الكاتب الصحفي يسري السيد يكتب : لنترك لهم الأمم المتحدة؟!

الكاتب الصحفي يسري السيد

هل يمكن أن تقوم الدول المساندة للحق الفلسطيني بالإنسحاب الآن من الأمم المتحدة أو على الأقل تجميد المشاركة فيها؟

ماذا يحدث لو تركنا لهم مؤسسات نظامهم الدولي يمرحون فيه بمفردهم؟!

تخيلوا معى إن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أقتصر الحضور فيها على بضع دول لا تزيد عن العشرة من أصل 193 دولة!!

تخيلوا معى ديكور مجلس الأمن وقد خلت مقاعده إلا من الخمس الكبار!!

أعتقد أن هذا هو الرد المناسب على فشل هذا النظام الدولي وعلى قمته “الأمم المتحدة” والتي عجزت

ومؤسستها الرئيسية “مجلس الأمن” عن مواجهة البطش الصهيوني و “فيتو” داعمته الأكبر وهي الولايات المتحدة..

والسبب طبعا حق النقض “الفيتو” الذي يستخدمه الخمس الكبار (أمريكا وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا)

المنتصرون في الحرب العالمية الثانية منذ نحو 78 عاما، لمصلحتهم فقط وحلفاءهم ودون النظر إلى نحو 193 دولة .. هم سكان العالم.

نعم المنتصر يفرض شروطه وقانونه على المهزوم ويجبره على القبول بالهزيمة!

لكن قد يحدث ذلك في مجال الأفراد،  لكن الشعوب لا تموت وتحصل على حقوقها مهما طال الزمن، لذلك لا مجال لتطبيق هذه القاعدة

نعم حضرت القاعدة عقب الحرب العالمية الثانيه ..والنتيجة ما نشاهده اليوم في مجلس الأمن حيث الخمس الكبار أصحاب حق الفيتو.

وإذا كان هذا الوضع متناسبا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية أي منذ أكثر 78 عاما، فإن  الوضع الدولي قد أختلف

وخاصة في السنوات الأخيرة، فالمهزوم أصبح قوة لا يستهان بها مثل ألمانيا واليابان، ودخل للساحة من يمتلك

السلاح النووي مثل كوريا الشمالية وآخرين!!

لكن الغريب أن واشنطن كانت السبب في إنهاء حياة عصبة الأمم في الماضي لمصلحتها، وهي الآن تتسبب في

تقويض حياه الأمم المتحدة لمصلحتها ومصلحة حليفتها إسرائيل.

والراصد لأسباب فشل عصبة الأمم في الماضي يجدها هي نفسها تقريبا أسباب فشل الأمم المتحدة الآن!!، وإذا

تشابهت الأسباب والمقدمات فالنتائج والمخرجات ستكون متشابهة بالطبع

وحضور الغياب وغياب الحضور قد يكون أحد الأسباب المهمة في هذا الامثله:

مثلا ..  كانت من أبرز أسباب موت عصبة الأمم في الماضي عدم انضمام الولايات المتحدة إليها، يعنى حضور الغياب

والآن فرض “الفيتو” الأمريكي وباقي “فيتو” الخمس الكبار على العالم مصالحهم فقط، وتابعيهم طبعا، يعنى غياب

الحضور فى فرض الاستقرار… وكان النموذج البارز مؤخرا وهو وراء هذا الطرح، الإعتداء الصهيوني على غزه ومقتل نحو

30 ألفا من الفلسطينيين وإصابة وفقد وتشريد نحو 2.3 مليون فلسطيني أمام العالم أجمع، وإحتماء الكيان الصهيوني

ب “فيتو” الكاوبوي الأمريكي و “فيتو” بريطانيا.

وأيضا من أسباب إنهيار عصبة الأمم في الماضي تنفيذها لأجندات الدول العظمى المكونة لها على حساب السلام

العالمي، فقد كان إنشاء هذه المنظمة جزءا من التسوية السلمية لإنهاء الحرب العالمية الأولى حيث بات ينظر إليها

على أنها “عصبة المنتصرين”.

لكن الطامة الكبرى التي ارتكزت عليها شهادة الوفاة لعصبة الأمم التي ولدت عقب مؤتمر باريس للسلام عام 1920،

الذي أنهى الحرب العالمية الأولى، هو الفشل في كبح جماح الحرب العالمية الثانية!

“يعنى فشلت عصبة الأمم” التي أنشئت في 10 يناير 1920 لتكون “شرطيا دوليا” مهمته الحفاظ على السلام بين دول العالم ومنع الحروب والنزاعات، لكن تلك العصبة لم تنجح في منع اندلاع الحرب العالمية الثانية، فأدى ذلك إلى انحلالها في نهاية المطاف واستبدلت بمنظمة “الأمم المتحدة”

والسؤال يكون: أليس اليوم أشبه بالبارحه بعد أن تحول الفيتو إلى سيف ولكنه “نووي” يسلطه الخمس الكبار على

رقبة العالم أجمع من جهة، ومن جهة ثانية فشلت الأمم المتحدة في منع الحروب المتتالية منذ إنشائها وردع

الغاصبين، لأنهم ببساطه يركنون إلى “الفيتو” والعقوبات الاقتصادية والأساليب الجهنمية لنشر الفوضى وعدم

الاستقرار وهز العروش لمن يخرج عن السياق، وفي أحسن الأحوال تكون قراراتها حبرا على ورق ليستحق ثمن

الورق الذي طبعا عليه!!

يعنى لم تستطع الأمم المتحدة الحفاظ على الأمن والسلم العالميين وهي مهمتها الرئيسية ، وحماية الصغار من بطش الكبار!!

وإذا كانت عصبة الأمم لم تضم جميع دول العالم، فى الماضى وأقتصر مجلسها التنفيذي على الدول القوية فقط

التي خرجت منتصرة من الحرب العالمية الأولى، وهي إنجلترا وفرنسا وإيطاليا واليابان، حتى عندما وصلت العصبة

إلى ذروتها في الفترة بين عامي 1934 و1935 كانت تضم قرابة 58 دولة

وما أشبه الليلة بالأمس، فرغم أن الأمم المتحدة تضم كل دول العالم الآن إلا قليلا فى مجلس الأمن وعلي قمته

الخمس الكبار المنتصرون فى الحرب العالميه الثانيه و معهم “سيفهم النووي” المسمى حق الفيتو ، يعنى أشبه

بالمجلس التنفيذي لعصبة الأمم في الماضي حين كان يتربع على قمته إنجلترا وفرنسا وإيطاليا واليابان ..المنتصرون

فى الحرب العالميه الأولى …وكان هذا الوضع هو سبب انهيار عصبة الأمم وهو نفس السبب الان  الذى يقود الى

وفاة الأمم المتحده الان بعد تحكم الخمس الكبار فى مصير العالم

و كان الهدف الأساسي لعصبة الأمم فى الماضى هو منع أي حروب مستقبلية بعد الآثار المدمرة التي خلفتها الحرب

العالمية الأولى، وكانت تعتزم تحقيق هذا الهدف عبر قيامها بعدد من الإجراءات، منها نزع السلاح وتسوية النزاعات

الدولية من خلال لعب دور “الحكم” بين المتخاصمين وقيادة جهود التفاوض بين الدول المتصارعة.

لكن الفشل فى منع الحرب العالميه الثانيه كان بمثابة  شهاده الوفاة  لعصبة الأمم

والسؤال هل نجحت الأمم المتحده التى تأسَّست عام 1945 بعد الحرب العالمية الثانية فى تحقيق الغايه من

تأسيسها طبقا  لميثاقها ، واقصد به  المحافظة على السلم والأمن الدوليين عن طريق اتخاذ تدابير جماعية فعَّالة

لمنع وإزالة الأخطار التي تهدد السلام، وإلى تنمية العلاقات الودية بين الدول على أساس احترام مبدأ المسأواة في

الحقوق وتقرير المصير للشعوب وتعزيز وتشجيع احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع دون تمييز بسبب

العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين.

فى منطقتنا فقط أذكر بعض الامثلة على فشل ذلك ، و العالم محتشد بما يصعب حصره  ..

-هل منعت الأمم المتحده تدمير العراق واليمن والصومال ولبنان وسوريا والسودان وليبيا ؟!

-هل وقفت الأمم المتحده الى جانب مصر فى حربها على الارهاب ،والكل يعرف الاصابع التى تقف وراءه ؟!

-هل وقفت الأمم المتحده الى جانب مصر فى قضية سد النهضة والتعنت الأثيويى فى المفاوضات ؟!

كل هذه الامثلة على سبيل المثال كانت الاصابع الخفيه تلوح بالفيتو ضد حقوقنا فى البقاء ، وغابت معايير حقوق الانسان فى الحياه وحقوق الأوطان فى الاستقرار .

والآن وبعد مرور نحو 5 شهور لم يتحرك مجلس الامن لمجرد اصدار قرار فورى لوقف الاباده الجماعيه فى غزه والتى تحدث لأول مره فى التاريخ على الهواء مباشره !

لذلك يكون السؤال.. تعالوا نلوح لهم بترك منظمتهم لهم ، فهل يحدث لنا اكثر مما يحدث ، ولنشاهد  كيف سيعيشون بمفردهم فى منظمات خلقوها بمفردهم  وحتى لانظل مجرد  ديكور فيها  لنحو 78 عاما!!

واذا كان الفعل و الصراخ محالا والصمت جريمه فتعالوا نجرب الانسحاب فى هدوء !!

yousrielsaid@yahoo.com

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.