الكاتب الصحفي يسري السيد يكتب : من ” يتلظى ” في الثانوية العامة؟!

الكاتب الصحفي يسري السيد

متى يرحل البعبع من البيوت المصرية.. أقصد شبح الثانوية العامة؟! والجانب المضئ في هذه القضية هو دخول نحو 745 ألف طالب، بالضبط ( 745086) طالبا، إلى مارثون الثانوية العامة وهذا يؤكد أن مستقبل مصر بخير باذن الله بهذا العدد الضخم من أولادنا، يعنى تخيلوا معى أن مثل هذا العدد الضخم إذا أحسنا تعليمه وتوجيهه.. ماذا سيفعل في طريق النهضة والتقدم لبلدنا؟
وأضعاف هذا العدد ينضم لهم إذا أضفنا لهم خريجى الجامعات والمدارس والمعاهد الفنية هذا العام.. يعنى لدينا ثروة ضخمة وقوة ضخمة تستطيع أن تفعل المستحيل.. لكن القراءة المتأنية في الأرقام والمؤشرات تتطلب منا أن نتوقف ونفكر ونناقش..
مثلا عدد طلاب الشعبة العلمية “علوم” بلغ 434 ألفا و574 طالب وطالبة ليشكلوا 58% من عدد المتقدمين، وعدد الطلاب فى شعبة الرياضيات 102 ألف و827 طالبا وطالبة ليشكلوا 14%، وعدد الطلاب لشعبة الأدبي207 آلاف و685 طالبا وطالبة ليشكلوا 28 %.
الدلالة المبدئية أن التوجه العلمى لطلابنا وصل إلى نحو 536 الف طالب.. تخيلوا معى الرقم والدلالات، باختصار هذا يعنى أن هؤلاء منوط بهم تقدم مصر فى المجالات العلمية والبحثية والتكنولوجية والطبية ثم يروج البعض برايات اليأس والاحباط!
الدلالة الثانية أن أعداد الطلاب في الشعبة الادبية حوالى 208 الاف طالب.. هذه الارقام تجعلنا نفكر في كيفية تقليل هذا التوجه نحو الدراسات النظرية لصالح التوجه العلمى والصناعى والزراعى والتكنولوجى والذكاء الاصطناعى.
الدلالة الثالثة زيادة عدد الطلاب الملتحقين بالشُعب العلمية بنسبة 2% عن العام الماضي، وانخفاض نسبة طلاب الشعبة الأدبية بنسبة 8%.. يعنى التوجه يزداد إلى ناحيه المجالات العلمية وإن كان ببطء.
بعبع الثانوية العامة
والسؤال القديم والجديد إذا كنا قد أحدثنا تطويرا في المستوى العلمى في المناهج العلمية متى تتخلى الثانوية العامة من الصورة الواقعية الموجودة فى المجتمع المصرى كبعبع وكابوس، ليس للطلاب فحسب، أو أسرهم فقط.. لكن للجميع.. نحن لن نخترع العجلة.. لكن تعالوا نستكمل عملية التطوير باصلاح حال المدرس علميا وماديا حتى يستطيع أن يعلم اولادنا.
ثم ننقل نظام التقييم والاختبار بالكامل ممن استوردنا منهم المناهج، فلا يعقل أن يكون مصير الطالب مرتبط بعام واحد من جهة.. ومن جهة ثانية هل هذا الكم الهائل من المعلومات الموجود في المناهج له فائدة عند التخصص في دراسة بعينها أم تكون معوقا في الوصول إلى الدراسة والتخصص الذى يريده الطالب.. في الخارج مثلا ليس مجموع الدرجات ولا فلوس الأهل وحدها هى التى تحدد التخصص العلمى الذى يريد دراسته الطالب..
علينا أن نفكر في الطريقة التى يسير عليها من استوردنا منهم المناهج والتى تقيس بحق قدرات الطالب ومدى ملائمته لما يريد أن يدرسه.. الذى يريد مثلا دراسة الهندسة أو الطب أو العلوم أو الكومبيوتر أو الذكاء الاصطناعى.. الخ يدرس العلوم المرتبطة بذلك..

أما عندنا فقد يكون الطالب متفوقا في الرياضيات لكنه ضعيف في اللغة العربية أو في اللغات.. الخ من مواد، لذلك يفشل في الالتحاق بالكلية التى يريدها والتخصص الذى سينجح فيه بسبب مواد لا علاقه لها بما يريد أن بتخصص فيه.
نحن لن نخترع العجلة.. بعض الدول المتقدمة لها خبرات في التعليم ونحن لدينا خبرات أيضا.. لماذا لا نستفيد منها بعيدا عن مغامرات التجريب في أولادنا واعتبارهم فئران تجارب.

معنى تتلظى

والكوميديا الهزلية تطفو على السطح عندما يصبح معيار إختبار أولادنا في المواد الدراسية أحيانا مهتزا عندما يصر

واضع الامتحانات على استعراض العضلات، أشعر أحيانا أن بعض واضعى الامتحانات في الثانوية العامة أو حتى في

الجامعات لديهم “تار بايت” مع الطلاب، متى يكون الهدف هو قياس الاستيعاب العلمى للطالب وليس أشياء أخرى!

على سبيل المثال كلمة يتلظى التى أثارت لغطا كبيرا في إمتحان اللغة العربية هذا العام، مثلما يحدث كل عام

للإصرار المستمر والرغبة المستعرة على إيقاع الطالب في الفخ، يأتون بمفردات يختلف حول معناها المتخصصون

ويصر واضعو الامتحانات على الإيقاع بالطالب وفي ظل نظام الإختيار المتعدد الذى لايتيح للطالب الشرح أو النقاش

لتوضيح وجهة النظر تكون الكارثة..

فقد سئل الطلاب “أي من الكلمات التالية تعبر عن معنى “تتلظى الصدور لنعمتك”؟

والاختيار بين “تتطلع – تحقد – تتأسى – تتحسر”

والإجابة الصحيحة من نماذج الاجابة هي تحقد، وأغلب الإجابات رجحت خيار تتطلع.

ولندرك حجم المأساة تعالوا نتجول في المعاجم لنرى بعض المعاني المختلفة للكلمة، مع العلم أن طالب الثانوية

العامة ليس المتنبى أو سيبويه.. تعالوا نبحر مع تلظى وبعض معانيها فى المعاجم..

تَلَظَّتِ النَّارُ: تَلَهَّبَتْ، اِلْتَهَبَتْ، اِتَّقَدَتْ، اِضْطَرَمَتْ

تَلَظَّى غَضَبًا عَلَيْهِ: اِغْتاظَ، غَضِبَ

تَلَظَّى الهَجيرُ: اِشْتَدَّ حَرًّا

تَلَظَّتِ الأرْضُ: اِشْتَدَّ لَهَبُها

تَلَظَّتِ الحَيَّةُ مِنَ السُّمِّ: تَحَرَّكَتْ، تقَلَّبَتْ

اللَّظَى: لهبُ النار الخالص لا دُخانَ فيه

إسم من أسماء جهنَّم وسمِّيت بذلك لأنّها أشدّ النيران

أترك لكم الحكم هل طالب الثانوية العامة أو حتى مدرسوه يمكن أن يتلظوا في نار هذه الكلمة؟!

yousrielsaid@yahoo.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.