الدكتور علاء رزق يكتب : عقد الفرص الضائعة

الدكتور علاء رزق
تناولنا فى المقال السابق أن الحديث عن إعادة بناء الثقة عنوان جميل ، لكن تحقيقه لن يكون كافياً فى ظل تداعيات خطيرة ، وعبر مؤتمر واحد ، لذا فإن إجراء حوار اقتصادي برئيس وطنى فى هذا التوقيت أمر فى غاية الأهمية، وليس غريبا دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لاجراء حوار وطني خاص بالاقتصاد، فإهتمام الرئيس بالملف الإقتصادى كان أهم الملفات التى حملها على عاتقه خلال السنوات التسع الماضية ، عبر برنامج شامل للإصلاح الإقتصادى خلال مرحلتين ، تضاعفت خلالهما للأسف الأزمات العالمية والتى إرتبطت بتهديد الأمن الغذائي العالمى ،عبر تقلص سلاسل التوريد العالمية ، وزيادة معدلات التضخم وإرتفاع الأسعار بصورة لم تحدث منذ عقود طويلة ، وبالتالى فإن دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي ،تؤكد أن هناك منهجية جديدة
لإدارة الملف الاقتصادى، منهجية قائمة على هندسة وبناء إقتصادى ،بحيث يكون يكون أكثر عمقا وشمولية، ويعكس ما يدور فى الشارع المصري بشأن الإقتصاد وإرتفاع الأسعار ، وتأكيد على رغبة القيادة السياسية فى تحسين أحوال معيشة المصريين عبر توجهات إقتصادية حتى عام 2030،سواء فيما يتعلق بتوجهات الإقتصاد الكلى أو على مستوى القطاعات الإقتصادية والإجتماعية الداعمة لنهضة مصر ، وضرورة تبنى سياسات إقتصادية داعمة لإستقرار الإقتصاد الكلى، تستهدف تحقيق الإستقرار السعرى والإنضباط المالى، ووضع الدين العام فى مسارات قابلة للإستدامة.
ندرك أن هناك دوراً رائداً مطلوباً لمصر فى الإقتصاد العالمى الآن، مصحوبا بتدخل ورعاية كاملة من الرئيس السيسي،عبر تفعيل وتعظيم الدور الإقتصادى لقناة السويس، وتعزيز دور مصر فى تجارة الترانزيت، ومواصلة إبرام شراكات إستراتيجية دولية فاعلة، إلى جانب تعزيز مشاركة الشباب الركيزة الأساسية للتقدم على عدد من الأصعدة، وأيضاً هناك دور فاعل للمصريين بالخارج فى ترسيخ دعائم نهضة الدولة. مرتبطاً بضرورة إيجاد مسارات جديدة لفتح أسواق التصدير، واتخاذ آليات مبتكرة ناجزة للإنحياز للصناعة والزراعة فضلا عن دعم القطاع الخاص،حتى يمكن وضع رؤية واضحة تمكن الاقتصاد من التعافى والإنطلاق وتحقيق المستهدفات الطموحة ،
والتحوط من المخاطر والتحديات التى تزيد من حالة عدم اليقين التى يعيشها العالم الآن ، والتى صنفها المنتدى الاقتصادى العالمى بدافوس مؤخراً ، من حيث الأهمية فى الأجل القصير ، على النحو التالي:التضليل المعلوماتى، التغيرات العنيفة فى الطقس، الإستقطاب المجتمعى، مخاطر الأمن السيبرانى، الصراعات المسلحة، محدودية الفرص الاقتصادية،التضخم، الهجرة الاضطرارية، الانكماش الاقتصادى، التلوث.ولا شك أن ما يمر به الاقتصاد العالمي من ظروف محفوفة بالمخاطر، تهدد الإستقرار من حيث ارتفاع معدلات التضخم، وإخفاقات البنوك، والتوترات الجيوسياسية بعرقلة النمو.وبمحاولة التعرف على ما تواجهه مصر حالياً ، نجد أن المخاطر الاقتصادية الكلية وتلك المتعلقة بالسياسات النقدية والمالية فى المقدمة. وبالتالى فإن إعادة بناء الثقة في الاقتصاد عالمى عبر المؤتمر السنوي الرابع والخمسون للمنتدى الاقتصادي العالمي أصبحت أمرا صعبا ،يجب أن نعرف أسبابه بدقة، حتى تأتى قمة المستقبل للأمم المتحدة، التى ستعقد فى سبتمبر المقبل، بالنتائج المرجوة واستعادة مسيرة التنمية المستدامة، مع المطالبة بأن ينتشل التعاون الدولى بداية من القاع المتدنى الذى صار إليه بالتفتيت الاقتصادى وزيادة حدة الاستقطاب جراء تنامى الصراعات الجيو ــ سياسية.
ما نؤكد عليه ان إنعقاد المؤتمر الرابع والخمسون للمنتدى الاقتصادي العالمي” دافوس” في عام كان يأمل العالم فيه من تجاوز أزمات وتداعيات وصدمات كان من المتوقع ان يرسم فيها هذا المنتدى ملامح لفترة قادمة أكثر استقراراً ،وأمانا بعد ثلاث سنوات مضطربة،
إلا أن التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط قد حطمت هذه التوقعات ليتأكد لنا أن العالم لا يزال عالقاً في أزمات زادت
من حدتها تنامى الدخول في عصر التحولات والتوترات الجيوسياسية التي بلغت حوالي 90 توتراً عالمياً، تجاوزت
تكلفتها على الإقتصاد العالمي أكثر من 17.5 تريليون دولار ،مع وجود بعض الأزمات الناشئة والتفاوت الإقتصادي الكبير
بين الدول سواء في الدخول أو الثروات.لندخل نحن والعالم في مستوى ثقة متدهور نتيجة المخاطر التي تمت
الإشارة إليها سابقاً ،ليكون الحل الأوفر من وجهه نظري هو ضرورة البحث عن حلول غير تقليدية، وتسويات متوازنة
وعادلة، للتعامل مع هذه المخاطر وتلك النزاعات،
لذلك كانت دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لحوار إقتصادي وطني يتم فيه طرح الحلول والإبتكارات لإعادة بناء
وهندسة الإقتصاد المصري، قبل ان نصل لأوضاع لا يفيد فيها الإعتذار.مؤتمر نقر فيه التأكيد على إعتماد خطة التنمية
المستدامة لعام 2030، ووثيقة السنوات
الست القادمة، لإنجاز المزيد والمستدف من التطلعات ، والمساهمة في رسم أهداف للمجتمع المصرى. مما يجعلنا
قادرين على تشيكل تحولا نمطيا نحو رؤية شاملة ومتكاملة للتنمية المستدامة الشاملة، تنطبق على جميع الناس
في جميع مناطق وأقاليم الدولة ،وترتكز بشكل صريح على حقوق الإنسان.عبر إدماج أهداف التنمية المستدامة في
الخطط والإستراتيجيات الوطنية، بوضع خطوط أساس لقياس الأداء وبناء قدرات إحصائية فعالة. تساهم فى وصول مصر
إلى أفضل 20اقتصاد عالمى بحلول عام 2030.
دعوة الرئيس لمؤتمر إقتصادى وطنى يجعلنا مطمئنين إلى النجاح في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، المستندة
على الإجراءات الوطنية وعلى إقامة شراكات متعددة الأطراف مع الحكومات والمنظمات غير الحكومية، وعلى تعزيز
التعاون بين الكيانات الوطنية والمحلية، والتشجيع على الشمولية في عمليات صنع القرار. وعلى إتاحة أهداف
التنمية المستدامة كفرصة جديدة لإظهار الالتزام بخدمة الناس وبناء الثقة. مؤتمر يجعلنا مطمئنين إلى ضرورة ان
يكتسي العلم بأهمية بالغة لفهم وتحديد أوجه التآزر والمفاضلة بين أهداف التنمية المستدامة، وأن تلتمس مصر فيه
أيضا آراء الخبراء بشأن النهوض بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة والاستفادة من طابعها الشامل، لتحقيق الهدف
الشامل.
كاتب المقال رئيس المنتدى
الإستراتيجى للتنمية والسلام
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.