الدكتور محمود فوزي بدوي يكتب : عاشوراء …معبر نجاة وغفران

الدكتور محمود فوزي بدوي

يتعجب المرء أحيانا من أناس يرون عظمة وقدرة الخالق ثم يصدفون عنها ، وكم من أناس آخرين قد شهدوا بالعظمة والقدرة لمن خلقهم ، ثم يمرون كان لم يشهدوا شيئا قد نال من قلوبهم وانصاف عقولهم …، والأدهى أنك ترى القوم يباهون بعظمة أو قدرة هم على يقين من ضعفهم الكامل للحفاظ عليها أو حتى تلمس أسباب صياغتها ..

لقد كان لنا مع سيدنا موس “عليه السلام ” ، وفرعون وجنوده ، دروسا لا يمكن أن تمر على قلوبنا أو عقولنا هكذا ، فما أدركه فرعون وقومه من آيات بينات عظيمات لطلاقة قدرة الحق المقتدر ، وبلوغ ارادته فيهم ، لم يكن كافيا من وجهة نظرهم لكي يقروا بهذا الحق أو هذا الاقتدار ، لماذا ألتشكيك في أمر “موسى عليه السلام ” ، أو عدم تصديق ، لا والله ، انها غلظة القلب ومراوغة الحق وانكار ه ، ورفض السلطان الا لهم ولمن نصبوه عليهم بصناعتهم لكي يكون لهم اله يأتمر بما يقرروه ، ويفعل ما

يوجهون به …

لقد صدف فرعون وجنوده بعزة واستكبار وغمط للحق ، فرأوا الآيات تلو الآيات ، ووالله لم تكن من وجهة نظرهم الا

مهادنة في نفوس جبلت على التمرد والنكران ، وثم العزة بالاثم واتباع الهوى في غير هوادة أو تمحيص …، أمر الله

نبيه أن ينصرف بمن معه لا ليهربوا من فرعون وجنوده ، ولكن ليعبروا لله وبالله بما ثبت في قلوبهم من الحق واليقين ،

حتى تكون لهم الحياة الخالصة في طاعة الله ، بعيدا عن قهر الغادرين أو افك الكاذبين …،

ولكن أبت ارادة السوء الا أن تلحق بهم في غير اعمال لعقل أو تبصر ، فكيف يصدح الحق في حرية بعيدا عن دنس

المتابعة للروح والجسد ، ففرت جماعة الباطل -في غير علم – من الاستقرار الى غير قرار ،ومن النعيم الى الجحيم

،ومن رغد العيش الى سوء المنقلب ، لقد اختاروا أن يكونوا أعمدة لكل شر عبر التاريخ ، وأن يكونوا شواهد لقساة

القلوب ، ومنكري الحق ، فما كان من الاله القادر العظيم ، الا أن يجعلهم لمن خلفهم آية ، حتى يعتبر الظالمون

والمتكبرون والغادرون ، وليعلموا أن الله الحق ، هو من ينصر الحق بعباده الذين اصطفى ، ومن قويت في منهجه

اراداتهم ، ومن علقت بذكر ه أفئدتهم ، فكانوا أعلام الايمان ورسله وروعته، ..

ولنعلم جميعا أن في اتباع الحق نجاة ، وفي اتباع الظلم ضياع ، والله الرحمن ينصر برحمته من ينصره ، ويدافع عن

من تمسك بدستوره ، ولهذا فان تقوى الله هي الأمل ووجاءه هو صراطنا المستقيم .

كاتب المقال أستاذ أصول التربية ووكيل 
كلية التربية – جامعة المنوفية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.