الكاتب الصحفي عصام عمران يكتب: المثلث الذهبى .. وحلم الجنوبى !!

الكاتب الصحفي عصام عمران
ظل صعيد مصر لسنوات بل و لعقود طويلة يعانى من الإهمال والتهميش ، ولن أبالغ إن قلت والنسيان أيضا ، حتى جاء الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى أولى اهتماما بكل أبناء مصر بشتى المحافظات ، وفى القلب منها الصعيد حيث امتدت إليه يد التنمية الشاملة فى شتى المجالات بهدف النهوض بمستوى أبنائه اقتصاديا واجتماعيا ، حتى يصبح جاذبا للاستثمار وارضا خصبة للعمل ، الأمر الذى يحد من هجرة أبنائه سواء داخليا أو خارجيا ، لاسيما بعد تنفيذ العديد والعديد من المشروعات التنموية بمختلف محافظات الصعيد ، وفى مقدمتها المشروع العملاق الذى يطلق عليه ” المثلث الذهبى ” باعتباره نقلة حقيقية و كبرى لأبناء الجنوب وتحقق حلما تأخر كثيرا .
نعم تشهد الدولة المصرية خلال الفترة الأخيرة ثورة تنموية هائلة من خلال تنفيذ العديد من المشروعات القومية الضخمة التى تستهدف دفع عجلة الاقتصاد وتحسين حياة المواطنين، وتُراعي معايير الاستدامة والحفاظ على البيئة. وكما ذكرت في البداية تولى الدولة اهتماما خاصا لتنمية الصعيد الذى عانى من الإهمال والتهميش لعقود طويلة على الرغم من أنه يزخر بالثروات الطبيعية الواعدة من موارد زراعية وطبيعية وتعدينية وبشرية .
ويُعد مشروع المثلث الذهبي أحد أهم المشروعات القومية ضمن رؤية مصر 2030 ، فهو يساهم فى تحقيق التنمية المستدامة للصعيد ضمن إطار استراتيجية التنمية الشاملة للدولة ، ويتضمن المثلث الذهبى المنطقة المحصورة بين محافظتى قنا من الجهة الغربية البحر الأحمر من الجهة الشرقية ومدينتى سفاجا والقصير شمالا والقصير جنوبا (رأس المثلث مدينة قنا وقاعدته مدينتي سفاجا والقصير) ويُنفذ المشروع على 6 مراحل تسـتغرق المرحلة الأولى 5 سنوات، ويستغرق المشروع 30 عاما للانتهاء منه بالكامل، وتبلغ مساحته حوالي 7000 كيلومتر مربع، ومن المقرر إنشاء عاصمة للمثلث الذهبي تبعد عن قنا بمسافة 100 كيلو متر.  باستثمارات 16.5 مليار دولار، ومن المتوقع أن يحقق عوائد تتراوح بين 6 و8 مليارات دولار سنويا.
ويهدف مشروع المثلث الذهبى إلى تنفيذ خطة متكاملة لتحقيق الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية المتاحة بالمنطقة وإيجاد مجتمعات عمرانية اقتصادية حديثة في إطار استراتيجية التنمية المستدامة 2030، حيث تستهدف مصر الانتقال إلى اقتصاد سوق منضبط يتميز باستقرار أوضاع الاقتصاد الكلى، قادر على تحقيق نمو احتوائى مستدام، يتميز بالتنافسية والتنوع ويعتمد على المعرفة والابتكار، ويكون لاعبًا فاعلًا في الاقتصاد العالمى، مع إتاحة الفرصة لصغار المستثمرين للمشاركة في الاقتصاد من خلال دمج القطاع غير الرسمي وتشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة على المشاركة عن طريق تبنى سياسات كلية وقطاعية داعمة للتشغيل والتركيز على القطاعات ذات القيمة المضافة ومنها القطاع الصناعى.
وتعود البداية الحقيقية لانطلاق المشروع الى يناير 2017 ، حيث تم إصدار قانون بإنشاء هيئة عامة اقتصادية مستقلة تسمى “الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية للمثلث الذهبى” تكون لها الشخصية الاعتبارية العامة، مقرها مدينة سفاجا بمحافظة البحر الأحمر، وتتبع رئيس مجلس الوزراء و ذلك على غرار قانون الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بحيث تمتلك الهيئة صلاحيات وسلطات كاملة بكافة الأنشطة والمشروعات المقامة في نطاق المنطقة دون تدخل من المحافظات التي تقع في نطاقها تلك المشروعات وهذا يؤدى إلى جذب وتحفيز الاستثمارات وتهيئة كافة الأجواء الاستثمارية للمستثمرين .
وتكمن الأهمية الاستراتيجية لمشروع المثلث الذهبى فى كونه مدخلاً رئيسياً لحل مشكلة العلاقة بين النمو
السكانى والحيز المكانى وتآكل الأراضى، والتى تعتبر من أهم مشاكل التنمية الإقليمية، إلى جانب استيعاب أعداد
كبيرة من السكان حتى عام 2052  ، علاوة على كونه يتمتع بمنفذ واسع على البحر الأحمر( بين القصير وسفاجا )
مما يعطيه نفاذية لدول الخليج وشرق آسيا وأفريقيا وكذلك قربه من منفذى أسوان البرى والنهرى يساعد على
سرعة وسهولة اتصاله بوسط وجنوب القارة الإفريقية .
ومنطقة المثلث الذهبي تتمتع بالعديد من الامكانات التعدينية والطاقات البشرية إلى جانب المزايا اللوجيستية
والسياحية والتجارية حيث يتميز المثلث بكثافة الثروة المعدنية غير المستغلة وبتعدد وتنوع موارده ، فهو غنى بأنواع
عديدة من المعادن، حيث يحتوى على خامات الكوارتز بجانب كميات كبيرة من خامات الفوسفات والطفلة الزيتية
والقصدير والألمانيت والجبس والحجر الجيرى والتنتايوم .
وتنبع أهمية تلك المنطقة من وجود مناجم مقفلة للذهب بكميات تفوق حجم  إنتاج منجم السكرى وذلك وفقا
لدراسات هيئة المساحة الجيولوجية، ولهذا فإذا كان النصيب الأكبر للمشروع يكمن فى المعادن والمواد الخام فيجب
ألا يقف نشاط التعدين عند استخراج المعادن فقط  بل يجب أن يمتد إلى أنشطة تصنيعها وتوطين هذه الصناعات
داخل الحيز المكاني للمشروع.
فى الختام أؤكد أن مشــروع المثلــث الذهبــي يعــد بمثابــة شــريان جديــد لتحقيــق التنميــة المســتدامة
وعاصمــة صناعيــة اقتصاديــة جديــدة بصعيــد مصــر، من خلال إقامة مشــروعات عملاقــة تعدينيــة وزراعيــة
وصناعيــة وتجارية وسياحية. ومن المتوقع أن يحقق هذا المشروع طفرة فى تنمية جنوب الصعيد فمن المخطــط أن
تكــون منطقــة المثلــث الذهبــي نمــوذجا لتعظيــم القيمــة المضافــة للثروة المعدنية التى تزخر بها المنطقة، وذلك
من خلال إنشــاء مراكــز لتصنيــع خامــات الثــروة المعدنيــة بــدلا مــن تصديرهــا بصورتهــا الخــام لخدمــة الاقتصــاد
القومــي ، وهو ما يحقق فائدة اقتصادية كبيرة لمصر فى علاقاتها الخارجية، خاصة مع الدول الإفريقية، فموقع مصر
المتميز ووجودها على ممر التجارة العالمي يؤهل منطقة المثلث الذهبي لتكون منفذا لوجيستيا يخدم مصر وإفريقيا ،
الأمر الذى يعود بالنفع على أبناء الجنوب سواء فى مصر أو في القارة السمراء ويحقق حلما طال انتظاره .
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.