الإعلامي محمود عبد السلام يكتب : عقاب صلاح السعدنى

الإعلامي محمود عبد السلام

عندما قرأت كتاب الكاتب المبدع الساخر محمود السعدنى ، الطريق إلى (زمش )، أستعدت معه كل صور التعذيب التى حدثت فى المعتقلات أبان الحكم الناصرى لمثقفى مصر ، كان الوقت مساء فى بيته بقرب ميدان الجيزة بعد النفق ، وفجأة وجدتنى أسأله ، أزاى تحب يا أستاذ محمود عبد الناصر وهو الذى أدخلك المعتقل وأذاقك صنوف العذاب ؟

فأجاب ضاحكاً ( أبويا يا أخى وبيأدبنى وأنت زعلان ليه ) !!

لم يكن محمود السعدنى وحده هو الذى دفع الثمن ..( السيئة تعم والحسنة تخص ) ذلك قانون يطبق فى العسكرية

منع صلاح السعدنى من العمل الفنى ولم يجد مصدرا لأكل العيش سوى العمل إدارى فى أحد الفرق المسرحية ،

وزيادة فى التنكيل به رفع أسمه من أهم الأفلام التى أنتجت فى تاريخ السينما المصرية

فإذا عدت لتترات فيلم الأرض فلن تجد أثراً لاسم صلاح السعدنى عليه ، فعندما أعلم أنك مثقف أتحسس مسدسى

الفكر والثقافة والوعى هم الأعداء التاريخيين لأى دكتاتورية ،

وصلاح كان واحد من أبرز المصريين المثقفين فى مجال التمثيل ، لو أعدت النظر مرة أخرى فى أعماله ، ستجد أن

جميع الأدوار التى قدمها صلاح ، لطبيعة نماذج مصرية خالصة ، لا يذكر غالبية الجمهور سوى بطولات صلاح التلفزيونية

، فيقفز إلى ذهنهم دائماً صورة العمدة سليمان غانم أو صورة حسن أرابيسك فى تحفة اسامة انور عكاشة فى

مسلسل أرابسك

بل أن السعدنى كان له حضوره أيضاً على المسرح، أرجعوا إلى دوره العبقرى فى مسرحية الملك هو الملك ، زهرة

الصبار ،ثورة الموتى ،باللو .. الخ ، أو أدواره السينمائية فى ” ملف فى الأداب”  أو” طائر الليل الحزين ” .. فوزية

البرجوازية ، الغول ، أغنية على الممر ، الأرض ،المراكبى ، طائر على الطريق . ستجد أن كلها أدوار تمثل اختيارات

لفنان مثقف ،

السعدنى مصرى الهوى والموطن حتى النخاع ، شرب من نيل مصر وأتعجن مع طميها وروى العقول العطشى للفكر

وساهم فى البهجة العقلية فى المجتمع ،

السعدنى يستحق التكريم بعد أن دفع الثمن فى بداية حياته وكما قال الشاعر الكبير أمل دنقل ، المجد للشيطان..

من قال لا فى وجه من قال نعم ..

قالها محمود ودفع الثمن صلاح .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.