الدكتور علاء رزق يكتب: إستكشاف فرص وإستئناف هدف

الدكتور علاء رزق

جاء إنعقاد الملتقى الأول لبنك التنمية الجديد الذراع الإقتصادى لتجميع البريكس في مصر هذا الأسبوع كخطوة هامة نحو إعادة إحياء مراكز الفكر والأبحاث الاقتصادية في مصر. وتعزيز الحوار مع القطاع الخاص،لإستكشاف فرص التعاون وتبادل الخبرات.
خاصة وأن هذا البنك يعد بنك متعدد الأطراف يديره مجموعة دول البريكس، وهي تتألف من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا و تأسس البنك عام 2015 برأسمال مبدئي يبلغ 100 مليار دولار، وهو يهتم بتمويل مشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة. ولكن ما نستشعره أن الحكومة تصر على ضرورة التواصل الدوري بين بنك التنمية ومراكز الفكر لتأسيس تعاون مستقبلى، يعزز جهود التنمية فى الدولة المصرية التى تسعى من خلالها على تأكيد ثوابتها الإستراتيجية التنموية ، وعرض الرؤي المصرية . مع إمكانية ربطها بالتجارب التنموية لدول تجمع البريكس لتوفير فرص تبادل الخبرات والتعاون الإقتصادي مع شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين، لذا وجب التعرف على فرص التعاون وتبادل المعرفة. مع زيادة احتمال أن تكون قيمة التمويل الذى تتفاوض مصر للحصول عليه من بنك التنمية الجديد يبلغ نحو مليار دولار قد يتم الحصول عليه قبل نهاية العام الحالى.ما نؤكد عليه أن إنعقاد الملتقى الأول للبنك في القاهرة يمثل نجاح حقيقى للفكر الاستراتيجي المصري ، فبنك التنمية الجديد تم تأسيسه في عام 2015 ،والبنك مازال أمامه الكثير في إطار رسالته لدعم الدول النامية والناشئة، حيث ساهم في دعم الدول الأعضاء خلال جائحة كورونا وحتى الآن وتجاوزت التمويلات التي أتاحها نحو 35 مليار دولار،ولكن ما يجب أن نشير إليه هو إهتمام البنك بالتمويلات بالعملات المحلية، وتمويل مشروعات البنية التحتية المستدامة،ليظهر لنا بوضوح أن هناك تكامل بين الأولويات الإستراتيجية لبنك التنمية الجديد، والأولويات التي تحتاجها جهود التنمية في مصر،لذلك فإن هناك تقاطع بين الأولويات المشتركة وهو ما يعزز فرص التعاون المستقبلية. ما نحتاج إليه الآن يجب أن يتركز على دعم بيئة ريادة الأعمال والشركات الناشئة في مصر،وإتاحة برامج تسريع الأعمال والخدمات، وتشجيع إستثمارات رأس المال المخاطر.مع تعزيز الإستفادة من الخدمات المالية وغير المالية التي يتيحها شركاء التنمية من خلال إطلاق منصة “حافز” للدعم المالي والفني للقطاع الخاص،خاصة بعد الاشادات الدولية بجهود مصر التي تبذلها في إطار التعاون “جنوب – جنوب” حيث وضعت الدولة استراتيجة متكاملة ضمن رؤية “مصر 2030” تعتمد على فهم عميق لأهداف التنمية المستدامة ، لذلك فإن الملتقى الحالي بمشاركة العديد من الدول الأعضاء في بنك التنمية الجديد، يعزز الاستفادة من تجربة مصر المتكاملة في دعم الاقتصاد المحلي واستعراض التجربة الرائدة في مصر لاسيما في مشروعات التنمية المستدامة.خاصة وان مصر تمتلك تجربة رائدة فيما يتعلق بمشروعاتها القومية لدعم الاقتصاد المحلي،أظهرت قدرة مصر على صياغة وتدشين مشروعات استراتيجية تتماشى مع أهداف التنمية المستدامة ورؤية بنك التنمية الجديد، ومنها العاصمة الإدارية الجديدة التي تعد مدينة ذكية بالكامل يتم تدشينها وفق أحدث المعايير التكنولوجية العالمية، بالإضافة إلى عدد هائل من المشروعات مثل التوسعات الجديدة لقناة السويس، والمنطقة الاقتصادية بقناة السويس، إلى جانب مشروعات الطاقة والبنية التحتية الرقمية التي تحقق نقلة نوعية في طبيعة الاقتصاد المحلي المصري، وبما يعد نماذج نجاح يمكن لبقية الدول الاعضاء الاستفادة منها. وبالتالى يجب أن تكون الرؤية الاستراتيجية المصرية قائمة على تعظيم الإستفادة من إمكانيات التعاون المتاحة لدى البنك في ظل الدور المحوري الذي تلعبه مصر في المنطقة، بإعتبارها مركزا للربط بين قارات العالم، وما تقوم به من دور متنامي في سلسلة القيمة والتجارة العالمية. مع النظرة المستقبلية لخطة مصر القائمة على تعدد المسارات نحو النمو والاستثمار المتوازن، وعرض الفرص المتاحة، لتعزيز جهود التنمية، في ظل السعي للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة المتجددة وغير المتجددة،والدور المتزايد لمصر كلاعب رئيسي في جهود التنمية في قارة أفريقيا،والدور الذي يمكن ان تلعبه قناة السويس بإعتبارها ممرا رئيسياً ضمن مبادرة الحزام والطريق .لذا فإن دفع التنمية العالمية من خلال التعاون بين بلدان الجنوب، يعد أحد الأهداف الرئيسية التي يعمل بنك التنمية الجديد NDB على تحقيقها، عبر إعادة تشكيل العلاقات والشراكات بين دول الجنوب العالمي.
وبالتالى فإن علينا أن نشدد على ضرورة تحقيق أهداف بنك التنمية الجديد والتى من أهمها خفض تكلفة التمويل المتاح للدول النامية حيث تصل تكلفة الإقتراض في بعض الدول الأفريقية لأربعة أو حتى ثمانية أضعاف تكلفة التمويل الموجه للدول المتقدمة مثل ألمانيا.أيضا إيجاد بدائل لتمويل الدول النامية، وخفض معدلات التفرقة بين دول الشمال والجنوب من حيث القدرة على الوصول للتمويل، لاسيما وأن الدول النامية هي المحرك الأساسي في الاقتصاد حاليا حيث ارتفعت نسبة مساهمتها في حركة التجارة العالمية من ٣٧% في ٢٠١٦ إلى ٤١% في ٢٠٢٢، بينما انخفضت مساهمة الدول المتقدمة من ٦٢% إلى ٥٨% خلال الفترة نفسها.ما نأمله ارتكازا على رؤية مصر خلال الفترة المقبلة ان يساهم هذا البنك في إصلاح الهيكل المالي العالمي من أجل إيجاد بيئة دولية أكثر دعماً للإقتصادات الناشئة والدول النامية ،مع ضرورة عرض أهم المبادرات والجهود التنموية في مصر،وأوجه التقدم الذي تم في اطار التنميه المجتمعية، ومكافحة الفقر ،وتشييد البنية التحتية ودعم القطاع الخاص،كذلك أن تكون الجهود القادمة متجهة نحو المزيد إصلاح منظومة الحوكمة في النظام المال العالمي والوصول الى نظام دولي اكثر عدلا ،خاصه وان التوجه الاستراتيجي نحو مجموعه البريكس،وبنك التنمية الجديد لا يجب تفسيره بأنه معاد لأي جهة أو مخصص لمواجهة النظام القائم ،ولكن يجب النظر إليه على انه يحقق التوازن المأمول في النظام النقدى العالمي ويعطي الثقل الدولي للبنك حيث ان اكثر اعضاء الدول المنضمة تمتلك صناديق سيادية كبيرة ومن كبار منتجى الطاقة، مما يساهم في مضاعفه حركة التجارة، وتحقيق الفائدة والمصالح المشتركة وهو أساس تقوم علية الاستراتيجية المصرية للنظام الاقتصادى المصرى ،ندرك تماما ان الطريق صعب ولكن يجب الإستمرار في نهج المشاركة ،حتى نحقق الاهداف المرجوة، والرؤية العادلة للقيادة الرشيدة.

كاتب المقال رئيس المنتدى

الإستراتيجى للتنمية والسلام
alaarizk2024@hotmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.