟

طبعا تراهن واشنطن على مثل هذه المعضلات وخسارة العالم كله ما لديه من ثروات اذا فكر فى التحول عن الدولار

وكله لصالح الكاوبوى الامريكى ؟

لا أحد يشكك فى هذه النتائج الكارثيه ، لكن تعالوا نستعيد ما حدث بالفعل من كوارث خطط لها الكاوبوى المريكى

بحرفيه من قبل وكانت آخرها الحرب الروسيه الاوكرانيه وقبلها الكورونا وقبلها الايام السوداء فى البورصات العالميه

وكلها بيد وتخطيط الامريكان ، لكن مشكلتنا أننا ننسي

ننسى ان واشنطن قررت ان تحصل على ثمن الانتصار قبل ان تضع الحرب العالميه الثانيه أوزارها حين بدأت تعمل

بقوه للسيطرة على العالم بانشاء نظام عالمي جديد تكون على قمته و فى القلب منه نظام عالمي اقتصادي جديد

تكون واشنطن والدولار الأمريكي رأس الهرم فيه ،و باتفاقية Bretton Woods سنة 1944 تم اعتماد الدولار كمرجعٍ

رئيسي لتحديد سعر عملات الدول الأخرى ، باختصار ترسّخت هيمنة الدولار الأمريكي على تعاملات العالم

الاقتصادية،

و بدأت مرحلة الخداع بالغطاء الذهبى للدولار وهى تمتلك 75% من ذهب العالم ، واصبح الدولار هو العملة الوحيدة

على مستوى العالم المغطاة بالذهب ، مما دفع دول العالم إلى تكديس الدولارات بهدف استبدالها بالذهب مستقبلًا

كاحتياطي لها ،

يعنى تم ترجمة الحلم الامريكى وبدأت اولى خطوات تحقق حلم العمّ سام بالسيطرة على الاقتصاد العالمي،ولكن

حرب فيتنام (1956م – 1975م ) ونفقاتها الباهظة أظهرت الوجه الحقيقى للكاوبوى الامريكى للجميع ، وكانت صدمة

نيكسون ( الرئيس الامريكى وقتها ) للعالم بالغاء تغطية الدولار الأمريكي بالذهب ، لأن الذهب الموجود في الولايات

المتحدة (بل والعالم) لم يعد كافيًا ليغطّي الدولار ، و لم يعد بالإمكان طباعة المزيد من الدولارات لأنّ الذهب الموجود

لم يعد كافيًا لتغطيتها، وبالتالي قامت الولايات المتّحدة بتجاوز الحد الأعلى المسموح من الدولارات المطبوعة، وقامت

بطبع دولارات غير مغطاة بالذهب دون أن تُعلِم أحدًا بذلك.

ولكن الأزمة الكبرى حصلت عندما طالب الرئيس الفرنسي تشارل ديغول عام 1971م بتحويل الدولارات الأمريكية

الموجودة لدى البنك المركزي الفرنسي إلى ذهب (طالب بتحويل 191 مليون دولار إلى ما يقابلها من الذهب، وكان

سعر الأونصة 35$)، عملًا باتفاقية Bretton Woods التي تسمح بذلك; أدّى هذا الأمر إلى عجز الولايات المتّحدة لاحقًا

عن تحويل أي دولارات أمريكية إلى الذهب، مما دفع الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون إلى الغاء التزام الولايات

المتّحدة بتحويل الدولارات الأمريكية إلى ذهب، عُرفت لاحقًا باسم Nixon Shock أو صدمة نيكسون.

وهكذا سرقت واشنطن كل احتياطى العالم !

يعنى التاريخ محتشد بالازمات والنهب والسرقه ومن اخراج سينما هوليود ، وعلينا توقع ردود امريكيه لا تخطر على

البال لكن ستكون الصرخه الكبرى اذا أتحد الجميع : لن نعيش فى جلباب من يسرقنا منذ عام 1944؟!

yousrielsaid@yahoo.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.