الدكتور علاء رزق يكتب: التنمية المصرية والعوائق الجيوسياسية (١)
فى ظل ما تم من إستعدادات بالعاصمة الإدارية الجديدة لإستقبال حفل تنصيب الرئيس عبدالفتاح السيسي لولاية جديدة وأداء قسم اليمين الدستورية بمجلس النواب الجديد، الثلاثاء الماضى، لتبدأ الولاية الرئاسية الجديدة للرئيس السيسي اعتباراً من 3 أبريل الحالى وتستمر لمدة 6 سنوات. هذه الولاية الجديدة التى تتزامن مع التوجهات العالمية الجديدة المستندة على فكرة تحويل الحدود إلى صلات وصل بين الدول والقارات، إذ أطلقت مشاريع عدة تهدف إلى إنشاء ممرات اقتصادية تربط بين آسيا وأوروبا،
أبرزها مبادرة الحزام والطريق الصينية والممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، حيث تعد مبادرة الحزام والطريق والتى أعلنها الرئيس الصينى شى جين بينغ فى سبتمبر 2013، واحدة من أكبر وأهم المشروعات التى طرحت فى تاريخ المجتمع الإنساني.
فمبادرة الحزام والطريق ومشروع الممر الاقتصادي ،رؤيتان متشابهتان،إنما متنافستان فمبادرة الحزام والطريق، عبارة عن مشروع عالمي لإنشاء شبكة واسعة من البنية التحتية المترابطة . كما يقدم هذان المشروعان رؤيتين متنافستين للتنمية العالمية تعبران عن المشهد الجيوسياسي المتغير في القرن الحادي والعشرين.
أما الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، فهو مشروع شراكة ضخم لتطوير البنية التحتية الاقتصادية.ويهدف إلى ربط الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط، من ممرين منفصلين: الأول هو الممر الشرقي الذي يربط الهند بالخليج، والثاني هو الممر الشمالي الذي يصل الخليج والشرق الأوسط بأوروبا. وتشمل البنية التحتية المادية للمشروع خطوط سكك حديدية تربط الإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل بأوروبا.
وفى رأينا أن العالم وهو يسعى لتحقيق التنمية الشاملة إما أن يكون في إطار من التعاون، أو بإنتهاج سياسة
عدوانية لاتبني، بل تهدم حضارات بأكملها.خاصة وأن العالم الجديد القائم على تحقيق التعاون والسلام من شأنه أن
ينهض بالعولمة المحترمة لحق الانسان في الحياة الكريمة. وبالتالى فإن التأكيد على أن حزام واحد وطريق واحد هو
مفهوم متكامل لتحقيق التنمية،وليس مجرد مشروع.إلا أنه يجب عدم إغفال عدد من الشروط الأساسية اللازمة
لنجاح هذه المبادرة ،
يتعلق الشرط الأول بضرورة نشر قناعة قوية وواضحة لدى حكومات الدول المعنية بالمبادرة فى مختلف الأقاليم بأن
هذه المبادرة ليست مشروعا تجارياً بالأساس،
والثانى مازال النفوذ الغربى والقوة الناعمة الغربية فيه أكثر قوة بالمقارنة بنظيرتها الصينية.وعلى مستوى العلاقات
المصرية الصينية فقد تطورت علاقاتنا مع الصين ،حيث شهدت الإرتقاء إلى مرتبة الشراكة الإستراتيجية الشاملة في
عام 2014 وإطلاق البرنامج التنفيذي الأول لتلك الشراكة عام 2016، ومشاركة مصر في الدورة الثالثة لـمنتدى الحزام
والطريق للتعاون الدولي ،
وهذا في إطار رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة، وفى ظل إمتلاك مصر اهم موقع جغرافي في الشرق الأوسط،كما
تمتلك اهم ممر بحري في العالم ( قناة السويس) وبالنظر إلى مكانتها في العالم، فإن الشراكة الاستراتيجية بين
مصر وبكين، من المؤكد انها ستعزز من موقف الصين في مواجهة الولايات المتحدة، خاصة بعد إنضمام مصر الى دول
تجمع البريكس ،ومما لا شك فيه أن قيام شراكة استراتيجية أخرى بين مصر وبكين ستؤثر على علاقة القاهرة
بواشنطن.
وسيؤدى إلى وأد مبادرة الممر الإقتصادى لاسيما بعد أفول نجم إسرائيل المتوقع نهايته هذا العام على يد
المقاومة الفلسطينية الباسلة،وهو ما يدعونا إلى ضرورة الإستعداد نحو الإنطلاق لغد أفضل ،وهو ما يؤكد عليه
الرئيس عبد الفتاح السيسي في العديد من المناسبات على ضرورة بذل الكثير من الجهود من أجل تأهيل البنية
الأساسية التي تمكن الدولة من الإنطلاق إلى آفاق أفضل، مع التأكيد بـأنه إذا توقفنا عن التنمية والتطوير سنكون
بذلك نخالف الواقع الموجود حولنا.وهو ما سوف نتناوله في المقال القادم إن شاء الله.
كاتب المقال رئيس المنتدى
الإستراتيجى للتنمية والسلام