عبد الناصر البنا يكتب : فيها .. حاجة حلوة !!

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية
لا..  دى مش حاجة واحدة حلوة فقط ، مصر فيها مليون حاجة حلوة ، بس إحنا إللى مش عارفين قيمتها وتعالوا أقول لكم ليه ؟ ..
سنه 1972 ونظرا للأهمية الاستثنائية لبعض المواقع العالمية على كوكب الأرض ، أقرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ( اليونسكو ) اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي بوصف هذه المواقع تراث أو إرث مشترك يخص جميع شعوب العالم على وجه الأرض .
ومن نعم ربنا علينا أن مصر فيها 7 مواقع ضمن القائمة الرئيسية الأصلية لمواقع التراث العالمي ، و32 موقعاً ضمن القائمة الإرشادية المؤقتة لمواقع هذا التراث ، ويأتى من بين هذه المواقع منطقه الأهرامات بالجيزة كونها أحد عجائب الدنيا السبع القديمة !! .
فى نوفمبر 2022 إحتفل العالم بمرور 50 عاما على اعتماد إتفاقية التراث العالمى ، الإتفاقية إللى تحتم على الدول ضمان حفظ وصون عناصر التراث العالمي على نحو فعّال . والسؤال هنا : إحنا بنتعامل مع تراثنا العالمى إللى بتوليه اليونسكو عناية خاصة إزاى ؟
وعلشان نكون منصفين اليونسكو لأكتر من نصف قرن كان لها الفضل فى” إنقاذ آثار النوبة ” ومنها معبد أبو سمبل (1963-1968) من الغرق فى مياة بحيرة ناصر ، وربما تكون هذه الخطوة هى السبب فى صياغة الإتفاقيه التى بدأت بها الكلام ،
ومؤخرا باركت اليونسكو عملية نقل المومياوات الملكية وعددها ” 22 مومياء ملكية فرعونية لـ 18 ملكا و 4 ملكات ” لـ الأسرات السابعة عشرة وحتى العشرين في موكب ذهبي مهيب .
عودة إلى السؤال السابق : كيف نتعامل مع مواقع تراثنا العالمى ؟
الحقيقة أننا قد نجهل القيمة الإنسانية لتراثنا العالمى ، أو أننا لا نتعامل معه بالقدر الذى يليق به ، وأحيانا نتعامل معه بطريقة قد تكون مهينة ، وأعتقد أننا تابعنا الجدل الواسع الذى أثير مؤخرا بين رواد مواقع التواصل الإجتماعى والـ Social Media حول خطة المجلس الأعلى للآثار لترميم الهرم الأصغر بالجيزة وإعادة تكسيته بالجرانيت التى وصفت ” بالعبث ” بآثار مصر ، والغريب فى الأمر أن الموضوع أغلق فجأه ، وبدون مقدمات إتكفأ على الخبر ” ماجور ” وكأنك يابوزيد ما غزيت !!
وعلى ما يبدو والله أعلم أننا نتعامل مع آثارنا بطريقة ” حادى بادى ” ، ومات الكلام رغم تبريرات المجلس الأعلى للآثار وزاهى حواس التى وصفت بالسطحية ، وإللى مكانتش مقنعة بالقدر الكافى الذى يمنع إثارة الجدل فيه مرة أخرى .
والجدير بالذكر أن اللجنة العلمية العليا المشكلة لمراجعة مشروع ترميم هرم منكاورع قررت وقف المشروع ورفض إعادة تركيب الكتل الجرانيتية حول جسم الهرم ، خاصة أنّ قوانين اليونسكو الدولية تمنع تغيير الشكل العام للأثر ، حتى لو كانت الحجارة تُعاد بناءً على أساس أنّها جزء من الهرم .

ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه وخاصة فى موضوع الترميم بالذات ، وأكيد كلنا فاكرين الجدل المشابه الذى أثير منذ

سنوات حول أعمال الترميم والصيانة لتمثال أبو الهول التى كانت تتم بواسطه مقاولى المونه والخرسانة .. إلخ
وفقا لقوانين اليونسكو أنها تمنع تغيير الشكل العام للأثر أى أن الأثر يجب أن يترك كما هو أى ” لايكمل .. ولا يجمل “
وأنا أعتقد أن قيمة الأثر تكمن فى وضع الزمن لمساته عليه ،
يعنى لو مكانش الحجر متجرح وعوامل التعريه أخدت نصيبها منه مايبقاش له قيمة ، علشان كده مكانش ينقع نحط
لأبو الهول مناخير ، أو نكمل أى تمثال ناقص له إيد أو رجل.. وهكذا .
ولكن حتى نكون منصفين مصر تملك أكبر مركز لترميم الآثار فى العالم ، وهو مزود بأحدث التقنيات ، ويتم ترميم الآثار
فيه بأيدي مصرية خالصة ، وبأحدث الطرق العلمية ، وقد شاهدن ذلك بنفسى خلال زيارتى للمتحف المصرى الكبير ،
وهو يتعامل مع كل أنواع الآثار حجرا كانت أم خشبا أو ذهبا .
على أرض الواقع الجدل فى منطقة الأهرامات سوف يظل قائما مع منظمة الـ UNESCO التى على ما يبدو أنها تصدت
لمشروع إنشاء كوبرى للمشاة يربط المنطقة الواقعة بين المتحف الكبير والأهرامات والذى توقف بعد قطع شوط كبير
جدا منه .
وإحنا كلنا عارفين أننا على بعد خطوات من إفتتاح المتحف المصرى الكبير ” هدية مصر للإنسانية ” ونحن الآن فى
اللمسات الأخيرة للمشروع وفقا للأخبار التى تتواتر من وقت للتانى ، لكن كون هذه المنطقة ذات طبيعة خاصة
بوصفها من مواقع التراث العالمى فإن العمل يجرى فيها ببطء شديد وحذر ،
ولكن الحقيقة التى لاتخفى على أحد أن ” التخبط ” الشديد هو السيد فى علاقتنا بالتعامل مع الآثار أو السياحة
عموما ، على الرغم من كونها واحدة من أهم مصادر الدخل القومى لمصر ،
وأعتقد أن الأزمة التى أثيرت مؤخرا بشأن السائحة الفرنسية التى قبض عليها بتهمة حيازة تمثال أثرى وأحتجزت قيد
التحقيق لمدة أسبوع قبل ترحيلها بعد تدخل سفارة بلادها ، والتأكد من أن التمثال الذى ضبط معها كان ” انتيك ” .
ولو نظرنا على الأضرار التى قد تلحق بقطاع السياحة فى مصر جراء هذا التصرف قد يصعب تداركها ، خاصه وأن هناك
المتربصين بمصر سواء فى الداخل أو الخارج ،
وعلى مايبدو -والله أعلم- أننا أيضا غير قادرين على تسويق منتجاتنا السياحية يالقدر الذى يتناسب مع مكانة مصر
وماتحويه من تنوع فى المنتج السياحى مقارنه بدول جوار مثل ” دبى ” على سبيل المثال ، لو قارنا أعداد السياح
لدبى فى العام الواحد مقارنة بمصر فالمقارنة لن تكون فى صالحنا !! .
ولذلك وفى ظل الأزمات التى تمر بها مصر لابد أن نحرص كل الحرص على تصدير كل شىء إيجابى عن مصر ومصر
دولة غنية عن التعريف على مستوى بورصات السياحة فى العالم ،
فقط بقرش ملح ” تحلو الطبخه” ، وتحلو أكثر لو بعدنا عن المنافع الشخصية فى التسويق الخارجى للمنتج السياحى
المصرى ، وبعدنا عن الشللية ، وإختيار دول بعينها لخدمة شركات سياحية بعينها بعيدا عن مدى إستفادة الدولة .
وأعتقد أننا يجب أن تكون أعيننا على شريحة معينة من السياح الأغنياء ، وليس السياح” القفطانين ” إللى بنشوفهم
، لان تكلفه ماينفق على حراستهم وتأمينهم اكثر مما ينفقوه فى بلدنا !! .
وأخيرا .. ماذا اقول ، وأى شىء يقال بعد كل ماقيل ، وهل قول يقال مثل قول قيل قبل ذلك ، وما أكثر من قول قيل
بالقول أو لم يقل .. ربنا يشفى عادل إمام ، من فيلم ” الأفوكاتو ” !! .
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.