لم يكن مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومن معه ، في حادث تحطم وإحتراق الطائرة الهليكوبتر على الحدود الشمالية الغربية لإيران مع أذربيجان في ظروف مناخية عاصفة وجغرافيا جبلية وعرة التضاريس ، ليمر دون تساؤلات عدة من القاصي والداني وإستفسارات عوام الناس وتحليل وإستنتاجات من أهل الإختصاص حتى من قبل أن تبدأ لجان التحقيق مباشرة أعمالها إن تكون محلية أو دولية ،
فالحادث مروِع والخطب جلل والوصول للحقيقة تحتاطه الصعاب من كل جانب بقصد ولمآرب ما من ناحية ، ولظروف الحادث من ناحية أخرى خصوصا وأن الطائرة المنكوبة محدودة الإمكانيات وأغلب الظن أنها ليس بها صندوق أسود للوقوف من خلاله على تفاصيل الحادث ولا حتى أجهزة إشارة على حد ما صرح به وزير النقل التركي ..
فضحايا الطائرة المنكوبة رئيس دولة بحجم إيران ومعه وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان ومحافظ أذربيجان الشرقية مالك رحمتي وإمام جمعة تبريز آية الله آل هاشم ، ورئيس وحدة حماية الرئيس وعنصر من الحرس الثوري
إيران التي ملأت الدنيا بضجيج لا ينتهي عن الأيديولوجيات والعرقيات والهروب للأمام وتصدير الثورة وقلق الجوار والجماعات المتشددة والفتوى والمخدرات والأذرع الطويلة في العراق وسوريا ولبنان واليمن والجريمة المنظمة ومحور المقاومة وحرب الساحات والبحار والمظاهرات والمتناقضات ومعاداة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في الظاهر وفي الخفاء أسرار ، والصبر الإستراتيجي ومقارعة الإستكبار والحرس الثوري والسلاح النووي وبعض القلاقل في الداخل وعقوبات دولية ومشاكل في الإقتصاد ..
أما عن المتهم الأول في القضية المؤثرة ألا وهي الطائرة التي كانت تُقِل الرئيس ومرافقيه وهي طائرة بيل ٢١٢
يو إتش آي إن والتي يطلق عليها إسم دبور الجحيم ثنائية المحرك ثنائية الشفرة تصل سرعتها القصوى ١٩٠ كيلو متر في الساعة تتسع لأربعة عشر راكبا .. من إنتاج شركة بيل هليكوبترز الأمريكية ومصنعها في تكساس
وبدأ تصنيعها في العام ١٩٦٨ ، وهي موجودة في إيران من قبل الثورة الإيرانية في العام ١٩٧٩ ويتردد أن هذه الطائرة المنكوبة قد يجاوز عمرها الستة وأربعين عاما وقد تم تجديدها أكثر من مرة حيث إستقلها الفقيد من مدينة تبريز إلي الحدود الإيرانية الأذربيجانية ليلتقي الرئيس الأذربيجاني إلهامي علييف ليفتتحا معا سد قيز ،
وبعد ذلك في الساعة الثالثة مساءا بتوقيت إيران أقلعت الطائرة الإيرانية المنكوبة لتعود من حيث جاءت وقد سبقتها طائرتان هليكوبتر إيرانيتان كانتا ترافقها في ذات الرحلة وذات الظروف تحمل بقية الوفد المرافق للرئيس الفقيد وقد عادتا بسلام ..
وحديث عن عطل فني مفاجئ في طائرة الرئيس إضطر طاقم الطائرة للهبوط أو السقوط في منطقة جبلية وإرتطام بأجسام صخرية مما أدى لتحطم الطائرة وإحتراقها
وحديث ثاني شبه واثق وفق متابعين عن أن الطائرة المنكوبة إعترضتها مُسيرة من الداخل الإيراني أو من الجانب الأذربيجاني فتكت بها .. يعززه المناوئين لنظام الحكم في إيران من داخل إيران أو العملاء لأجهزة إستخبارات خارجية معادية ولهم سوابق أو ما هو معروف عن العلاقات القوية الأذربيجانية الإسرائيلية وكذا الأوكرانية يقابله خلاف وتوتر وريبة في العلاقات الإيرانية الأذربيجانية .. لا يحول دون وجود شبهة تآمر ما ..
وحديث ثالث عن ظهور طائرة أمريكية من نوع سي ١٧ في مكان الحادث قبل وقوعه بمدة وجيزة يرجح الشك في زرع وحدة صغيرة بالقرب من مكان إقلاع الطائرة ترسل الشفرات الكهرومغناطيسية من شأنها إسقاط الطائرة أو بطريقة سيبرانية ما إن كان الجانب الأذربيجاني على علم بذلك أو لا يعلمها ولا يعدمها التقدم المذهل في هذآ الصدد ، سيما وأن الطائرة المنكوبة أمريكية الصنع و “السيريال نامبر” لدى الصانع .. والشك وارد وضروري على ضوء مجريات الأحداث من قريب ومن بعيد ..
مما حدا بإسرائيل ولو من باب لا يستقيم كتمان السر إلا بإذاعة نقيضه إلى المبادرة بسرعة التصريح بنفي تورطها
في المسئولية عن هذا الحادث .. وقلق في واشنطن من إحتمال إتهامها في هذا المعترك
وحديث آخر مختلف يدير ظهره للخارج وينصرف ويتوجه للداخل الإيراني ويحمله المسئولية عما حدث بدعوى أن
الرئيس الفقيد الأصولي المبدئي اليميني المتشدد المحافظ كان مقربا لحد كبير من المرشد الأعلى آية الله علي
خامنئي
وأنه وبحسب أغلب التوقعات سيكون المرشد الأعلى القادم لإيران ، على الرغم من إعتراض بعض أعضاء مجلس
الخبراء الثمانية والثمانين والمنوط به الإختيار هناك على ذلك أحيانا .. وأنه قد بدأ في التوجه لإقامة علاقات ربما
تحقق قدرا من النأي بالنفس ومراعاة درجة من حسن الجوار والشروع في إعادة العلاقات مع مصر .. وهو أمرا قد لا
يروق كثيرا لجنرالات الحرس الثوري ..
فضلا عن أنه قد يصطدم من ناحية أخرى برغبة بعض الأوساط المؤثرة في الداخل الإيراني في أن يخلف نجل المرشد
الأعلى مجتبي علي خامنئي المولود في الثامن من شهر سبتمبر العام ١٩٦٩ والده المرشد الأعلى الحالي البالغ
من العمر خمسة وثمانين عاما وحالته الصحية ليست على ما يرام ،
وهو حديث يعززه أن نجل المرشد الأعلى الحالي تربطه بكبار القيادات في الحرس الثوري علاقات قوية تجعلهم ذوات
تأثير كبير وملحوظ في أغلب تصرفاته خصوصا وأن الحرس الثوري في عهد الرئيس الراحل على الرغم من تبعيته
للمرشد الأعلى بإعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة إلا أنه كان مكبلا في أمور كثيرة في عهد الرئيس الراحل
مقارنة بما سبق ..
وماذا يمنع من ذلك حتى لو بدى ذلك كذلك في نظر البعض توريثا يتناقض مع المبادئ والقيم الثورية هناك .. والتغيير
قدير ودوام الحال من المحال وغدر السياسة أكبر بكثير من الوفاء فيها خاصة وأن النظام الإيراني نظاما يكتنفه
الغموض والظاهر منه في الغالب شيئ والخفي شيئ آخر ..
والرواية الأخيرة قد يعززها خروج المرشد الأعلى في هدوء تام قبل إكتشاف مقتل الرئيس ومن معه ، ليعلن أن النظام
في البلاد سيسير وفق الدستور دون أي تغيير وكأن شيئا لم يحدث وكأنه كان على علم مسبق ، وأن قوات الإنقاذ لم
تتحرك إلا بعد خمسة عشر ساعة من تاريخ وقوع الكارثة ولولا الطائرة المُسيرة التركية أقنجي ما استطاعت فرق
الإنقاذ إكتشاف مكان الحادث المؤسف ونقل الجثث ..
إن هي إلا مجرد إحتمالات مطروحة بغير موثوق نص قد تؤكدها الواقعات اللواحق .. ونوافذ مفتوحة طوال الوقت لكل
من قص وجهر ومن أراد أن يقتَص وإختصَر .. والحق أحق إن حصحص وظهَر