كتب مصطفى ياسين :
عُقد، بالعاصمة اللبنانية، الحدث المسكوني الموسيقي “بيروت 2024″، إحتفالًا بأسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيّين، والسنة الخمسين لتأسيس مجلس كنائس الشرق الأوسط، بحضور رؤساء مجلس كنائس الشرق الأوسط، وقيادات الكنائس في المنطقة.
الاحتفال كناية عن أمسية مرنّمة قدّمتها جوقة مسكونيّة جمعت أكثر من 300 مرنّم وعازف ينتمون إلى كلّ العائلات الكنسيّة والمناطق اللّبنانيّة، حيث أدّوا مجموعة من الترانيم والألحان تمثّل مختلف الطقوس والتقاليد اللّيتورجيّة والكنسيّة، تأكيدًا على روح الوحدة المسيحيّة والغنى في تنوّع كلّ الكنائس. كما شمل الحدث وقفات صلاة وتأمّل وجّهها رؤساء الكنائس بإسم جميع المؤمنين، على نيّة الوحدة والسلام في الشرق الأوسط والعالم. وقد جرى التحضير لهذا الحدث من قبل شباب مؤمنون ناشطون في كنائسهم وبرعاية ابرشية انطلياس المارونية في لبنان.
وجّه الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط د. ميشال عبس كلمة بعنوان “مناجاة الرب من اجل الانسان”، شدّد فيها على الوحدة المسيحيّة وقال “من جميع مناطق لبنان، وقف الرب، اتينا اليك، كما من مجتمعات الجوار، نعلن اننا واحد، لان الرب واحد، والبيعة واحدة، وان ايماننا ومحبتنا هما في خدمة الانسان، كل انسان، أي انسان، لكي تكون له حياة، وليكون له أفضل، كما اردت برسالتك الخلاصية للجنس البشري”.
وتطرّق د. عبس إلى السنة الخمسين لتأسيس مجلس كنائس الشرق الأوسط وبرنامج الأنشطة الّتي ستُقام
للمناسبة حيث تُستهلّ بالحدث المسكوني الموسيقي “بيروت 2024”. وأشار إلى أنّ “امسيتنا الروحية المسكونية
الليلة، هي نتاج الروح القدس، تجسد عبر وسائل إنسانية هادفة، عبر مؤمنين، عملوا بإصرار وعزم، من اجل تحقيق
هذا الحدث الموسيقي المسكوني النموذجي، الذي يجمع كنيسة المسيح الواحدة الاحدة، في تسبيح وتمجيد
الرب، باري الخليقة، انطلاقا من لغات وثقافات متعددة، تعبر عن التنوع والغنى الثقافيين الذين يزخر بهم الشرق
الأوسط، محولين الفروقات الى تكامل والاختلاف الى تضامن”.
يوم العنصرة
وتابع د. عبس “لا يستغربن أحد ان هذه الجوقة المباركة تنطق بألسنة متعددة، فهي ممتلئة من الروح القدس الذي
أعطاها ان تنطق هكذا، كما حدث يوم العنصرة. سوف يكون انشادنا الليلة صاعدا الى السماء، بقوة الروح التي
تجمعنا، وسوف يكون، في هذه المنطقة المنكوبة، اقوى من صراخ الحاقدين وقتلة الانسان، واعلى من دوي
قنابلهم”.
حضر الحدث الّذي احتضن نحو 10 آلاف مشارك، كلّ من غبطة البطريرك يوحنّا العاشر، بطريرك أنطاكية وسائر
المشرق للرّوم الأرثوذكس ورئيس مجلس كنائس الشرق الأوسط عن العائلة الأرثوذكسيّة، حضرة القسّ د. بول
هايدوستيان، رئيس إتّحاد الكنائس الإنجيليّة الأرمنيّة في الشرق الأدنى، رئيس جامعة هايكازيان في لبنان، ورئيس
مجلس كنائس الشرق الأوسط عن العائلة الإنجيليّة، غبطة البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان،
كاثوليكوس بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك ورئيس مجلس كنائس الشرق الأوسط عن العائلة الكاثوليكيّة، غبطة
البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، ممثّلًا بسيادة المطران بولس
صيّاح، النائب البطريركي العام، قداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق
والرئيس الأعلى للكنيسة السريانيّة الأرثوذكسيّة في العالم والرئيس الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط، غبطة
البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي والرئيس الفخري لمجلس كنائس
الشرق الأوسط، غبطة البطريرك يوسف العبسي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الملكيّين الكاثوليك والرئيس
الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط، قداسة الكاثوليكوس آرام الأوّل، كاثوليكوس الكنيسة الأرمنيّة الرسوليّة
لبيت كيليكيا، والرئيس الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط، ممثّلًا بسيادة المطران جوميداس اوهانيان.
كما شارك في اللّقاء ومن كلّ دول المنطقة، عدد كبير من السادة المطارنة من مختلف العائلات الكنسيّة، والجمعيّات
الرسوليّة والتربويّة، آباء كهنة ومسؤولين، راهبات ورهبان وإكليريكيّين، وكذلك الأمين العام لمجلس كنائس الشرق
الأوسط د. ميشال عبس، الأمناء العامين المشاركين في المجلس، أعضاء لجنته التنفيذيّة وفريق عمله. شارك في
الحدث أيضًا شخصيّات سياسيّة ورسميّة، ممثّلين عن منظّمات وجمعيّات معنيّة، شبان وشابات من مختلف الحركات
الشبابيّة الكنسيّة، ومؤمنين أرادوا الصلاة معًا.
مشاركة رؤساء الكنائس
إفتتح الحدث الّذي نُقل مباشرةً على شاشة MTV اللّبنانيّة وسائر القنوات المسيحيّة، عرّيف اللّقاء الإعلامي ريكاردو
كرم، حيث تميّز بمشاركة رؤساء الكنائس في الصلاة والترنيم مع الحاضرين. خلال الترانيم، تلا حضرة القسّ د. بول
هايدوستان صلاة وحدة المسيحيّين المرجوّة منذ عقود. ودعا قداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني إلى الصلاة
لنكون جميعُنا واحدًا كما هو والآب واحد، حيث تلا صلاة يسوع الكهنوتيّة من أجل الوحدة إنطلاقًا من النصّ البيبلي
يوحنّا 17: 21-26. كما ألقى غبطة البطريرك يوحنّا العاشر “التعظيمات الثالوثيّة” مسبّحًا الثالوث الفائق اللّاهوت، الآب
الأزلي المبدع الكُلّ. وألقى غبطة البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان صلاة التسبيح مشدّدًا فيها
على محبةُ الله الآب، ونعمةُ الإبن الوحيد، وشركة وحلول الروح القدس. هذا وصلّى سيادة المطران أنطوان بو نجم،
راعي أبرشيّة أنطلياس المارونيّة، التسبيح بمجد الله حسب القدّيس بولس الرسول. إلى ذلك، تلا رؤساء الكنائس
معًا صلاة تكريس المدينة على نيّة إحلال السلام وإحقاق الحقّ والعدالة في كلّ العالم.
تجدر الإشارة إلى أنّ هذا الحدث هو نشاط مسكوني بامتياز، يكلّل الجهود الأخرى الّتي تشملها الحركة المسكونيّة،
من لقاءات روحيّة وحوارات لاهوتيّة، ومشاركة في شتّى أنواع الخدمة. علمًا أنّ هذه المبادرة انطلقت من الإيمان بأنّ
الروح القدس الّذي يفيضه الله في كلّ كنيسة، يتجلّى عمله أيضًا في الأنغام والترانيم الّتي ينشدها المؤمنون معًا
في الإحتفالات اللّيتورجيّة، والّتي شكّلت على مرّ العصور التقاليد الموسيقيّة المتنوّعة في غناها والغنيّة في تنوّعها.