عبد الناصر البنا يكتب: إرث المحبة .. فى رمضان ( 2 : 2 )

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية
الحديث موصول عن شهر رمضان الفضيل وخصوصية العلاقة التى تجمع نسيج الشعب المصرى ” مسلميه ـ ومسيحييه ” وقد إنتهينا إلى تماسك بنيانه ، وممارسته تقريبا لنفس العادات والتقاليد وطقوس الحياة اليومية لافرق فيها بين مسلم ومسيحى وخاصة فى المناسبات والأعياد .
ويحضرنى فى هذا المقام أننى لاحظت ولفترة طويلة كان من الصعب أن تجد مسيحيا ” مجاهرا ” بإفطاره فى شهر رمضان ، إحتراما وتقديرا لـ خصوصية هذا الشهر ومراعاة لمشاعر المسلمين وهذا ليس بغريب !!
الـ Social Media ووسائل التواصل الـ إجتماعى رغم سلبياتها الكثيرة وكونها بعدت التقارب بين الناس على الأقل جسديا ، وأثرت كثيرا على صلة الرحم والتزاور بين الناس ، إلا أنها رغم ذلك لها إيجابياتها ، أول رسالة تصلنى على الواتس آب عند دخول شهر رمضان كانت من صديق مسيحى هو الأستاذ ” مجدى عزيز ” وكل من يعرف مجدى عزيز عندما تأتى سيرته يضحك ويقول : المسيحى المسلم !!
وهذا اللقب جاء من شدة حبه للمسلمين طبعا مثل كثير غيره ، رسالة الأستاذ مجدى كانت تحمل إلى جانب التهنئه بقدوم شهر رمضان ، وردا ـ وأزكارا ـ والمصحف الناطق أجراء ” حد شاف جمال زى كده ” ، ويطلع لك واحد سلفى يقول لك بلاش تعيد عليهم ” حرام ” تقول لواحد مسيحى كل سنه وأنت طيب . ليه بس ياعم الشيخ تحرم على الناس عيشتها ، سيبكم من رسايل الأستاذ مجدى عزيز ، وغيره وشوف أمانة البائع المسيحى وطريقة تعامله وكلمته الواحدة ، مش عاوز أطيل لأنها أشياء كلها لمسناها وعشناها وقتلت بحثا من قبل ولاداعى للإطالة فيها .
وهناك المئات بل الآلاف أمثال مجدى عزيز فى الشارع والعمل والسكن .. إلخ إلخ ، وليس غريبا أن يتداول رواد مواقع التواصل مقاطع فيديو لـطقوس رمضانيه بمارسها المسحيين تجعلك وبصدق تقول “عاش الهلال مع الصليب”
أردت أن أقول أن ” إرث المحبة ” من الأشياء التى قرأت عنها منذ فترة ليست بالقريبة ، والحقيقة أنها خطفتنى وأردت
أن أكتب عنها ، وكانت هى المحرض على الكتابة فى هذين المقالين ، والموضوع ببساطه وأنا لست أول أو آخر من
يكتب عنه ، ولاتتعجب إذا عرفت أن لقب العائلة التى سوف أتحدث عنها هو ” عجايبى ” مسقط رأس هذه العائلة هو
مدينة الأقصر فى صعيد مصر ، عائلة عجايبى تحرص كل عام على إقامة ” مائدة رحمن ” لإفطار الصائمين والناس
المارة فى الشارع ، بل وتوزيع وجبات جاهزة على العمال في المناطق الصناعية المحيطة بالمدينة . لدرجة أنها
أصبحت تقليدًا سنويًا ينتظره المسلمون والمسيحيون على حد سواء .
أحد ابناء هذه العائلة وإسمه “محارب رمزي عجايبي”، وللعام التاسع على التوالى كتقليد متوارث من أسرته يحرص
على إقامة ” مائدة رحمن ” فى مدينة الغردقة ، إنطلاقا من حرصه الشديد على تقاليد عائلته التي تربت على قيم
المحبة والتعايش السلمي بين الأديان . وتقديرا ومحبة منه لـ إخوته المسلمين .
الموضوع ليس مجرد ” شو إعلامى ” أو رياءا أو مجاملة أبدا ، الرجل يحرص أن يقدم وجبات غذائية متكاملة على
مائدة إفطار الصائمين تحتوى على اللحوم والفراخ والحلويات والفواكه المختلفة .. إلخ ، ويشرف على إعداد هذه
الوجبات طهاة من ذوى الخبرة هم الذين يتولون إعداد الوجبات بأعلى مستوى من الجودة والحرفية . بقى أن أشير
إلى أن مائدة ” عجايبى ” تستقبل مالايقل عن 2000 شخص يوميًا على مدار شهر رمضان الكريم ، ولم يكتفى بذلك
بل يقوم بتوزيع وجبات يومية على الفقراء والمحتاجين ، ممن لا يمكنهم ظروفهم من الوصول إلى المائدة إما بسبب
الفقر أو الإعاقة .. إلخ .
أد إيه مصر بلد حلوة و ” مصر جميلة ” كما غنى لها الفنان محمد طه . أولاد المرحوم ” رمزى عجايبى ” الذى بدأ فى
إقامة مائدة رحمن فى الأقصر منذ فترة الثمانينات حرصوا من بعده على أن يكونوا إمتدادا لسيرة والدهم الطيبه ،
وتنفيذا لوصيته على جعل الود موصول سواء فى الأقصر أو الغردقة وهذا ببساطة شديدة هو ” إرث المحبة ” الذى
أردت الحديث عنه ، ووضعته عنوانا لما كتبت .
وهناك العشرات بل المئات من هذه الأمثله تقام فى مصرنا الحبيبه من شمالها إلى جنوبها ، والحديث عنها هو من
قبيل ” النقر فى المنقور ” كما يقول المثل الصعيدى ، كل عام ومصرنا الحبيبة بألف خير .. ودمتم سالمين
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.