الدكتور علاء رزق يكتب : السياسة الصناعية الداعمة للنمو الوطنى(٣)
تناولنا فى المقالين السابقين كيف أن برنامج الإصلاح الإقتصادي الثاني قد إستند على ركيزة توطين الصناعة،خاصة الصناعات التحويلية، مع توجه هذا البرنامج للاستناد على وثيقة المرتكزات الإستراتيجية للإقتصاد الوطني القائمة على ثمانيه محاور،
وان السياسة التي ترتكز عليها مصر في هذه الفترة تقوم على تنويع القاعدة الإقتصادية، وتشجيع وتوسيع مجالات الصناعات التحويلية وإستغلال وإدارة الموارد الإقتصادية، مع السماح لرؤوس الأموال،والخبرات الأجنبية بالمشاركة في المشروعات الصناعية مثل شركة “بريتيش بيتروليوم” BP، ذات الاستثمارات المتنامية فى مصر والتى تزيد عن 6,5 مليار دولار ما بين إستثمارات مخططة وإستثمارات متوقعة،
وان الأهمية التى توليها الدولة لتيسير عمل الشركات العالمية والقطاع الخاص فى هذا المجال أصبح مطلب تنموى ،سعياً لتعظيم إستفادة الدولة من مواردها لصالح الأجيال الحالية والقادمة. مع حرص القيادة السياسية على جذب استثمارات الشركات العالمية،كما يجب النظر أيضاً إلى السياسة الصناعية على أنها قد أصبحت سمة رئيسية من سمات السياسة الاقتصادية لأى دولة متقدمة ،
وأن مصر تحتاج الى تسليط الضوء على التحديات التي تواجه صناع السياسات فى عند تحقيق التوازن بين مطالب النمو الاقتصادي، وإستقرار القطاع المالي ، وإقامة الشركات الوطنية الكبيرة. لأن تحقيق أي هدفين من هذه الأهداف على حساب التضحية جزئيا بالهدف الثالث، يجعل الأمر بمثابة معضلة ثلاثية،
لذلك فإن توجه الحكومة حاليا فى ضوء وثيقة ملكية الدولة ووثيقة المرتكزات الاستراتيجية للاقتصاد الوطني حتى عام
2030 تستند على دعم الشركات الكبيرة الآمنة، لتعطي الأولوية لاستقرار القطاع المالي والمالية العامة إلى جانب
دعم الشركات الوطنية الكبيرة الآمنة. وتكون هذه الاستراتيجية أكثر تركيزا على الأمن القومي والحيطة والصلابة
مقارنة بالمنافع التي يمكن جنيها من إنتهاج استراتيجية أكثر صرامة.
لذا جاء توقيع مشروع رأس الحكمه الذى يعتبر من المشروعات الكبرى على مدار تاريخ مصر فالمشروع شراكة بين
مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة، ويتضمن إقامة فنادق ،ومشروعات ترفيهية، ومنطقه مال وأعمال كبرى، ومطار
دولى،
وبالتالي فنحن ننظر الى هذه الصفقة الإستثمارية الكبرى كبداية لتصحيح مسار الإقتصاد المصري، عبر جذب
إستثمارات أجنبية مباشرة قدرها 35 مليار دولار ستدخل في شرايين الاقتصاد المصري خلال شهرين من الإتفاق،
وبالتالى فإننا مطالبين بالعمل على جذب إستثمارات أجنبية اخرى من اجل زياده موارد الدولة الدولارية ، وبالتوازى مع
تحقيق مستهدفات الدولة في التنمية الساعية إلى تحقيق مستهدفات الدولة في التنمية عبر التميز المؤسسي
والكفاءة في الأداء ،والمتعلقة بالمؤسسات الحكومية،
مع التأكيد على أن رأس المال البشري هو الأساس في هذا التميز لاسيما وأن مصر تمتلك نسبة هائلة من عنصر
الشباب من إجمالي عدد سكان مصر البالغ حوالي 106 مليون نسمه وبالتالي فإن تصحيح المسار الاقتصادي في
مصر يتطلب وجود دور رائد لمصر في الإقتصاد العالمي
وهو ما تم عبر إنضمام مصر لتجمع البريكس، بالإضافة الى إنضمامها إلى كثير من التكتلات الإقليمية والعالمية، وهو
ما ساعد في تعظيم الدور الإقتصادي لأهم نقطة إتصال بين الشمال والجنوب على مستوى العالم وهي منطقة قناة
السويس، وهذا ما سوف يساعد مصر في زيادة تجارة الترانزيت ،
والتي تمثل نقطه جذب إستثماري حقيقي، بالاضافه الى دعم مصر كمركز لوجستي عالمي ،ولا شك أن الحكومة
في هذه الفترة تحديداً ،ومن أجل تصحيح للمسار الإقتصادي تبحث عن الدور الفاعل للمصريين بالخارج ليس فقط من
اجل٦ زيادة تحويلات المصريين في الخارج لتصبح 35 مليار دولار ولكن من أجل الحصول على الدعم الفني للمصريين
في الخارج وهو الأهم في هذه الفترة من أجل بناء إقتصاد معرفي وتكنولوجي عصرى للدولة المصرية ،تستطيع من
خلاله القضاء على الفجوة التنموية بينها وبين الدول المتقدمة ،
وهذا يتطلب وضع مسارات حقيقية لدعم القطاع الخاص في مصر بصورة تجعله قادر على تحقيق النمو الإقتصادي
الشامل مع الدولة ،وتبني سياسات ا٦قتصاديه قابله للتوقع داعمة لإستقرار الاقتصاد الكلي، بما يساهم في إستقرار
الأسعار والإنضباط المالي والنقدى ووصول الدين لحالات مستقرة في ضوء توجهات مصر نحو التنمية المستدامة.
وبالتالي فإن مشروع راس الحكمة سوف يساهم في العديد من التحولات والتغيرات التي ستنعكس حتماً على حياة
المصريين فهذا المشروع سيؤدي الى مزيد من جذب الإستثمارات الاجنبية المباشرة،وهو أمر سيمكن مصر من خلق
مزيد من فرص العمل لمواجهة احتياجنا إلى توفير مليون فرصة عمل سنوية ،
ولكن يبقى الأهم هو زيادة الإيرادات السياحية من العملة الصعبه نتيجه التخطيط لوصول 8 مليون سائق أجنبي الى
هذه المنطقه ، وبالتالي ضبط سعر الصرف والذى سيؤدي حتماً لمعالجة أهم مشكله تواجهها الدولة المصرية الان
ومعها المواطن ،وهي مشكله التضخم.
وبالتالي فإن هذا المشروع الضخم وهو مشروع رأس الحكمة سيؤدي الى القضاء على السوق الموازية على اسعار
السلع التي تمس حياه المواطنين وهو أمر سيساهم مستقبلاً فى تحقيق الإستقرار النقدي في مصر ويبقى الاهم
وهو أن هذا المشروع بإستثماراته الضخمة ستمثل فيه الشركات المصرية بكافه قطاعاتها وانشطتها، مع تكليف
المصانع المصرية بتوفير المواد الخام ومدخلات الإنتاج مما سيزيد من معدلات التشغيل والإنتاج في مصر
وبالتالي زيادة الصادرات المصرية لتصل الى 145 مليار دولار في عام 2030 كما هو مخطط.لذلك فإن الدولة المصرية
يجب أن تتجه من الآن فصاعداً نحو وضع خارطة طريق لعدم تكرار الأزمات الإقتصادية أو على أو حد منها وجعل
الإقتصاد المصري أكثر مرونة.
كاتب المقال رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام