فى البيان المهم الذى ألقاه دكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء أمام البرلمان مؤخرا وصف الحكومة الجديدة بأنها ” حكومة تحديات ” ، وهو وصف لو تعلمون عظيم فما أكثر التحديات والصعاب التى تواجه الدولة المصرية ، بل تواجه المنطقة باسرها ولن أبالغ إذا قلت تواجه العالم اجمع خلال الفترة الأخيرة، ولعل في مقدمتها الأزمة الاقتصادية التي ضربت دول العالم المتقدم منها قبل النامى طوال السنوات الاربع الأخيرة وتحديدا منذ جائحة كورونا وما تلاها من أحداث وصراعات لاسيما بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، ثم العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني الاعزل فى أعقاب انطلاق عملية طوفان الأقصى التى نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس في السابع من اكتوبر الماضي .
من هذا المنطلق أطلق دكتور مدبولى هذا الوصف على حكومته الثانية فى اشارة الى تعدد الصعاب والتحديات بل و الأزمات التى تواجهها خلال تلك المرحلة خاصة فيما يتعلق بزيادة الأسعار وانقطاع التيار الكهربائي وارتفاع نسبة التضخم وكذلك أزمة نقص موارد العملات الأجنبية لاسيما الدولار فى أعقاب انخفاض عوائد قناة السويس بسبب تداعيات الحرب في غزة بنسبة تصل الى ٩٠ % ، الأمر الذي يجعل الحكومة الجديدة فى صراع مع الوقت حتى يمكنها مواجهة تلك التحديات والعبور بالبلاد والعباد الى بر الأمان ، ولن يتأتى ذلك الا ببذل المزيد من الجهد والعمل منا جميعا ، حكومة ومواطنين .
وإذا كانت هذه هي الصعاب والأزمات التى تواجه ” حكومة التحديات ” بحسب وصف دكتور مدبولى، فإنه أعلن أيضا خلال إلقاء بيان التكليف.. إن صح التعبير .. أن هناك العديد والعديد من الالتزامات التى يتعهد هو وحكومته ” وزراء ومحافظين ” بتنفيذها خلال الفترة المقبلة
مستعرضا برنامج الحكومة الجديدة على مدى السنوات الثلاث المقبلة من خلال تحديد أربعة محاور أساسية تشمل بناء اقتصاد تنافسي لجذب الاستثمارات، وبناء الإنسان و المواطن المصري وتعزيز رفاهيته، وتحقيق الاستقرار السياسي والتماسك الوطني، وحماية الأمن القومي والسياسة الخارجية للبلاد.
وحتى يتم بناء اقتصاد تنافسي حدد رئيس الوزراء ثلاثة محاور تعتزم الحكومة العمل عليها، وهي ترسيخ دعائم النهوض الاقتصادي، وتمكين القطاع الخاص، وكبح جماح التضخم ، مؤكدا أن الحكومة تستهدف فى السنة الأولى من برنامجها تحقيق معدل نمو يبلغ 4.2%، بما يتماشى مع مستهدفها في العام المالي الحالي، “على أن تحقق معدلات نمو تتجاوز 5% كمتوسط خلال فترة البرنامج” .
وكذلك تستهدف الحكومة زيادة الاستثمارات الخاصة إلى ما بين 60-65% من إجمالي الاستثمارات بحلول عام 2030،
ورفع معدل النمو السنوي للاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى نحو 14%. ، علاوة على زيادة مساهمة قطاعات
الصناعة والزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الناتج المحلي الإجمالي إلى 38% بحلول عام 2027/2026.
كما ستلعب الأهداف الحالية لقطاع السياحة دورا مهما، حيث أكد رئيس الوزراء التزام الحكومة بزيادة السائحين
الوافدين إلى البلاد إلى 30 مليون سائح سنويا بحلول عام 2028 – أي ضعف العدد الحالي تقريبا. كما وضع مدبولي
هدفا لنمو الصادرات السنوي إلى ما يزيد عن 15% والتركيز على تعزيز صادرات السلع والبترول والخدمات.
ومن الالتزامات المهمة التى قطعها رئيس الوزراء على حكومته تطوير البنية بهدف تحويل مصر إلى مركز عالمي للخدمات اللوجستية والتجارة، من خلال تطوير 7 ممرات لوجستية دولية تنموية متكاملة لربط مناطق الإنتاج بالموانئ
البحرية، فضلا عن تطوير الموانئ البحرية من خلال إنشاء أرصفة جديدة ليصل إجمالي أطوال الأرصفة بالموانئ
البحرية إلى 100 كيلومتر، وتطوير الأسطول البحري المصري ليكون قادرا على نقل 20 مليون طن بضائع متنوعة
سنويا، كما تعمل الحكومة على تكوين شراكات استراتيجية مع كبرى شركات إدارة وتشغيل محطات الحاويات
العالمية والخطوط الملاحية العالمية لضمان وصول وتردد أكبر عدد ممكن من السفن العالمية على الموانئ المصرية،
واستكمال مخطط تنفيذ إنشاء عدد 31 ميناء جافا ومنطقة لوجستية على مستوى الجمهورية.
كذلك تلتزم الحكومة الجديدة بالعمل على زيادة الإيرادات العامة بنحو 16% في المتوسط سنويا حتى عام
2027/2026، وترشيد ورفع كفاءة الإنفاق العام وكذلك العمل على معالجة الفوارق فى التوظيف من خلال زيادة
مشاركة المرأة في القوى العاملة إلى 19% بحلول العام المالي 2027/2026، مع زيادة معدلات التوظيف إلى 37%
على الأقل في الصعيد و45% في المحافظات الحدودية.
ونأتى للالتزام الأهم الذى قطعه دكتور مدبولى على نفسه وحكومته حينما أكد أن التعليم سيكون على رأس
الأولويات خلال الفترة المقبلة ، مشيرا إلى أن الحكومة وضعت فى مقدمة أولوياتها إنشاء المدارس الجديدة بالمناطق
الأعلى كثافة من حيث الطلاب والمناطق النائية، مع اهتمام خاص بالتعليم الفني لتخريج طلاب مزودين بأحدث
المهارات والتقنيات، واستهداف إنشاء أكثر من 60 مدرسة فنية وتكنولوجية حتى عام 2026 في إطار من الشراكة مع
القطاع الخاص في إدارة وتشغيل تلك المدارس، وكذلك التوسع في مدارس النيل والمتفوقين، وإضافة 100 مدرسة
جديدة من المدارس اليابانية حتى عام 2026.
هذه بعض من التحديات التى ستواجهها حكومة مدبولى الثانية خلال الفترة المقبلة وكذلك بعض من الالتزامات التى
تعمل على إنجازها فى السنوات الثلاث الأولى بعد نيلها ثقة نواب الشعب فى الجلسة الخاصة المزمع انعقادها يوم
١٨ يوليو الحالي وذلك بعد انتهاء اللجنة التى شكلت برئاسة وكيل أول المجلس المستشار أحمد سعد الدين من