الدكتور علاء رزق يكتب: قمة المنامة وصحوة الكرامة(٢)

الدكتور علاء رزق
تناولنا فى المقال السابق تزامن فعاليات القمة العربية فى العاصمة البحرينية المنامة ،في خضم مشهد معقد في المنطقة،والتأكيد بأن الشق الثقافي يحتل نحو 10% من الملفات المطروحة على القادة العرب ،ومع الدعوة لتكريس إعتزازنا بقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا الراسخة،فإن تعميق المحافظة على الهوية العربية لا يقتصر فقط على القادة العرب، وإنما يقع على عاتق الشعوب لمواجهة الغزو الثقافي، والذى يعتبر من اخطر التحديات التي تواجه المجتمع العربي في الوقت الراهن، وهو أكثر خطورة من التحدي السياسي الاقتصادي،وأن هذا الغزو تتسع دائرته الآن، لأن المادة الإعلامية والثقافية الغربية، لا تجد صعوبة في الوصول إلى المتلقي في الدول العربية، والكارثة التى تزيد الهوة إتساعاً أن الغرب، يتحكم بأكثر من 80% من المادة الإعلامية التي تبث عالمياً،(الولايات المتحدة الأمريكية تتحكم بنسبة 65%). ولذا فإن تبنى منطلقات مخالفة لمنطلقات الثقافة الغربية، أصبح أمرا مهما يجب أن تحمله القيادات العربية ، بعد أن بات واضحاً أن الإختراق الثقافي والفكري يعمل على تهديد منظومة القيم العربية،ويؤدي إلى تغيير ملامح الثقافة الوطنية.لذا فإن مشاركة مصر فى القمة العربية الصينية حالياً عبر الدورة العاشرة للإجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني – العربي، بمناسبة الذكرى الـ20 لتأسيس منتدى التعاون الصيني – العربي. جعلها تكتسب أهمية كبيرة لتنفيذ عملية الإسراع في بناء المجتمعين الصيني والعربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد.هذا العصر الذى يحتم علينا ضرورة التفكير في وضع آليات من شأنها ان تعمل على إعتراض وصد هذه التهديدات عبر نهضة تعليمية تقوم على : التنوع والمرونة،مع إطلاق حرية الفكر والتعبير والتنافس في الإنتاج، وخاصة بين الجامعات، مع ضرورة إستثمار وإستغلال الثروة العلمية والثقافية المتواجدة بشكل كبير خاصة داخل المجتمعات العربية،لذا فإن تواصل الصين مع الدول العربية سينجم عنه توسيع التواصل الحضاري،وتحقق التفاهم بين الشعوب على نحو أعمق. مع تعزيز للتواصل المستمر حول الحوكمة والإدارة، وتؤمن القيادة السياسية المصرية بأن التواصل مع الصين سيؤدى إلى السير على طريق الإزدهار والإنفتاح، لزيادة ديناميكية تنموية أقوى. حيث يتلاقى توجه الصين للإنفتاح غرباً مع توجه
الدول العربية للتطور شرقاً، مما يشكل تياراً هائلاً للتعاون المتسم بتكامل المزايا والمنفعة المتبادلة والكسب
المشترك ، فتواصل الصين مع الدول العربية على بناء «الحزام والطريق» بجودة عالية، يضفي حيوية عصرية نابضة
على طريق الحرير العريق. وتواصل الصين مع الدول العربية على ترسيخ التعاون في مجال الطاقة سيعزز علاقات
الشراكة للعرض والطلب على الطاقة فيما بينهما.ولكن الأهم من وجهة نظرنا إيمان القيادة السياسية المصرية بأن
التواصل مع الصين سيعمل على إستكشاف الطرق التنموية المتنوعة للتحديث، وزيادة توثيق التواصل الثقافي
والشعبي في مختلف المجالات التي تشمل الثقافة والتعليم والسياحة والشباب والفنون، وتكريس قيم البشرية
المشتركة المتمثلة في السلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية، ورفض «نظرية صراع الحضارات»
ومقاطعة «الإسلاموفوبيا»، وتنويع حديقة الحضارات في العالم، وقيادة الحضارة البشرية نحو الإحترام المتبادل
والتعايش المتناغم.لذا وجب علينا
أن ندرك أن أفضل السبل لمواجهة تداعيات الغزو الثقافي هو التحاور مع الآخر، ورفض فكرة الإنغلاق, والإستفادة من
الجوانب الإيجابية للعولمة،مع ضرورة النظر إلى أمرين مهمين الأول: الوعي بآليات ووسائل هذا الغزو، والعمل على
امتلاك هذه الوسائل ،والثاني: إمتلاك مضامين ثقافية وفكرية مغايرة لما يحاول الغرب ترويجه. ونرى أننا قد ننجح فى
تحقيق ما سبق ولكن النجاح الاعظم والذى سيضمن لنا البقاء بعيدا عن سموم هذا الفكر تكمن فى قدرتنا العربية
فى مواجهة ردود الفعل التي ستعمل كل ما بوسعها لإفشال جهود مواجهة الغزو الثقافي.فالمعركة تحتاج إلى
المشاركة في وضع لبنات مشروع ثقافي يكون حصناً منيعاً لدى أبناء الأمة، يعيدهم للصواب، ويمنحهم الثقة بالنفس
والطاقة اللازمة للسير في طريق تحقيق الإستقلال من التبعية، فهي إذن مهمة غاية في الصعوبة وهو ما تدركه
قيادتنا السياسية الراشدة.
كاتب المقال رئيس المنتدى
الإستراتيجى للتنمية والسلام
alaarizk2024@hotmail.com
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.