الإعلامي محمود عبد السلام يكتب : أسئلة مصرية

الإعلامي محمود عبد السلام

عندما طالب المصريون الانجليز بالتحرر وراحوا ينشدون فى مظاهراتهم ضد الأحتلال ( عاشت مصر حرة مستقلة ) ، جاءت إجابة الأنجليز بسؤال : ما هى مصر ؟ في ذلك الوقت كانت مصر ولاية عثمانية ، وأنتمائها الثقافى عربى ، لكن الهوية المصرية لم تكن متجلية فى الحياة المصرية ،

الثورة العرابية كانت النواة التى دافعت عن استقلال مصر وهويتها ، وتبعتها ثورة ١٩١٩ ، وراح الجميع إبان مفاوضات الجلاء يبحث عن الهوية المصرية ، فى الأدب والتاريخ والسياسة ،

الهوية القومية هى كانت أول العناصر التى شكلت حرية وثقافة مصر ، الشخصية المصرية صاحبة الجذور العميقة الراسخة فى التاريخ الأنسانى ، هى أهم ما يميز مصر عن كل دول العالم ، وتشكل اللغة العنصر الثانى فى تشكيل الوعى القومى والأستقلال ،

الساحة المصرية فى الأونة الأخيرة مشحونة بالأغتراب ، وهجرة الجذور و محو الهوية ، عندما أنظر حولى أجد أن سمات الشخصية المصرية أصبحت مهددة بالمحو ، كما أقترضنا أموالاً طائلة لكى نعيش ، أصبحنا نقترض من الخارج أغلب ما نحتاج لأستمرار الحياة معنوياً قبل أن تكون أحتياجات مادية ،

شكل الشارع أختلف ، البيوت ، العلاقات الأجتماعية ، التدين ، الفن ، اللغة كل هذه الأشياء لم تعد تنتمى لنا وأنما نحن من نحاول الانتماء لها ، حتى قضايا الوطن الكبرى أختفت ملامحها تحت ركام من التيه والبعد عن الحقيقة ،

الجميع واقع تحت طائلة التهديد ، الضغوط الاقتصادية غيرت ملامح الشخصية المصرية ، الميل إلى الصراع والدخول فى مشاحنات وفوضى الشارع واستبدال قيم عليا بقيم دنيا تحت شعار الحاجة ،

دور الدولة فى بناء الأنسان أختفى تماماً ، مجتمع الأغلبية فيه أمية يحتاج إلى مزيد من الاهتمام بالتعليم الذى هو النواه الأولى لبناء الشخصية والهوية المصرية ،

الأجيال الجديدة تتهرب من هويتها المصرية ، مفتونون بالحضارة الغربية ، مهزومون قبل أن يبدأو المعركة ، لأنهم لا يعرفون ذواتهم ، ولا يدركون مكامن قوتهم ، ولا عمق جذورهم ، كيف حدث هذا فى غفلة من الزمن ؟،

تحول كل شئ حولنا إلى ما يشبه الحقيقة ، شبه تعليم ، شبه حكومة ، شبه شارع ، شبه اعلام ، شبه أخلاق ، شبه دين ، شبه أقتصاد !

نتائج طبيعية لعقود من التغييب والكبت والتطرف وطغيان طوفان الفكر المادى ، أين نحن الأن ؟ سؤال يجب أن نتوقف طويلاً للإجابة عليه ، لبدء مرحلة بناء جديدة يكون فيها الأنسان المصرى هو بيت القصيد ، لقد أنفقنا عقود من تاريخنا ونحن نجرب ،

أما آن الأوان لتضح الرؤية ونوقف هذا النزيف الحضارى ، وندخل إلى العالم الجديد الذى تشكل حولنا وسبقنا بمئات الأعوام ، العلم هو قاطرة هذا التغير وبدونه هو محض أدعاء ، ورتق لثوب مهلهل لن يجدى معه سوى التخلص منه وشراء ثوب جديد ،

أخشى أننا سنضطر لشراء هذا الثوب قريباً بأغلى الأثمان من أعدائنا ، إن لم نصنعه نحن بأيدينا .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.