أمَا وقد حدث ما قد حدث ، وما يحدث الآن ، وعما سيحدث في القادم من الدقائق والساعات والأيام .. فكلما تفاقمت الخطوب بهم وتأزمت وطمت الآلام وعمَت المظالم وسالت الدماء بغير حق ، وقضىَ الصغير والكبير دون ماله وعرضه وأرضه ، بغير نفس ، أموات نحسبهم ، ولكنهم أحياء .. وقد اشتَد على الناس البطش وتأسد العطش والجوع لأبعد مدىَ واستبَد الخوف بكل من بقيىَ على قيد الحياة بغير بيت عامر ولا فصيلة تُؤويه سالم ، وإن يكن قبل ذلك من المُكرَمين الغانمين لحقوقهم وحرياتهم يعيش رغد الحياة وبذخ الأقوات وأمن الآمنين ، وإلا فقل ما شئت أن ما حدث من المقاومة كان مجرد عبث وتَزيُد قد حدث من فراغ وأن الأمور قبل ذلك كانت تسير على خير ما يرام حيث كان الأمل معقود على الحل الموعود للقضية عما قريب وأن التقدم في سبيل الحل كان ملحوظ والعالم الحاني الرحيب صاحب الفضيلة عازم على الحل وما كان العالم نَسِيا ، فهل هذا كان واقع أم كانت القضية نِسيا منسيا أو كادت أن تؤول إلي ذلك ، وطفا على السطح حدث تلو حدث حتى بعدت عن الأذهان وعن الوجدان وعن العيان القضية …..
وجُل رَدة الفعل ورجوع الصدىَ يُوَضِح كلام في كلام المقصَد منه شراء الوقت وتآمر يُفضي إلى مزيد من التآمر يفضح ومن صَدَ صَد ومن كان مع وأمسىَ ضد ومن آثر النأي بالنفس ، ومن أصبح فأبصر الحقيقة على واقعها فصار مع وقد كان من قبل ضد ..
وكل الحقائق على الأرض باتت الآن مكشوفة معروفة وكل العالم قد عرف ما كان يجهل من ذي قبل أو كان فيه يُضَل
به حين أو يُضِل فيه أحيان أو يتركه متعمدا يطويه النسيان .. وتسَرَب الخوف والرعب لقلوب الأقوياء الظالمين وكل من
تَجَبر بعدما افتضح أمرهم واهتزت عروشهم شأنهم شأن الضعفاء المظلومين وربما أكثر ، والمظلومين أكثر حظا لأنهم
أصحاب أرض وقضية ودوافع قوية وحق في الحياة وكونهم ضحية الظلم الكبير ليسوا جناة …..
فمن غير ما حدث ، وثمن الذي حدث غال وأغلى مما يتصور عاقل عادل أو يتغافل عنه غافل أو يُهوٍن منه تافه أو
صغير
ثلاثة أرباع دول العالم البعيدة قبل القريبة توافق على العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة وتطالب بحل
الدولتين ..
شعوب العالم الحرة في كل بقاع الأرض وشباب الجامعات ، تنتفض لأجل فلسطين وأهلها وتتحدىَ حكامها وتفضح
ظلمهم وتستجلي الحقائق التي لطالما أمعنوا في إخفائها وخديعة الكل بأن الكيان الصهيوني الغاصب المحتل ضحية
وأنه نمودجا يُحتَذى في الديمقراطية وأن جيشه من أفضل الجيوش أخلاقا ومثالية ، فمن كان سيكشف أكاذيبهم
ويعريهم ومن والاهم أمام الكل ، فلا هم كانوا كما كانوا ولا هم سيعودوا البتة لما كانوا ومعهم كل العالم بأسره …..
مما ترتب عليه عزلة الكيان الصهيوني النازي وخروج أحشائه العفنة وتفشي الصراعات من داخله عله نذيرا بقرب
نهايته ..
فكم عشت تختلف كيفما شئت مع المقاومة وبغير حساب في الماضي في بعض مظاهر إيديولوجية وفي الوسيلة
وفي المناصب والمكاسب إلا في الدافع والنية والهدف وعدالة القضية ، أما الآن في الحاضر المُعاش فالإختلاف أين
وكيف محله من الإعراب لحساب من وكم الثمن والخصم واحد متعدد الأطراف ملعون بجرائمه في كل كتاب وجواب ،
كلاب مذعورة مسعورة تنهش في جسد أمة تنزف منذ زمن وقد تداعت عليها الأكلة من كل يم والطاعون ، والحرائق
على أشدها ، وأنت الآن تتنطع لتقطع في ذات الجسد واللُحمة بحجة الحرص الأعمى أو الود المسموم أو لعِلة إن
كنا نعلمها أو تغم علينا وتخمة الإختلاف كفيلة وحدها بأن تهلكنا ، إن لم يقتلنا الخصوم