“الأعلى للصوفية”.. ينتفض ضد المتطاولين :حملات توعوية بالصوفية وأقطابها.. ونحتفظ بحق الرد القانونى

كتب مصطفى ياسين :

انتفض المجلس الأعلى للطرق الصوفية، غيرة على رموز أقطاب الصوفية ورجالها المخلصين الأوفياء، فأجمغ أعضاؤه

على رفضهم واستنكارهم لحملات التشويه المتعمد والتطاول والإساءة التى تطلق من هنا وهناك، فأصدروا بيانا

جماعياً شديد اللهجة، مفندا وداحضا للافتراءات والأكاذيب التي يتم ترويجها، مؤكدين احتفاظهم بحق الرد القانونى،

وفى ذات الوقت انطلاق حملات توعوية للتعريف بالصوفية وأقطابها ورجالاتها ودورهم الدينى والوطنى.

قال البيان: تابع المجلس الأعلى للطرق الصوفية خلال الأيام الماضية، الحملة الجاهلة التي تشنها بعض التيارات

على الإمام الولي العارف بالله سيدي أحمد البدوي رضي الله عنه وأرضاه ونفعنا به وبعلومه في الدارين، جهلًا منهم

بمقامه وعلمه الشريف.

وأوضح البيان أن حياة السيد البدوى– رضي الله تعالى- خلصت لله، فلقد كان يصوم نهاره، وإذا جاء الليل قامه في

قراءة القرآن والذكر، وكان منصرفًا بكيانه كله إلى الهداية في الله، مكرسًا حياته للجهاد في سبيل الله، وهو ما حاول

البعض أن يعطيها ألوانًا ومعان لا تتناسب مع الحقيقة، يحاولون بذلك أن ينزلوا بالقمم الشامخة إلى سهول الوديان،

شعورًا منهم بالحقد على كل قمة وما يزيد ذلك سيدي أحمد البدوي إلا رفعة وترقيًا عند ربه الذي قال: (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ

اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).

ونحن إذ نؤكد أن المجلس الأعلى للطرق الصوفية يحتفظ بحقه في الرد على كل من أساء إلى الولي الصالح سيدي

أحمد البدوي، وأنه سيتخذ كافة الإجراءات القانونية تجاه المسيئين، كما سيقوم المجلس كذلك بحملة توعوية

وتعريفية بالتصوف وأئمته وأقطاب الطريق.

كما يؤكد المجلس الأعلى للطرق الصوفية وكذلك جميع المشايخ والعلماء وأهل التصوف طرا على الرفض التام لتلك

الأساليب السوقية والألفاظ النابية والصياغات المرفوضة التي يستعملها بعض المهاجمين لمشيخة الطرق الصوفية

وللتصوف عمومًا، وذلك تأسيًا بخُلق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلـم فيما روي عن أبي عبد الله الجَدَلِي

قال: سئلتُ عائشة رضي الله عنها ، عن خُلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: «لم يكن فاحِشًا ولا مُتَفَحِّشًا

ولا صَخَّابًا في الأسواق، ولا يَجْزي بالسيئةِ السيئةَ، ولكن يَعْفو ويَصْفَح».

عبد الهادي القصبي

كما اشاد أعضاء المجلس الأعلى للطرق الصوفية بالجهود الكبيرة التي قام بها سماحة السيد د. عبدالهادي القصبي،

شيخ مشايخ الطرق الصوفية، في تطوير مشيخة الطرق الصوفية منذ توليه أمانة هذا المنصب، حيث شهدت

المشيخة في عهده صحوة إصلاحية في المجال الاداري وإعادة هيكلة الجهاز الإداري للمشيخة.

وقد حقق د. القصبي نهضة علمية تمثلت في تنظيم مجموعة من الدورات العلمية المتخصصة والدروس اليومية التي

تقدمها المشيخة لأبناء الطرق الصوفية على يد نخبة من كبار علماء الأزهر الشريف، وطباعة عدة مخطوطات علمية

تطبع لأول مرة مما أسهم بشكل كبير في ضبط اتجاه التصوف في مصر- بل العالم أجمع- وإلمام المريدين بعلوم

الشريعة والحقيقة لتكتمل دائرة السلوك لديهم.

كما نظمت المشيخة مؤتمرًا دوليًا تحت عنوان “التصوف الإسلامي نحو قيم محمدية كاملة”، فضلًا عن الندوات

واللقاءات العامة.

تابع البيان: ونحن إذ نؤكد مرارًا وتكرارًا أن قبول الطرق الجديدة وتسجيلها في المشيخة يخضع لقواعد علمية وأسس

قانونية نظمها قانون 118 لسنة 1976، ولا يمكن التغاضي عنها أو التفريط فيها، حيث يدرس كل طلب دراسة متأنية

من خلال اللجان العلمية واللجان القانونية حتى يظل طريق التصوف في مصر نقيًا من الدخلاء.

ونؤكد كذلك على أن المجلس الأعلى والمشيخة العامة لا يرضيان بأي نوع من أنواع الفساد داخل الطرق الصوفية

وأنهما سيحاسبان بمنتهى الحسم كل من يثبت ضده تهم بالفساد، وأن يدنا ممدودة للجميع، ونرحب بكل صاحب

فكر غيور على التصوف الذي يعد صمام أمان المجتمع المصري.

فتوي دار الإفتاء

ولم يكتف”الأعلى للصوفية” بهذا البيان فحسب بل عضد رأيه بفتوى لفضيلة المفتى د. شوقي إبراهيم علام، صادرة

بتاريخ 16 سبتمبر 2021 رقم 7025، حيث يقول السائل: هناك مَن يدَّعي أن السيد البدوي ليس من الأولياء، وإنما

كان مجذوبًا وليس وليًّا، فهل هذا صحيح؟ وكيف نرد على مَن يدَّعي ذلك؟

وجاءت الإجابة بالتالى: سيدي أحمد البدوي: هو السيد الشريف الحسيبُ النسيب، فرع الشجرة النبوية، وسليلُ

البَضعة المصطفوية، أبو العباس شهاب الدين أحمد البدوي الحُسيني رضي الله عنه وأرضاه، المولود في فاس

بالمغرب عام [596هـ]، والمتوفى في طنطا بمصر عام [675هـ]، المتصف بالصفات القويمة، والملقب بالألقاب الكريمة؛

كشيخ العرب، وأبي الفتيان، والمُلثَّم، والسطوحي، والسيد، وهو اللقب الملازم لاسمه الشريف، والذي صار في عرف

أهل مصر عَلمًا عليه؛ بحيث ينصرف عند الإطلاق إليه، وهو ممَّن تربَّع على عرش الولاية الربانية، والوراثة المحمدية،

وشهرته تغني عن تعريفه، وبركة سيرته تكفي في توصيفه، فهو قطب أقطاب الأولياء، وسلطان العارفين الأصفياء،

وركن أقطاب الولاية لدى السادة الصوفية، وإليه تنسب الطريقة الأحمدية البدوية.

والسيد البدوي رضي الله عنه هو من الأولياء الذين كتب الله لهم القبول في الأرض عند العامة والخاصة، واتفق على

إمامتِه الأكابرُ والأصاغر، وترجمه بذلك المؤرخون، والعلماء والحفاظ والفقهاء في كل القرون، ولم يختلف أحدٌ في فضله،

ولا نازع عالمٌ في شرفه ونُبْلِه؛ بحيث إنَّ الناظر في سيرته عند أهل العلم لا يجد عالمًا ولا مؤرخًا إلّا ذكرَه بالسيادة،

وكريم الإشادة، ولا يطالع إلّا مدْحَ شجاعتِه، ووصْفَ نجدته وفتوَّتِه، والثناءَ على كرمه وسماحتِه، والدعاءَ بنيل بركتِه

والانتفاع بزيارته ومحبتِه.

والسيد البدوي رضي الله عنه من الأولياء الذين عمّر الله بهم البلاد، وزكّى بهم العباد، فمنذ حلَّ في طنطا -عام 634

من الهجرة النبوية الشريفة- بدأت تعمر محلتها، وتزداد شهرتها، وتكثر أبنيتها، وتتسع عمارتها، وأصبح يقصدها القُصَّاد،

ويرتادها الرواد، ويأتيها الزوار والعُبّاد؛ فازدهت عمرانًا بشريًّا، ومركزًا تجاريًّا، ومزارًا إسلاميًّا يُقصَدُ للاحتفال بالمولد

النبوي فيه من جميع الأنحاء، وتُشَدُّ له الرحال من سائر الأرجاء؛ وصار ذلك -كما يقول الحافظ ابن حجر العسقلاني

فيما نقله عنه الإمام الشعراني في “الطبقات الوسطى” بخطه-: [يومًا مشهودًا؛ يقصده الناس من النواحي البعيدة،

وشهرة هذا المولد في عصرنا تغني عن وصفه] اهـ.

بركات السيد البدوي

ومن بركات السيد البدوي على طنطا: أنها صارت بقدومه إليها بلدًا علميًّا سامقًا ومعهدًا قرآنيًّا باسقًا، وصار تدريس

القرآن والعلم فيها عريقًا، وازدانت بالعلماء والقُرّاء بريقًا؛ فنشأت فيها حركة علمية، ومنظومة تعليمية، ومدرسة قرآنية،

صار فيها الجامعُ الأحمديُّ شقيقَ الجامع الأزهر، وانتسب إليه فطاحل العلماء والأولياء، وتخرّج منه كبارُ الفقهاء

وأعاظم القُرّاء الذين تربعوا على عرش القراءة القرآنية؛ بحيث اشتهر بين علماءِ مصرَ قولُهم: “العلم أزهريٌّ، والقرآنُ

أحمديٌّ”، وهي مقولة يأثرها القراء وعلماء القراءات عن شيخ المقارئ المصرية وإمام أهل القراءة في عصره ومصره

العلامة شمس الدين محمد المتولي الكبير [ت: 1313هـ].

وبلغ ممَّا وضعه الله لوليه السيد أحمد البدوي رضي الله عنه من القبول عند الخاصة والعامة: أن سمَّى العلماءُ

أولادَهم العلماءَ باسمه ولقبه معًا “السيد البدوي” تيمنًا وتبركًا؛ حتى كثر ذلك في الناس: كالشيخ العلامة محمدَا بن

أبي أحمد الأموي المجلسي الشنقيطي، وولده هو العلامة النسابة أحمد البدوي الشنقيطي المجلسي [ت:

1208هـ] صاحب نظم “عمود النسب”؛ حيث سمّاه ولقبه “بأحمد البدوي” تيمنًا باسم السيد البدوي ولقبه رضي الله

عنه، كما ذكره صاحب “رياض السيرة والأدب، في إكمال شرح عمود النسب” (1/ 3، ط. دار الفتح).

وكإمام الجامع الأحمدي الشيخ إبراهيم بن إبراهيم الظواهريّ الشافعي [ت: 1325هـ]؛ فإنه سمى ولدَه “بمحمد

الأحمدي” تيمنًا باسم السيد أحمد البدوي رضي الله عنه، وولدُه هو شيخ الإسلام الإمام الأكبر محمد الأحمدي

الظواهري إمام الجامع الأزهر [ت: 1363هـ].

وهذا كله من علامات القبول التي وعد الله تعالى بها أولياءَه وأهلَ رضاه؛ كما قال الله جل في علاه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا

وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ [مريم: 96]. وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عن السؤال. والله سبحانه وتعالى

أعلم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.