الكاتب الصحفي عصام عمران يكتب: كنوز السد !!
رغم مرور قرابة ٦٠ عاما على انشائه يظل السد العالي مشروع القرن ، بل و مشروع كل القرون لما قدمه لمصر من خيرات مادية ومعنوية ، وانقاذ البلاد والعباد من أزمات كثيرة طوال هذه السنوات، لاسيما فيما يتعلق بتوفير المياه والحفاظ عليها خاصة فى أوقات الجفاف وندرة المطر التى قد تحدث في دول منابع النيل، علاوة على منع إهدار المياه كما كان يحدث قبل إقامة السد خاصة بعد إنشاء بحيرة ناصر التى تحولت مع مرور الزمن الى مخزن للخيرات سواء فيما يتعلق بالمياه أو الأسماك ولاتزال تحوى العديد والعديد من الكنوز التي يجب الإستفادة منها ، وفى مقدمتها ملايين، وربما مليارات الاطنان من الطمي المشبعة بالمعادن النفيسة والذهب .
ووفقا لأحدث الدراسات التى طالعتها مؤخرا فإن هناك ما يزيد عن 4 مليارات طن “طمي” متراكم وفى تقدير أخر 140 مليون طن سنويا مشبعة بالمعادن النادرة والذهب محتجزة خلف السد العالي ، تلك الكمية تكفي لاستصلاح الصحراء الغربية بأكملها كما يؤكد الخبراء وأساتذة مركز بحوث الصحراء وكليات الزراعة بجامعات مصر.
ولكن يبقى السؤال كيف نستفيد من هذه الكنوز المتراكمة خلف السد وفى بحيرة ناصر؟ والإجابة جاءت على لسان العديد من الخبراء و المتخصصين في عدة نقاط ، لعل فى مقدمتها إنشاء خط سكة حديد لنقل الطمي وتوزيعه على مدار طريقه الذى يبدأ من بحيرة ناصر وينتهي فى منخفض القطارة مع مد خط أنابيب بجوار خط السكة الحديد لنقل
المياه من توشكى إلى منخفض القطارة ، وإنشاء شركة وطنية للتكريك يكون عملها الأساسي إخراج الطمي من
بحيرة ناصر للزراعة وكذلك يمكنها استخلاص الذهب والمعادن منه ، خاصة وانه توجد بعض المؤشرات لوجود كميات
كبيرة من “الذهب” خلف السد العالي مختلطة مع الطمي حسب ما ذكر بعض الخبراء.
ويرى الخبراء أن الطمي الذى يحمله القطار يتم توزيعه على مدار الطريق ، على أن يقتصر استغلال تلك الكميات من
الطمي على المستثمرين والشركات الوطنية مقابل دفع ثمن معقول تحدده الدولة وليتم به تحسين خصائص تربة
الأراضى التى أشتروها حول خط القطار وأنبوب المياه.
وكشفت الدراسات أن العائد من هذا المشروع الطموح يتمثل فى زراعة ملايين الأفدنة بمحاصيل تحتاجها مصر وقابلة
للتصدير بإستخدام أحدث طرق الري مثل التنقيط والزراعة فى صوب زراعية وبدون أسمدة كيمائية بما يعنى ان
المزروعات تكون” Organic farming ” وتلك عليها طلب كبير ومتنام فى أوروبا وأمريكا واليابان ، بل وفى دول الخليج
وبأسعار مرتفعة ، إضافة إلى إعادة توطين الملايين من المصريين خارج وادي النيل الضيق مع تخفيف الأحمال
الميكانيكية من على جسم السد العالي بسبب تراكم الطمي خلفه منذ أكثر من 50 سنة ، الأمر الذى حرم وادي
النيل من طمي الفيضان المغذي للتربة وأدي إلى تآكل شواطئ الدلتا.
كما يسهم المشروع فى زيادة الطاقة الاستعابية لبحيرة السد بسبب التعميق عن طريق التكريك ، علاوة على خلق
مجتمعات سكانية حول بحيرة السد تعمل فى صيد الأسماك يمكن نقلها بثلاجات فى القطار وكذلك صيد عشرات
وربما مئات الألاف من التماسيح التى تلتهم كمية كبيرة من الأسماك من البحيرة والاستفادة من جلودها الثمنية
غالية الثمن ، على أن يتم ملء منخفض القطارة تدريجيا بالمياه الزائدة عن الحاجة ليكون مستودع ماء عذب على
المدى البعيد تستفيد منه مناطق الساحل الشمالي والعلمين ومطروح ومنطقة برج العرب الصناعية بالإضافة
للمجتمعات السياحية والعمرانية والصناعية التى ستنشأ حول المنخفض نفسه ، والأهم أنه سوف يؤدي بشكل كبير
إلى انخفاض نسبة الملوحة فى تربة منحفض القطارة ، وبالتالي إمكانية زراعتها بشتى أنواع المحاصيل .
مقال يحتاج لقراءة موسعة حتي يتذكر الناس ويعرفون قيمة المشاريع الوطنية وكيف ان اهميتها تظل ممتدة لسنوات وسنوات لخدمة اجيال وأجيال وأنها ليست ميزانيات مهدورة وقيمتها تساوي تماما اهمية الطعام والشراب وكل السلع الذي يظن الناس انها توفر الحياة الكريمة .. فالحياة الكريمة الحقيقية هي في كيف استطيع ان احمي اولادي واترك لهم ما ينفعهم ويقيهم شر العوز