الكاتب الصحفي يسري السيد يكتب : وماذا بعد حرب غزه؟!

الكاتب الصحفي يسري السيد

السؤال الذي يفرض نفسه الآن في مراكز الأبحاث ودوائر صنع القرار السياسي في الشرق الأوسط: وماذا بعد إنتهاء حرب غزه؟

المشكلة أن محاولة الإجابة يسبقها عشرات الأسئلة، والأخطر هو غياب اليقين في أي أجابه عنها

مثلا يكون السؤال المبدئي: كيف ستنتهي الحرب الدائرة؟

بانتصار إسرائيل إم بانتصار حماس، أم بانتصار كلا الطرفين وهو ما يمكن تسويقه في مثل هذه الحروب للجبهات الداخلية لكلا الطرفين!…

أو بهزيمة الطرفين وهو ما يمكن وضعه على بساط النقاش أيضا رغم غرابة الطرح؟!

في البداية تحديد الطرف المنتصر قد يصطدم بمفهوم الانتصار ذاته عند كلا الطرفين!

والأخطر من ذلك أن موقف الشعب الفلسطيني في غزه بل في الضفة الغربية لايهتم  به أحد رغم انه يشكل الركن الأساسي في أي أجابه عن أي سيناريو.

أما أفراد الكيان الصهيوني فهم مجرد مستقدمين من شتى أنحاء العالم لا صلة حقيقية بينهم وبين أرض ضاربه في عمق التاريخ وليست مجرد بقعة جغرافية على خريطة لا أصحاب لها.

في تاريخ الدول المستقرة والممتدة حضاريا مهما طالت مده الإقامة للعابرين أو للمهجرين إليها لا تعنى  شيئا، فطول مدة الإقامة “المغتصبة” لا تعطى حقا في جنسيه، وإغتصاب الجنسية المزورة لا تمنح أصحابها “هوية” دائمة أو صلة دم، جيناتها التاريخ والجغرافيا!

والقاعدة في الصراعات وحروب المدن أنه لا انتصار للجيوش النظاميه مهما أوتيت من قوة وحتى لو تم تدمير المدن بالكامل على رأس أصحابها، سيكون النصر مؤقتا لكنه سرعان ما يزول وتسقط رايته!

وبشكل علمي، ليس الأمر بالسهل اليسير تصدير النصر لأنصار حماس أو للكيان الصهيوني، ليس لأن الحرب كانت على الهواء مباشرة مثل مباراة كرة القدم والكل يرى فيها الفائز والخاسر ولوبضربات الترجيح

الأمر هنا تحكمه معايير أخرى، مرئية وغير مرئية، آنيه وتاريخية ، لا تعتمد تماما على معايير القوة التقليدية، فما خفي عن الساحة كان أعظم.

فتدمير غزه في أكبر مجزرة وعلي الهواء مباشرة وسقوط أكثر من 33 ألف شهيد وأكثر من 100 ألف جريح وعشرات الآلاف من المفقودين في حرب أباده جماعية بشهادة الجميع لا يمكن أن تعطى النصر للكيان الصهيوني أبدا لان مثل هذه الخسائر ليست بالجديدة في حروب التحرير والاستقلال فقد سبقتها الكثير ، والثورة الجزائرية وحرب فيتنام بل وقنبلة هيروشيما التي أجبرت اليابان على رفع الراية البيضاء وقتها سرعان ماتغير الوضع و زالت الآثار وانتصرت الشعوب واندحر الغزاه … فالعابرون لا يحصلون على الهوية بالغصب أبدا عن أصحاب الأرض وهذا لا يعنى ولو على سبيل الفرض والجدل أن:

القضاء على حماس لا يعنى القضاء على المقاومة و قتل قادة حماس لا يعنى عدم ميلاد قادة جدد

مات ياسر عرفات ولم تمت المقاومة وجاء بعده من يحمل الراية، وقبله شنق عمر المختار ولم تمت الثورة الليبية

وتحررت ليبيا من الاستعمارالإيطالى ، وقبلهما أعتقلوا سعد زغلول ولم تنطفئ الثورة المصرية وأندحر بعده الاستعمار

البريطاني

نظرية الوضع على الأرض يحسم النزاع ويجعل المنتصر يفرض شروطه لا يصلح في حروب التحرير، فلا يوجد شعب

حقيقي من شعوب بلاد الحضارات هزم واندثر، قد يهدأ لكن لا يموت… يصمت لكن لا يخرس للأبد…ـ يقع منه الشهداء

والجرحى لكنه لا يندثر ولا يذهب هباء!!

نعم علينا إدراك السيناريوهات الإسرائيلية التي لا حدود لسقفها وتتعدى اللحظة الآنية ضمن المخطط الصهيوني

الأكبر:-

يخططون الآن للقضاء على حماس وقتل قادتها وتهجير أهل غزه إلى مصر أو بحرا إلى أوروبا وتحويل غزه إلى مستوطنات إسرائيلية كمرحلة أولى

مناوشة لبنان بعد حرب غزه ليظل جسر الدعم والمساعدات والمعونات وصفقات التسليح الغربية والأمريكية مستمرة

من جهة ، وللحفاظ على ثبات الجبهة الداخلية التي لأتثبت إلا بالحروب والصراعات من جهة ثانيه

المرحلة التالية تهجير أهل الضفة الغربية والقدس إلى الأردن والاستيلاء على أموال الخليج من خلال اتفاقيات للتطبيع

كمرحلة أولى

المرحلة الحاسمة تكون بالاستيلاه على الأردن ولبنان وسوريا وسيناء والعراق وأجزاء من السعودية لأقامه إسرائيل

الكبرى كما هو محفور على عملتهم وخرائطهم !

واذا كانت هذه السيناريوهات معدة للتنفيذ على المدى البعيد يكون السؤال وماذا عن السيناريوهات الآنية؟

– استلام الرهائن بلا قيد ولا شرط، وعدم مبادلتهم بالاسرى الفلسطنيين

– الاستيلاء والبقاء الاسرائيلى فى غزه وتهجير سكانها واستبدالهم بمستوطنين جدد

– اذا لم يحدث يكون البديل اقتصاص مساحات كبيرة من غزه لإقامه مناطق عازلة وتسليم باقى غزه لقوات عربيه

لتتولى ادارتها او بالاصح حمايه اسرائيل من اى هجمات للمقاومة ويكون العرب الدرع الواقى للصهاينة!

– اذا لم ينجح السيناريو السابق يتم تسليم غزه الى قوات دولية وايضا لتكون درعا لحمايتهم

– رفض اعادة غزه الى ما قبل 7 اكتوبر الماضى اى لاسيطره لحماس على غزه او حتى وجود حكومه وحدة وطنيه

تحكم غزه مع الضفة الغربيه ، لانها لن تسمح ابدا بوحده فلسطينيه ولو على اجزاء من ارض يفصل بينها كاتيونات

استيطانيه

والسؤال هل نعى جميعا هذه السيناريوهات؟!

– لا أعتقد ..واذا وعينا لاندرك الخطر

– على الجانب الفلسطينى تحلم حماس بإجبار اسرائيل على الرحيل من غزه ومبادلة الرهائن بجميع الاسرى

والمعتقلين الفلسطنيين فى السجون الاسرائيليه وعوده النازحين الى كل مناطق غزه فى الشمال والوسط واعلان

استقلال غزه والبدء بالاعمار

– والسلطة الفلسطينيه تحلم بالدوله ولو على بقايا أرض ومنزوعه السلاح وناقصه السياده؟!

نعم المسافات كبيرة بين السيناريوهات المتناقضة، لكن الذى اثق فيه يقينا ولو لم يجد مايدعمه على ارض الواقع

الآن ان:

– هناك هزيمه اسرائيليه قادمة لا محالة وان بدا الانتصار التدميرى الوحشى الآن

– هناك انتصار سياسى لحماس والمقاومة وان بدت وعلت صور التدمير والتشريد والقتل والتجويع

– لم تعد غزه ولافلسطين كما روج الصهاينه طوال العقود الماضية موطنا للارهاب والارهابيين واستبدلت بصور شعب

يدافع عن ارضه ضد مجموعة من البلطجيه وسفكة الدماء

– الانتصار الحقيقى فى هذه المعركه ان الشعوب فى الكثير من دول العالم أمنوا بعدالة القضيه الفلسطينيه وفقدوا

ثقتهم فى حكوماتهم المسانده للقتله والمغتصبين وهذا هو النصر الحقيقى الذى سيتوج يوما ما باقامه الدولة

الفلسطينيه وعلى كامل التراب الفلسطينى وعوده المهجرين الصهاينة من حيث اتو!!

yousrielsaid@yahoo.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.