لا أدرى لماذا دار بخاطري وأنا أتابع مراسم تنصيب الرئيس السيسى لفترة رئاسية جديدة في مشهد بسيط ليوم عظيم ، ذلك المشهد أو تلك الحالة التى كانت عليها مصر عام ٢٠١٢ فى ظل سنة حكم الجماعة الإرهابية ورئيسها الفاشل ، وما كان يحاك لهذا البلد من أهل الشر وأعوانهم فى الداخل والخارج .
من منا كان يتوقع فى تلك السنة السوداء وما شاهدناه من صراعات داخلية ومعارك شبه يومية بين الجماعة الإرهابية واعوانها وبين جموع المصريين أن تسلم البلاد والعباد ونصل إلى هذا اليوم العظيم وتلك اللحظة التاريخية التى شهدت انظلاق الجمهورية الجديدة التي أرسى قواعدها الرئيس السيسى وباتت واقعا ملموساً للجميع داخل مصر وخارجها؟!.
المؤكد أن الوصول لتلك اللحظة لم يأت من فراغ أو دون مقابل ، فالثمن كان غاليا و غاليا جدا ، حيث قدم الآلاف من ابطال الجيش والشرطة وكذلك المدنيون أرواحهم الطاهرة فداء للوطن والمواطن المصري ، واستطاعت مصر العبور من كل المحن والصعاب التي واجهتها طوال السنوات الماضية ، منذ اندلاع أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١ وحتى الوصول إلى الجمهورية الجديدة ، وذلك بفضل من الله ثم إخلاص شعبها العظيم ووقوفه خلف ابطال الجيش والشرطة بقيادة حكيمة من الرئيس السيسى ، فكان لهم النصر في معركتى البقاء والبناء .
واذا عدنا للحديث عن مراسم واحتفالات تنصيب الرئيس السيسى التاريخية لا بد من الوقوف عند نقاط وملحوظات مهمة ، لعل أهمها البساطة التي تمت بها المراسم والفعاليات ، وكذلك الإدارة السلسلة والمتميزة لجلسة التنصيب من قبل المستشار المحترم حنفي الجبالى رئيس مجلس النواب ، وكذلك حرص الرئيس السيسى على وضع اكليل من الزهور على النصب التذكاري الجديد لشهداء مصر الابرار بالعاصمة الإدارية يرافقه وزير الدفاع ورئيس أركان القوات المسلحة وبعض من أبناء الشهداء و كذلك الحال عند رفع العلم المصري على أعلى سارى فى العالم بساحة الشعب في إشارة إلى أن مصر لم ولن تنسى من ضحى لأجلها.
و على قدر الحدث وأهميته جاءت الكلمة التاريخية التي ألقاها الرئيس السيسى عقب أدائه اليمين الدستورية ، حيث جدد فيها العهد والوعد بمواصلة العمل بإخلاص من أجل حماية الوطن والمواطن وحتى تتبوأ مصر المكان والمكانة اللائقة بها بين الأمم ، مشيدا بدور المواطن المصري في تجاوز البلاد لكافة المحن والصعاب التي واجهتها طوال السنوات العشر الأخيرة ، مقدماً الشكر للشعب المصري صاحب الكلمة والقرار .
وفي ختام كلمته التاريخية حرص الرئيس السيسى على وضع سبع نقاط رئيسية توضح أهم ملامح ومستهدفات العمل الوطنى خلال المرحلة المقبلة للسنوات الست التى تستغرقها الولاية الجديدة وحددها كالتالي:
أولا – على صعيد علاقات مصر الخارجية أولوية حماية وصون أمن مصر القومى.. فى محيط إقليمى ودولى مضطرب..
ومواصلة العمل.. على تعزيز العلاقات المتوازنة مع جميع الأطراف فى عالم جديد تتشكل ملامحه.. وتقوم فيه مصر..
بدور لا غنى عنه.. لترسيخ الاستقرار، والأمن، والسلام، والتنمية.
ثانيا – على الصعيد السياسى استكمال وتعميق الحوار الوطنى خلال المرحلة المقبلة.. وتنفيذ التوصيات التى يتم
التوافق عليها.. على مختلف الأصعدة: السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها فى إطار تعزيز دعائم المشاركة
السياسية والديمقراطية.. خاصة للشباب.
ثالثا – تبنى استراتيجيات تعظم من قدرات وموارد مصر الاقتصادية.. وتعزز من صلابة ومرونة الاقتصاد المصرى فى
مواجهة الأزمات مع تحقيق نمو اقتصادى قوى ومستدام ومتوازن.. وتعزيز دور القطاع الخاص كشريك أساسى فى
قيادة التنمية.. والتركيز على قطاعات الزراعة، والصناعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.. والسياحة، وزيادة
مساهمتها فـى الناتـج المحلـى الإجمالـى تدريجيـا
وكذلك زيادة مساحة الرقعة الزراعية والإنتاجية.. للمساهمة فى تحقيق الأمن الغذائى لمصر وجذب المزيد من
الاستثمارات المحلية والأجنبية.. لتوفير الملايين من فرص العمل المستدامة مع إعطاء الأولوية لبرامج التصنيع
المحلى.. لزيادة الصادرات.. ومتحصلات مصر من النقد الأجنبى.
رابعا – تبنى إصلاح مؤسسى شامل يهدف إلى ضمان الانضباط المالى وتحقيق الحوكمة السليمة.. من خلال ترشيد
الإنفاق العام.. وتعزيز الإيرادات العامة.. والتحرك باتجاه مسارات أكثر استدامة للدين العام وكذلك تحويل مصر لمركز
إقليمى للنقل وتجارة الترانزيت.. والطاقة الجديدةوالمتجددة،والهيدروجين الأخضر ومشتقاته إلى جانب تعظيم الدور
الاقتصادى لقناة السويس.
خامسا – تعظيم الاستفادة من ثروات مصر البشرية من خلال زيادة جودة التعليم لأبنائنا.. وكذا مواصلة تفعيل البرامج
والـمبادرات، الرامية إلى الارتقاء بالصحة العامة للمواطنين.. واستكمال مراحل مشروع التأمين الصحى الشامل.
سادسا – دعم شبكات الأمان الاجتماعى وزيادة نسبة الإنفاق على الحماية الاجتماعية.. وزيادة مخصصات برنامج
الدعم النقدى “تكافل وكرامة” وكذلك إنجاز كامل لمراحل مبادرة “حياة كريمة”.. التى تعد أكبر المبادرات التنموية فى
تاريخ مصر بما سيحقق تحسنا هائلا فى مستوى معيشة المواطنين.. فى القرى المستهدفة.
سابعا – الاستمرار فى تنفيذ المخطط الاستراتيجى للتنمية العمرانية واستكمال إنشاء المدن الجديدة من الجيل
الرابع.. مع تطوير المناطق الكبرى غير المخططة.. واستكمال برنامج “سكن لكل المصريين”.. الذى يستهدف
بالأساس.. الشباب والأسر محدودة الدخل.
أخيراً وليس آخرا بقى لنا التأكيد على ضرورة تضافر جهود كافة أبناء الوطن خلف القيادة السياسية حتى يتحقق حلم
المصريين بدولة قادرة على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها من مقومات