وعينا على الدنيا والمشايخ فى حالة تقوى وورع بعيدا عن الدنيا وزخرفها ، وفى غفلة من الزمن هبط علينا ” رهط ” من المشايخ ” ربنا يهدينا ويهديهم ” بتقاليع ما أنزل الله بها من سلطان ، وبصفتى واحدا من جيل إعتاد أن يرى ” البساطه ” فى مشايخنا الأفاضل ممن زهدوا الدنيا ، ومافيها وشغلهم أمر الدعوى أكثر من إنشغالهم بالمظاهر الكدابة ، والنفخة الفاضية ، وأعتقد أن كل أبناء جيلى شهودا على بساطة هؤلاء العلماء فى الزمن الجميل والـ ” سمت ” الذى كانوا يظهروا به فى وسائل الإعلام وفى المناسبات والاحتقالات الدينية .. وغيرها ، قبل أن يصبح الدين تجارة يمتهنها المشايخ ، ويعتبرونها مصدرا للكسب ، وإمتلاك الفيلات والسيارات الفارهة .. إلخ .
ولك أن تتخيل معى فضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوى ــ رحمه الله ــ وكان رجلا بسيطا جدا فى مظهره سواء ثيابه أو الطاقية التى يرتديها .. إلخ ، ولعل هذه البساطه كانت تغلب على أكثر المشايخ ، سواء فى إرتدائهم للجبة والقفطان والطربوش أو البدلة وفوقها العباءة ، وعمرنا ماشفنا ولا سمعنا أن واحدا منهم ظهر بالتقاليع الغريبة التى يطل بها علينا مشايخ اليوم !!
يمكن الدنيا إتغيرت مع مرور الزمن وتطوره ، وفى عصر الفضائيات والسماوات المفتوحة ، تطلب الأمر أو دعت الحاجة بعض الدعاة لإيجاد نقلة نوعية تواكب العصر ، ولذلك لاعجب أن يظل علينا دعاة ومشايخ يتنافسوا فى الظهور بكل ماهو غريب وغير مألوف ، كما سيأتى ، والعجب فى أن مهنة ” داعية إسلامى ” تشابهت مع مهنة ” إعلامى ” لتصبح مهنة من لامهنة له . بل وتتهافتت الفضائيات على إستضافة هؤلاء المشايخ ” المودرن ” وعلا أجرهم ماشاء الله .. “يرزق من يشاء بغير حساب” .
لكن هناك إحساس غريب ينتابك بعدم قناعتك بهؤلاء المشايح ، وتحس أنهم مشايخ مزيفين ” سامحنى يارب ” فهناك داعية شاب كل همه أنه يهدى البنات ويتجوزهم ، وفى شيخ فاضل تعمد مؤخرا أن يثير الرأى العام والجدل أو ” التريند ” على وسائل التواصل الإجتماعى من خلال إجابته على بعض أسئلة الأطفال أو كما يقول القضايا الشائكة أو المسكوت عن أغلبها فى برنامجه التلفزيوني “نور الدين”، فيما يتعلق بالحب وإلغاء النار يوم القيامة .. إلخ
ومؤخرا شفت حلقه من برنامج ” الدنيا بخير ” على قناة الحياة ، للشيخ رمضان عبدالرازق وكان سبق لى رؤيته مع
جوقة سيدنا الشيخ خالد الجندى فى برنامج ” لعلهم يفقهون ” على شاشة dmc ،المهم موضوع الحلقة مع عمنا
الشيخ رمضان كان عن ( الحور العين ) المهم أن سيادته بيعرف الحور العين المطهرات من الحيض والنفاس والقذر ،
ويستفيض فى الشرح للمذيعة ” المسخسخة ” من وصفه للسرير الطائر اللى بيدخل من البلكونة ، ولقاءه الحور
العين فى الجنة ؛ والله ولا أروع كاتب دراما فى بر المحروسة . فى إيه يامولانا هو انتو إختزلتو الجنة كلها فى الحور
العين ، ولا إيه الحكاية ياشيخ ؟
أما جمع التبرعات لمؤسسات المجتمع المدنى فحدث ولاحرج ، وأنا حقيقة مش عارف إيه لازمتها كل مؤسسة عاوزه
تعمل إعلان لجمع التبرعات تجيب شيخ يكلمنا كأننا ناس حديثى عهد بالإسلام ، ويبقى هاين عليه يحلف بالطلاق
علشان يحلل القرشين إللى واخدهم إنك لو إتبرعت هتدخل الجنة ” أى سفه هذا ” !!
والجديد أن يطل عليك فى سماء الاعلام الشيخ ” أبو وردة ” أو هكذا يسميه العامه من الناس ، ليه بامولانا الوردة ــ
الله أعلم ـ ، وطل علينا الشيخ خالد الجندى” بنيو لوك ” مختلف تماما أو غير الذى طل علينا به وعرفناه به مع محمود
سعد فى برنامج ” البيت بيتك ” والحقيقة الجندى صاحب ” كاريزما ” لايختلف عليها إثنان ، و (بيجيب) بلغة الفضائيات
أى تطارده الإعلانات ونسب المشاهدة العالية إمسكوا الخشب .. إحنا إتفنا ” يرزق من يشاء بغير حساب ” !! .
مرات كثيرة تشوفه فى ” سمت ” غريب .. مره يحلق ذقنه دوجلاس كونه ” شاب روش ” ، ومرة يرتدى البدلة ،
وأخرى بقميص تعلوه جمالات كما يفعل المجاهد إبراهيم عيسى ، وأحيانا بالجبة والقفطان ، هذا فضلا عن حرصه
الشديد على إظهار الساعة ” الرولكس ” التى تزين معصمه ، والتى تسوى شىء وشويات وربنا يزيده ،
وهذا ليس حنقا ولا حسدا .. والله ، فهو لوحده نجم تتهافت عليه مؤسسات المجتمع المدنى التى تقدم خدماتها
للفئات الأكثر إحتياجا فى المجتمع ، وهو يدعو الناس للزهد والتقشف وللتبرع ، ومانقص مال من صدقه والحسنة
بعشر أمثالها .. إلخ . والسؤال الذى يلح على دوما : أبن أنت من الزهد يامولانا ؟ وكم تتقاضى من هذا الإعلان الذى
لايتعد دقائق ؟
صدمتى كانت أكبر عندما شاهدت عالما جليلا فى قامه أ.د/ على جمعه ، وهو العالم الجليل الذى أعزه وأقدره وأنا
أعرفه منذ زمن ليس بقليل ، حتى قبل أن يتولى منصب الإفتاء ، وأعلم أنه عالم يتميز بخفة الدم والفكاهة رأيته
يركب موجة الأزياء الغريبة فى مواضع ثلاثة . وقد حرص فى الأولى على إرتداء طربوش ” تونسى أو ليبى ” أحمر
قانى وكوفية حمراء يعنى شىء لزوم الشىء ، ومرة ثانية بطربوش أخضر وكوفية خضراء ، وآخر مرة كانت باللون
الأزرق ، فى إيه يامولانا ، أهى رياح الحداثة أم مجاراة الموضة والعصر أم عتبة جديدة ؟ .
فى تقدير البعض أنه لا غضاضة فى التغيير .. ولكن بالنسبه لى أنا شخصيا أفضل البساطة التى إعتدنا عليها من
مشايخنا الأفاضل وبدون كلفه أو إصطناع لأنهم كانوا أكثر حرصا على مايقدموه من علم بعيدا عن النفخة الكدابة ..