عبد الناصر البنا يكتب : الصناعة .. حكايات مالهاش نهاية !!

عبد الناصر البنا

هذا المقال هو فى المقام الأول موجه لفخامة رئيس الجمهورية وللسيد وزير النقل والصناعة الفريق كامل الوزير وسيبك ياعزيزى القارى ْ من شوبير وإتحاد الكورة وأحمد دياب وميدو ووليد دعبس وكل الهرى إللى مالوش لازمه وتعالى أحكى لك حكاية تخليك تعض على النواجز بس أوعى تفقد صوابعك ، وأوعدك لو كملتها للآخر من غير ماتاخد لك “حبايتين ” ضغط ، أنا هعمل لك تمثال جنب تمثال نهضة مصر .

بس خلونا فى البداية نتفق على أن مصر مش هتتقدم أو ترفع شعار ” صنع فى مصر ” إلا إذا غيرنا طريقة تفكيرنا ، وفتحنا الباب وأدينا الفرصة لأصحاب العقول إللى بتفكر بطريقة صحيحة أو إللى بيفكروا خارج الصندوق ومنهم بطل حكاية إنهاردة ، وهى حكاية مرتبطة إرتباط وثيق بأزمة الكهرباء إللى بتعانى منها مصر اليومين دول وحلها بقرش ملح .. أيوه الله !!

بطل حكاية اليوم هو د.م محمد حلمى هلال ، ولمن لايعرف من هو حلمى هلال هو أحد مهندسى كفاءة الطاقة فى مصر ، وهو رئيس جمعية مهندسى ترشيد الطاقة ، ورئيس لجنة الطاقة بجمعية رجال الأعمال المصريين ، ومستشار هيئة تنمية الصعيد للطاقة المتجددة والتنمية المستدامة ، وحاجات تانية كتيرة لا أود أن أطيل فيها

إذن نحن أمام رجل له باع طويل فى مجال ترشيد الطاقة ، وله فى المجال شهرة عالمية تخطت حدود الوطن وحدود الزمان والمكان منذ سنوات ليست بالقليلة ، وهو أحد المهمومين بقضايا الطاقة فى وطنه ـ وهو مصرى حتى النخاع ، هذا الراجل له 25 سنه وهو ينادى بترشيد الطاقة ، وقال الكلام دا عشرات المرات خلال إستضافته فى برامجى على شاشة الفضائية المصرية وغيرها ، وهو شايف أن الدولة بتدعم الكهرباء ب 160 مليار جنية ، لو ضحت ب 20 مليار منهم على مشاريع كفاءة الطاقة ، هى الكسبانه لكن للأسف وكأنما يؤذن فى ” مالطة ” ،

والغريب أن الدولة رغم أزمتها لا تسمع ولا ترى وكأنما ” ودن من طين .. وودن من عجين ” بدليل أنها لاتضع شروطا أو مواصفات لكفاءة الطاقة للأجهزة والمعدات التى يتم إستيرادها من الخارج ، وهى تطلق الحبل على الغارب لإستيراد أجهزة ومعدات ذات كفاءة متدنية جدا ، كونها أكثر إستهلاكا للكهرباء ، الغرب الجميل يستغنى حاليا عن هذه الأجهزة والمعدات لأنها غير مجدية أو عير إقتصادية فى إستهلاك الطاقة ، ونتلقفها نحن ، وهذه واحدة !!

أما الثانية فهى أن العالم كله حاليا يضع ” بصمة كربونية ” للمعدات وللإنتاج.. وللتقريب أى منتج لابد أن تحدد مقدار الإنبعاثات الكربونية التى خلفها إنتاجه ، وأصبحت الإنبعاثات الكربونية أو البصمة الكربونية أحد أهم مقاييس جودة الإنتاج ، وأحد العناصر الهامة التى ترجح منتج عن آخر ، أما طريقة ” حادى .. بادى ” المتبعة لدينا مش هنعرف من خلالها نصدر حاجة .. لأن كفاءتنا متدنية !!

أما القاضية ، قبل الدخول فى موضوعنا ، فالدولة تفرض رسوم وجمارك 30% على اللمبات الموفرة و 20% على لمبات الليد ، فى الوقت إللى تفرض فيه 5% فقط على اللمبات المتوهجه والهالوجين الشرهة فى إستهلاك الطاقة .. إدينى عقلك !!

د.م محمد حلمى هلال الذى لم تبدأ حكايته بعد يقول لى فى سياق حديثنا عن مشكلة الطاقة فى مصر ، الكهرباء ببساطة هى إنتاج وإستهلاك ، الإنتاج يعنى الكهرباء المولدة من مصادرها المحتلفة ( محطات التوليد بالوقود ـ المحطات الشمسية ـ محطات الطاقة الجديدة والمتجددة .. إلخ ) ومقدارها 35 ألف ميجاوات وهى لاتكفى لسد حاجة الإستهلاك المحلى ، وهناك 10% فاقد فى الإنتاج أى 3.5 جيجا وقت الذروة بسبب الحرارة العالية ، وبدون الدخول فى تفاصيل ، وللعلم فإن الفاقد فى الكهرباء وفقا لتصريحات الوزير هو 32% مابين نقل وتوزيع ودرجات الحرارة العالية بخلاف سرقة التيار.. إلخ ،

ولذلك يرى م.حلمى هلال أن الكارثة الحقيقية ليست فى إنتاج الكهرباء ، وإنما فى الإستهلاك بسبب عدم الترشيد ،

وطبعا ملف الكهرباء والطاقة مسئولية مشتركة بين عدة وزارات وهيئات ” الكهرباء ـ البترول ـ الصناعة ـ البيئة ـ التجارة ـ المالية ” يعنى عدد كبير من الوزرات مسئولة مسئولية تضامنية .

أما حكاية م. حلمى هلال بدأت فى شهر مايو 2023 تزامنا مع إحتفال مصر بعيد العمال ، عندما تفضل السيد الرئيس بإفتتاح مصنع ” فيوتك ” لصناعة الكشافات ومعدات الطاقة الذكية الموفرة للطاقة فى مدينة السادات ، بنظام الفيديو كونفرانس ، هدف فيوتك الأساسى هو ترشيد استهلاك الطاقة ، وقتها سلطت الـ Media ووسائل الإعلام الضوء على المصنع . والحقيقة أن شكل المصنع والمنظومة التى يعمل من خلالها حاجة تفرح القلب ، المشروع عبارة مجمع صناعى قوامه أربعة ادوار مقام على مساحة 2500 م2 ، وهو عبارة عن مجموعة مصانع متكامله تتبع أعلى معايير الجودة والكفاءة فى إستهلاك الطاقة ، وهى خلاصة فكر الرجل وأبحاثه التى أفنى عمره فيها والمتعلقة بكفائة إستهلاك الطاقة ، هو يرى أن ثروة مصر القومية تكمن فى العقول التى تطور وتبتكر ، وأن مفتاح مصر فى الخروج من كهف الطاقة هو التعامل من خلال نظومة علمية للوصول الى الطاقة الخضراء والمستدامة .

الطاقة الإنتاجية للمصنع 250 كشاف/ ساعة ، الكشافات المنتجه حاصلة على أعلى شهادات الجودة فى العالم طبقا للمواصفات الحديثة ، السعر أقل من ” ربع القيمة ” مقارنة بالمستورد ، شكل الكشاف جديد ومبتكر وهو يوفر 60 % من الطاقة ، وعمر تشغيل الكشاف أضعاف الكشافات العادية التى تصر المحافظات حتى اليوم على عمل مناقصات لشرائها ، مع كل كشاف شهادة ضمان لمدة خمس سنوات ، أما عمر التشغيل الفعلى يمتد لعشر سنوات ، كشاف ذكى يعطى نفس مستويات الإضاءة ويستهلك 50 % فقط من الطاقة ، وهو مزود بدوائر ذكاء إصطناعى توفر من إستهلاك الكهرباء ، كما تم ابتكار كشافات جديدة بدوائر طوارىء تعمل لمدة 3 ساعات بدون كهرباء فى حال إنقطاع الكهرباء ، وهذا سبق وخلاصة أبحاث وتجارب وخبرات مصرية خالصة لم يصل إليها العالم بعد ، الكشاف الجديد لايحتاج إلى ولاعة أو كنترول أو بنية تحتية مكلفة ، وكونه كشاف ذكى يمنع الوصلات الغير قانونية إلتى كانت تتم من خلال الولاعة أو الكنترول ، وكفاءة الكشاف ضعف كفاءة الكشافات التى لاتزال الدولة تتعاقد عليها ، وبالتالى استهلاكها أقل ، إضف إلى ذلك أنه خلال الساعات المتأخرة من الليل يوفر إستهلاك الكهرباء التى تغنى عن فصل الـ أعمدة التى تشوه الشكل العام ، ونعرض الناس للخطر .

بقى أن أشير إلى أن المصنع ملحق به مدرسة وأكاديمية للتدريب والتعليم تابعة للتعليم الفنى تستقبل الطلاب من المرحلة الإعدادية وتؤهلهم لسوق العمل وفقا لأحدث الأنظمة المتبعه فى أوربا ودول العالم المتقدمه ، وخريجيها من أوائل الجمهورية .

الرئيس عبدالفتاح السيسى أعطى لهلال دفعة قوية لما عرف أن نسبة المكون المحلى مابين 50 : 60 %
وقال له : أنا ها أدعمك ، واقف جنبك لغاية مايبقى المكون المحلى 90% . ووفاءا لوعدة أمام الرئيس ، عمق هلال التصنيع المحلى ووصل لـ 91 % ، واستعمل مدخراتة وقت أن كانت أزمة الدولار على أشدها ، وقرر أن يستثمر بنفسه فى المجال الذى يجيد العمل فيه ، وبدون أى دعم من أحد ، وبدون ( إبدأ ) من أجل رفع نسبة المكون المحلى لـ 91 % . الرئيس سأله : هو سعر الكشاف كام ؟
وأجاب : يافندم 30% من سعر المستورد ، سعرنا يافندم مابين 2000 : 2500 جنيه ، وشوفوا الفيديوهات ، وعلى الرغم من التعويم وسعر الدولار .. إلخ ،

ومن خلال تعميق المكون المحلى ظل سعر الكشاف لليوم كما هو ، منذ ان أعطى الرئيس إشارة البدء فى مايو 2023 . والكشاف 100 وات بمبلغ 2000 جنيه ، الكشاف 150 وات بمبلغ 2500 جنيه !!

تخيل عزيزى القارىء لو الكشافات دى تم إستخدامها فى الشوارع والطرق السريعة وفى المشروعات القومية التى تقيمها الدولة وفى مبادرة حياة كريمة .. كم توفر على الدولة ، عوضا عن الكشافات الحالية التى لاتكمل العام الواحد ؟ . ولكن إحقاقا للحق أمر الرئيس وقتها السيد رئيس الوزراء م.مصطفى مدبولى ، والسيد عاصم الجزار وزير الـ إسكان بالتعاقد مع م. حلمى هلال فى كل مشروعات الدولة القادمة .

الكارثه الكبرى .. أن مصنع فيوتك اليوم على وشك أن يغلق أبوابه ، ولك أن تتخيل أنه حتى اليوم رغم تعليمات الرئيس الواضحة للمسئولين بتشجيع المنتج المحلى .. إلخ . لم يطرق باب مصنع فيوتك أحدا من المسئولين فى الدولة للتعاقد معه وشراء كشافات الـ إضاءة منه ، وحط من علامات الإستفهام كما تشاء ، الرجل فى مرارة يقول : ولا جهه طلبت منى كشاف واحد رغم أنهم بيشتروا كشافات مابتكملش سنه ، وبسعر مضاعف وجودة أقل وإستهلاك أكثر للطاقة .. فين وعود الرئيس !! ولماذا لم تنفذ ؟ فين الوزير كامل الوزير ليرى بعينى رأسه مجمع فيوتك لصناعة الكشافات ومعدات الإضاءة الذكية فى مدينة السادات والوقوف على التقنيات المصرية الخالصة التى تطبق فيه أعلى معايير الجودة .

وبمرارة يقول : بعد إفتتاح الرئيس للمصنع وفى اليوم التالى قامت 16 جهة حكومية بالتفتيش على المدرسة التابعة للمصنع ، أسبوع كامل كل يوم يطرق بابنا عدد كبير من المفتشين لـ البحث عن مخالفة واحدة للمدرسة التى تتبع الطريقة الأوربية فى التدريب والتدريس ، والتى قوامها 200 طالب ، ينفذوا اليوم أحدث مشروع فى مصر لإضاءة الشوارع المحيطة بالمصنع فى مدينة السادات ، بإستخدام الطاقة الشمسية بالأبحاث والمكونات التى قام الطلبه بإنتاجها وتصنيعها ، وبتكلفة قدرت ب 600 ألف جنيه هدية منه لأبنائه الطلاب المتفوقين ، وسط إعجاب وتقدير كبيرين من السيد محافظ المنوفية ، ويقول : الحمد لله أن كل تقارير لجان التفتيش قالت : الصراحة إنتو ناس زى الفل ، مصر مفيهاش حاجة زى كده !! ، أصل الموضوع كان وشاية من أحد الصحفيين !!

أما رد فعل شركات ” تانجو و كلوى ” الأسبانية عندما زاروا المصنع قالوا : أسبانيا مفيش فيها مصنع زى ده .. !!
فخامه الرئيس عبدالفتاح السيسى .. قلبى وجعنى على هذا الرجل صديقى الذى يقاوم طواحين الهواء ، وهو يحاول أن يحرك المياة الراكدة ، ويرفع شعار ” صنع فى مصر ” .. فهل سوف تقرأ كلامى ؟ . وهل سوف يقرأ الفريق كامل الوزير هذا الكلام ويقوم بزيارة ولو مفاجئة لمصنع فيوتك بمدينه السادات لـ ينقذ مايمكن إنقاذه على الاقل تنفيذا لـ توجيهات السيد الرئيس .. وأنا آسف جدا والله للإطالة .. ودائما وأبدا ” تحيا .. مصر ” .
Elnaser66@yaoo.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.