سيوة .. لوحة فنية من صنع الخالق
كتبت ايمان منصور :
أحببتُ سيوة يارفاقي فأشهدوا
واحة ظليل للجمال وأغيدُ
قد سرني طرح النخيل بأرضها
والتين والزيتون شهد أرغدُ
والبشر سمت للأنام بواحها
والخلق من كل البلاد توافدوا
وأستأثرت بمعالم قد أمها
غرب وروم وبها يشهدُ
زوروا مغانيها وداووجرحكم
ولتبقى سيوة بلسمأ يتجدد
قد برحت أشواقنا للقائها
من لى برجع نشيدها يتردد
لم أجد أجمل من تلك الأبيات للشاعر عبد اللطيف الجوهري، فى وصف واحة سيوة، وللمرة الثانية
كان اللقاء مع واحة الأحلام سيوة، بلاد النخيل والزيتون والآبار واللون الأخضر فى قلب الصحراء .. واحة آمون إله المصريين القدماء، وحلم عشاق الحياة،
سياحة الأحباب فوق جبل الدكرور، وبلاد الأولياء والطرق الصوفية، ويقال أن 35 ولياً وصالحاً دفنوا فى سيوة، فكانت الطريق الجغرافي الذى يضع راحتهم فى طريقهم إلى ” بيت الله العتيق ” فجاء من المغرب والجزائر وتونس فتوقف بعضهم فيها ولم يبرحوها ليضيفوا على عمقها الحضاري بعداً جديدأ مشبع بثقافه الأزيغ، وهى ثقافة لها خصائصها وتعد اللغه الأساسية لأهل سيوة أما اللغة العربية فهي اللغة رقم إثنين .
ورغم صعوبه المشوار الذى يبعد عن القاهرة أكثر من 825 كم إلا أنك من الصعب الأعتذار عن عدم قبول الدعوة من الدكتورة ” ياسمين فواد ” وزيرة البيئة بمشاركة من جمعية كتاب البيئة برئاسة الدكتور محمود بكر رئيس الجمعية .وبصحبة مدير محمية سيوة إبراهيم باغى ,
ثقافة شعب
تعد واحة سيوة إحدى أكثر الأماكن عزلة فى العالم وعند الوصول تجد بشائر الراحة والاطمئنان تدخل إلى نفسك، على الطريق ستجد أشجار الزيتون فى كل مكان، أما النخيل فهي لوحة فنية من صنع الخالق أبدعها بين كثبان رملية، ويقال أن إسم سيوة جاء فى عصر المصري القديم، بأسم “سيخت أم” وتعني أرض النخيل، وجاء أهل هذة الواحة من قبائل الأمازيغ من شمال أفريقيا ومنهم من أصول مغربية وجزائرية وتونسية وليبيا، والتي تبعد عنها 65 كم فقط وهناك من مورتانيا ومالي والنيجر وجزء صغير من غرب مصر .
وعندما تبحث عن ثقافة شعب عليك أن تبحث عن الفنون، فالفن مرآتي الشعوب كما يقال وأهل وأحة سيوة يبدعون فى الغناء الشعبي، وخاصاً ما يوصفون به حياتهم الشاقة وغدر الزمان بهم فالعمل الشاق ورغبات النفس وتطلعات الحياة، وهناك الغناء الشعبي الذي يعبر عن البسطاء والتقرب إلى الله بالرضا والقناعة، وتحمل أعباء الحياة، فمعظمهم يعملون فى الزراعة والسياحة وخاصة السياحة العلاجية، فرمال سيوة وفى شهور الصيف تشفي كثير من الأمراض، وجبال الملح والذى يعد من أنقى أنواع الملح على مستوى العالم، وهنا عليك أن تضع نفسك فى بحيرة من بحيرات الملح المحاطه بك لتخرج كل طاقة سلبية فى جسدك، ومن الملح يصنع كل ما جميل ليضىء بيتك بأبجورات متنوعة الأشكال حتى أن هناك من أدخل خامة الملح مع خشب الزيتون ليزيد الطاقة الاجابية فى البيت .
المرأة السيوية
ولبعدها عن المدنية وأنعزالها كان لها عادات وتقاليد مختلفة، حتى أن المرأة السيوية إذا تزوجتة لا تخرج من البيت ولا يراها أحد، وإذا خرجت ترتدي الجلباب السيوي التقليدي الذي يكسو الجسم بالكامل ومع ذلك هناك المرأة المتعلمة، ولكن بنسبة ليست كبيرة.
أستطاع أهل سيوة أن يحافظوا على واحتهم من شر الأعداء فقاموا ببناء قلعة شالى ، وشالى تعنى سيوة بالازديغى وهى من أهم المزارات للسائح وتقع فى قلب الواحة وتتكون من بعض البيوت القديمة والتى بنيت من الكتل الملحية المستخدمة من البحيرات المنتشرة فى الواحة وحجر الكرشيف المكون من خلطة من الطين والملح الصخرى وهذه الأحجار يتم أستخدمها الان للحفاظ على البيئة ’بناء اخضر مستدام ’
تم بناء هذة القلعه ليتحصن أهل الواحة من الغزاه وقطاع الطرق بحثا عن الغذاء خاصة فى موسم الحصاد , حتى جاء تصميمها بطريقة عبقرية فعلى هضبة مرتفعة تعلوها قمتان واحدة فى أقصى الغرب والثانية فى الشرق وأحيطت بسور ضخم وباب واحد مازال قائما حتى الان سمى باب المدينة
وفى الجهة الشمالية من السور يوجد المسجد العتيق . ثم تم فتح بابا أخر أطلق علية الباب الجديد ونتيجة لهطول الامطار المتكرر أحدث بالقلعة بعض الأنهيارات , وفى عام 1833 ارسل الوالى محمد على جيشا بقيادة حسن بك الشماشرجى لفتح سيوة واعترافوا بالولاء للحكومة المصرية
وتم الأتفاق على أن يقوم أهل سيوة بسداد 1300 ريال مصرى ومائة جمل محملين من التمور للوالى العثمانى .. وهكذا اصبح أهل سيوة فى حماية الوالى العثمانى . فنزل الرجال من الحصن ليعمروا الواحدة وكان عددهم 40 رجل فقط .
عيد الصلح
ولا يخلوا مجتمع من النزاع بين القبائل والعشائر وفى سيوة أستمرت هذة المنازعات مدة طويلة حتى جاء لهم رجل طيب من الطريقة الشاذلية أستطاع أن يلم شمل القبائل ويقيم بينهم العهد على الصلح ’كان اسمه القديم ’ درام بريق ’ اما الاسم العربى فهو الدكرور وكل عام وفى الليالى القمريه فى شهر اكتوبرلعدم وجود الاضاءة يتم الاحتفال بعيد الصلح مع الشيخ محمد بن ظافر والصلح بين اهالى سيوة . ويستمر الأحتفال ثلاث ليالى بين الاكل والذكر ومدح الرسول .
ومن عادات أهل سيوة أن الفرح يستمر سبع ليالى وكل ليلة ترتدى العروس فستان مختلف ومطرز وعندما تضع طفل تستلقى على كليم مفروش على الارض لمدة أسبوع وتأكل السمك كتقليد موروث تيمنن بولادة سيدى سليمان وهو إمام أهل سيوة .