المستشار علاء سليم يكتب : كيف تكون رعاية مصالح المصريين في الخارج ؟

المستشار علاء سليم

إجتماع هام لمجلس الشيوخ نتج عنه حزمة من التوصيات الهامة وجهها المجلس للحكومة فيما يخص رعاية مصالح المصريين بالخارج، تضمنها تقرير لجنة الشؤون المالية والاقتصادية والاستثمار عن مشروع قانون باعتماد خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2024/2025 ووافق عليها المجلس برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق .

أقر مجلس الشيوخ ثلاث توصيات في مجال رعاية مصالح المصريين بالخارج كان أهمها التنسيق بين مختلف الجهات المعنية لتوحيد مسارات جمع المعلومات المتعلقة بالمصريين في الخارج و إنشاء منصة تواصل اجتماعي لتعزيز التواصل بين المصريين في الخارج، وتوفير مساحات لتبادل الأفكار والمبادرات وتعزيز وتوسيع نظام التأمين الاجتماعي للعاملين المصريين بالخارج، وذلك عن طريق توفير مظلة حماية شاملة أو جزئية تشمل الرعاية الصحية والتأمين ضد المخاطر المهنية والحوادث، لضمان استقرارهم ورفاهيتهم الاجتماعية والاقتصادية .

والحقيقة أن المصريين بالخارج جزءا محوريا فى عملية التنمية، لكن التساؤل دائماً عن فاعلية حل مشاكلهم الجوهرية المتراكمة !! فكيف كان الحل لمشكلة معضلة مثل نقل جثامين الوفيات من الخارج .. لقد كان الحل بعد مطالبات كثيرة ليس هو الحل الأمثل فقد اثبتت وثيقة التأمين على المصريين في الخارج أنها ليست الحل الأمثل وعلى من يتشكك في هذا الأمر يمكنه الإطلاع على أرقام الوثائق السارية من الهيئة العامة للرقابة المالية أو من مجمعة التأمين .

وقد جاءت مبادرة تسهيلات استيراد السيارات في ظروف استثنائية نظراً لحاجة الدولة للنقد الأجنبي ولم تكن هذه المبادرة في الواقع تحقيقاً لمطالب أبناء الخارج لذا يجب العودة إلى المطلب الأصلي وإيجاد حل دائم ودستوري يضع تسهيلات معينة لسيارة المصري العائد بشكل نهائي إلى أرض الوطن .

كما تعتبر خفض رسوم المعاملات القنصلية للمصريين بالخارج، وضرورة البحث فى كيفية سرعة استخراج جوازات

المصريين بالخارج من الأمور الهامه والملحة بل والضرورية فقد أصبحت أسعار الرسوم القنصلية مبالغ فيها بشكل لا

يحقق الغرض من ضرورة الأستحواز على المستند فقد لا يجد المواطن القيمة المالية لتحقيق المنفعه منه خصوصاً لو

علمنا أن استصدار جواز السفر يعادل مبلغ 15 الف جنية أو 23 الف جنية للجواز بدل فاقد .

ومن الواضح أن غالبية النقاشات بشأن العاملين فى الخارج في كل المنتديات الرسمية والبرلمانية وغيرها تنحصر

تقريبا منذ عقود طويلة فى كيفية حصول الحكومة منهم على أعلى نسبة ضرائب أو رسوم أو جمارك، أو ودائع لكن

أظن أن غالبية الحكومات لم توفق فى كسب ثقة معظم هؤلاء العاملين بصورة صحيحة.

من الناحية القانونية من حق الدولة أن تفرض ما تشاء من سياسات طالما كانت توافق المنطق والظروف وتحقق

الهدف منها، لكن حينما يشعر هؤلاء العاملون بأن الهدف الوحيد هو استنزافهم ماليا دون تحقيق رغباتهم ، فقد يؤدى

ذلك لعواقب خطيرة.

ظنى أن التفكير فى استراتيجية وطنية متكاملة للتعامل مع المصريين بالخارج صارت مسألة ملحة ومهمة، وإلا قد

نضطر إلى مواجهة مشاكل كثيرة فى المستقبل تخص هذا الملف لا سيما وأن حكومات كثيرة جاءت دون أن تضع حلاً

مناسباً ،

وكان دور وزارة الهجرة منذ إعادتها للمشهد قاصراً على حل المشكلات الطارئة الملحة دون وضع استراتيجية طويلة أو

حل جذري للمشكلة .. والشاهد في ذلك وثيقة التأمين التي لم تلق رواجاً ، وتسهيلات السيارات التي جاءت بشكل

مؤقت حسب إحتياج الدولة .

أتمنى أن يتم تشكل لجنة قومية للبحث فى سبل التعامل مع هذه القضية أعضاؤها ليسوا من ضمن القيادات

الحكومية ولا حتى التشريعية بل من أبناء الخارج أنفسهم مع ممثلي الجهات الرقابية والأمنية ، بحيث لا يكون الغرض

من تشكيلها هو الحصول على أكبر قدر ممكن من أموال المصريين بالخارج .

ليس عيبا أن ندرس كيف تتعامل غالبية الدول مع جالياتها خصوصا التجربتين الهندية والفلبينية وليس فقط لعمالتها

فى الخليج بل فى أوروبا وأمريكا أيضا وبالتالى فإن هذه الدجاجة التى تبيض ذهبا يزيد عن ٣٠ مليار دولار سنويا لا

ينبغى أن نعرضها لأى خطر، ناهيك عن أن نذبحها!!.

علينا ألا نركز على هدف سهل وعاجل – رغم أهميته – وهو الحصول على أكبر قدر من العملة الصعبة فى حين نهمل

الهدف الأكبر والأهم وهو استمرار هذه العمالة وتعزيز دورها وتسهيل أمورها ومساعدتها فى حل مشاكلها ، وعلينا

أن نسأل أنفسنا سؤالا مهما  : ماذا لا قدر الله لو تعرضت هذه العمالة وتحويلاتها لأخطار مختلفة سواء بفعل قرارات

داخلية مصرية أو قرارات من البلدان التى تعمل فيها ؟! .

وتبقى الأمنية الأخيرة أن تضع وزارة الخارجية مطلباً هاماً أمام أعين القائمين على سفاراتها .. أن تمد يد العون

للجاليات خصوصاً في المنطقة العربية وأن تعمل على اختيار مجالس الجاليات وتقوم بتفعيل دورها وتخصيص مقراً لها

،وألا يكون هذا المجلس من المقربين من البعثة الدبلوماسية بقدر توافر القبول والجهد لخدمة أبناء الجالية عموما ، ولا

شك أن الخارجية المصرية من خلال بعثاتها الدبلوماسية والقنصلية وبالرغم من أدوارها المتعددة والمهام الموكلة إليها

إلا أن قصوراً – لا شك – في أداء دورها المنوط بالجاليات أصبح محل اهتمام ، وأصبح من الضروري أن يكون لكل جالية

رئيس وهيكل تنظيمي يهدف إلى المساهمه في الوصول إلى الغايات المطلوبة وتحقيق المنفعة الاجتماعية

والتوعوية وإنعكاس ذلك على الرقي بالجاليات كقوه ناعمه .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.